مشروع الجزيرة.. “ايلا” يفكر في الاتجاه الصحيح أخيراً

السعادة الغامرة التي تلقّف بها المواطنون قرار تعيين محمد طاهر ايلا، والياً لولاية الجزيرة، تصلح كمنصة لاستقراء العلاقة بين الرجل وبين أبناء الجزيرة في مقبلات الأيام. ويكفي هنا الإشارة الى أن المزاج العام في الجزيرة، يبدو متصالحاً مع البيجاوي الطموح، وهو ما يمكن أن يُسهم في نجاح مهمة الرجل الذي انتدبه الرئيس لينهض بالجزيرة، أو كما قال ذات مخاطبة جماهيرية.

لمرتين، تلقيت الدعوة من بعض أبناء الجزيرة لملاقاة “ايلا” ضمن مجموعة من صحفيي وإعلاميي الجزيرة، بتنسيق محكم من ابن الجزيرة النشط حزب النصير احمد الخير، لقدح الأفكار في إطار العصف الذهني الجمعي للمهمومين بتطوير الجزيرة. وفي المرتين كنت أعتذر بلطف، على اعتبار أن الغبار لا يزال كثيفاً بيننا في صحيفة (الصيحة) وبين محمد طاهر ايلا، منذ أن كان والياً على ولاية البحر الأحمر، وحتى بعد أن تمت تسميته والياً على الجزيرة. لكن جبال القطيعة الباردة والعداء غير النشط، لن تمنعنا من ركوب موجة التفاؤل بأن يصلح “ايلا” بعضاً من الحال المزري الذي وصلت إليه ولاية الجزيرة، وخصوصا المشروع الذي كان ملء الأسماع والأبصار..!

ومع أن مسيرة ولاية الجزيرة مع حكومات المؤتمر الوطني مُرّة وبائسة في أحايين كثيرة، وتبدو غاية في السوء، إلا أن الأمل يبدو قائماً، بانصلاح الحال. فإن لم يكن من باب الثقة في حكام المؤتمر الوطني، فمن باب أن “ايلا” حاز على رضا قطاعات شعبية واسعة. وهذا يكفي لتغيير بعض الصورة الرابضة في المخيلة الجمعية لشعب الجزيرة، عن مناديب المؤتمر الوطني في الولاية الوسطية. لا سيما أن بعض أصحاب الرأي الموجب، قد جايلوا ايلا في فترات سابقة.

وما يبعث على الأمل أن الوالي محمد طاهر ايلا، أعمل آلته لتغيير وجه الجزيرة الشاحب، وشرع – بحسب ثقاة – في بذر بذرة التنمية هناك. صحيح أنه يُعاب على “ايلا” ميله الى التنمية المركوزة في المدن، ويُوخذ عليه رهانه على تنمية “الحجر” وليس “البشر”، كما يردد معارضوه. لكن ذلك لن يكون سبباً في أن “ندس منه المحافير”. فالرجل يبدو الأفضل، حينما يُقارن مع ولاة آخرين، تناوبوا على الجزيرة. ولست في حاجة الى القول إن “إخوانه” الولاة فاشلون في كل شيء.. كل شيء، بما في ذلك “تنمية الحجر”، المأخوذة على “ايلا”. وهذه وحدها جعلت الكثيرين يتوجونه ملكاً على ولاة الولايات، على اعتبار أنه يبدو حالة فارقة، وفقاً لمقاييس الإنقاذ.

شخصياً تتمكلني قناعة بأن ايلا يملك تجربة فريدة ومدهشة، لتنمية الكادر البشري في ولاية البحر الأحمر. وعن نفسي، أجدني مبهورا بها حد الترف، وهي تجربة التعليم مