ما هي الردة عند القراي لينفيها عن نفسه؟

ذكرت الأخبار أنه تم تحديد 7مارس الحالي موعداً لانعقاد أول جلسة في الدعوى المدنية المقدمة من المدير السابق للمركز القومي للمناهج، الدكتورعمرالقراي ضد الكاتب الصحفي الطيب مصطفى، رئيس حزب منبر السلام العادل، نتيجة انتقاده له بسبب التغييرات التي أجراها على المناهج، والتي لاقت احتجاجا واسعا من الرأي العام في السودان. تتضمن مواد الاتهام المادة 126 الاتهام بالردة، و160 الإساءة، والمادة 66 نشر الاخبار الكاذبة.

ويقول الخبر: إن الطيب مصطفى وأكثر من ثمانين أكاديمياً وعالما، مع مجموعة كبيرة من الآباء كانوا قد تقدموا قبل عدة أشهر بعريضة للمحكمة الدستورية ضد القراي.هذا ما أورده الخبر.

وأنا هنا أقف في هذا المقال مع تهمة الردة فحسب، إذ هي أخطر الاتهامات وأسهلها على التفنيد من أقوال القراي نفسه وأفعاله. إن الردة تعريفاًهي: (ترك الإسلام بعد الدخول فيه بالقول، أو الفعل الذي هو كفر، سواء صدر عن اعتقاد أو عناد أو استهزاء. وتشمل التحول إلى دين آخر، أو رفض الإيمان ليصبح لا دينيًا، من قِبل شخص ولد في عائلة مسلمة أو أسلم سابقًا) ذلك ما عُرفت به الردة لغة.

والذين حضروا مجالس القراي أيام انتشاره، أو سمعوا أقواله من خلال تسجيلات بصورته وصوته، وهو يتحدث عن أمور معلومة لكل مسلم بالضرورة، ويناقضها مناقضة بينه، ولاسيما تلك التي وردت في نصوص آيات محكمات من كتاب الله، لأيقن بأنه ينطبق عليه تعريفُ المرتد لغة ومعنى.

ومن أوضح ما عُرف عنالقرايفي هذا المعنى، تفسيره للآية الكريمة:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ…” (النساء)-1. فقال القراي في ذلك نصاً: (المفسرين قالوا النفس الواحدة نفس آدم، لكن آدم ما برضو مخاطب بنفس القرآن، الآية تقول ليه يا آدم اتق ربك الذي خلقك من نفس واحدة)وهنا كذب القراي كذبة أوضح من الشمس.

أولا ليس في القرآن آية تقول:( يا آدم اتق ربك الذي خلقك من نفس واحدة) لا نصا ولا معنى. ومعنى ذلك حسب قول القراي، أن ذلك القرآن نزل قبل آدم، ولما أنزل إلى الأرض وجد القرآن ناصحا له بتقوى الله، الذي خلقه من نفس واحدة، وإلا فكيف يخاطب الله بالقرآن آدم، وهو ما أنزل القرآن إلا على رسوله محمد بن عبد الله، الذي كان آخر رسله، وآدم هو أول من خلق من البشر على هذه الأرض. فذلك قول لا يقوله أي شخص له مسكة من عقل، أو له دِينٌ يخاف به ربه. بصرف النظر عن فذلكات فكرهم الجمهوري؛ إن كانت نفس آدم نفسا واحدة أم غير ذلك من التلاعب بالألفاظ التي قصد منها تبرير ما لا يبرر.

جاء القراي بذلك القول ليبرر به تفسيره الشركي، الذي يقول فيه إن آدم خُلق من النفس الواحدة التي هي نفس الله، ومن هذه النفس الواحدة وهي نفسه، خلق الله منها زوجه، أي أن الله في زعم القراي خلق لنفسه زوجا من ذاته، تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً، وهو بذلك يناقض قول الله تعالى: ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)الأنعام(101)ففي هذه الآية تساؤلٌ استنكاري، أي كيف يكون لله ولدٌ ولم تكن له صاحبة، أي زوجة؟ والقراي يقول إن لله زوجا خلقها لنفسه من ذاته، ومن هذه الزوج جاء رجالٌ كثير ونساء، أي تكاثر الناس من هذه الزوج، وبذلك جعل القراي اللهَ سبحانه الجدَ الأول للبشرية وليس آدم، تعال الله عن ذلك علواً كبيرا.فأصبح لزاما على الذين سيجلسون لمحاكمة الطيب مصطفى بتهمة الصاقه الردة بالقراي، من قضاة، ومدعي اتهام، وشهود له، ومحامين عنه، أن يبينوا للناس أن ذلك الذي أتي به القراي ليس ردة، ومرجعهم في ذلك الوثيقة الدستورية، التي جُعلت في هذا الصدد حجة تعلو على القرآن.

فمن يكفره القرآن فليس بكافر طالما أن الوثيقة الدستورية لا ترى ذلك كما يُفهم.ثم ليشرحوا للناس ما هي الردة إذاً، وما هي الأعمال أو الأقوال التي تؤدي إليها، حتى يثبتوا الحجة على الطيب بأنه اتهم القراي زورا؟!والقراي على رؤوس الأشهاد ينفي عن الله الوحدانية، والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يتلون:”قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴿1﴾،و القراي كأنه يقول للمسلمين إن الله ليس أحداً، وإنما معه زوجه التي خلقها لنفسه من ذاته. أردةٌ هذا القول أم ليس بردة معشرَ ظهيرِ القراي؟
والأمر العجيب من هذا الجمهوري الخَطِل، أنه يستدل على قوله الشركي هذا بإثبات زوج لله تعالى بالآية الأولى من سورة النساء( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ…) وسورة النساء سورة مدنية، وهم معشر الجمهوريين لا يحتجون بالقرآن المدني، لأنه قرآن يثبت الأحكام التي رفضوها،اتباعاً لرفض (أستاذهم) محمود محمد طه لها، الذي رفضها هوالآخرُتأسيساً على أصول مذهبه البهائي، الذي لم يغادر أصوله قيد أنملة. فقد ادعى محمودٌ لنفسه ما ادعاه البهاءُصاحبُ المذهب بالأمس لنفسه من ألوهية. واتباع محمود المذهب البهائي، أمر كتبتُ أنا فيه قبل سنوات في هذه الصحيفة الغراء، موضوعا في حلقات بعنوان: (وما محمود محمد طه إلا رجل بهائي العقيدة) زيادة على ذلك فإن القرايلا يؤمن بأن الإسلام شرط لدخول الجنة، نافيالقول الله تعالى:( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)85آل عمران.

فالقراي يكفر بذلك النص القرآني،ويقول إن الجنة يدخلها حتى من وصفهم الله تعالى في قرآنه بالكفر ووعدهم بالخلود في النار، فما رأي مناصري القراي في قوله هذا الذي يرفض فيه نص القرآن المحكم أردة أم ليس بردة؟
يقول القراي: إن القرآن لم ينزل باللغة العربية، لأن الله لا يتكلم العربية، لأن الله ليس عربيا، نافيا قوله تعالى:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)إبراهيم (4) ،فشاء الله سبحانه وتعالى أن تكون رسالته الخاتمة للناس كافة بلغة العرب.ولأنه ليس ممكناً أن تكون الرسالة الخاتمة، وإن كانت للناس كافة، جامعةلكل اللغات في لغة واحدة آن واحد، فهذا محال. فلا بد من أن تكون بلغة واحدة، فأراد سبحانه وتعالى أن تكون بلغة العرب ابتداء، فكان مبلغُها رجلاً منهم بلسانهم.والقراي لا يصدق أن القرآن الذي في أيدي الناس هو القرآن بنصه الذي أُنزل على محمد بن عبد الله. ومع نفيه له أن يكون قد أنزل باللغة العربية، لم يخبرنا بأي لغة قد أُنزل؟ ومن ثم فهو لا يؤمن بهذا القرآن الذي يتعبد الناسُ ربهم به.

فليخبرنا أتباع ملته من الجمهوريين، أو من مناصريه الذين سيدافعون عنه نافين عنه تهمة الردة بأي لغة أنزل القرآن الذىلا يؤمن القراي بنصوصه؟ وهو يقول للناس في مشارق الأرض ومغاربها، إن النصوص العربية التي تتعبدون ربكم بها ليست هي القرآن الذي أنزل على محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، الذي ينازعه أستاذهم ختم الرسالة. فهل أخبرونا معشر الجمهوريين عن ذلك القرآن الذي هو غير الذي بين أيدينا؟!!!

المصدر: الانتباهة أون لاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.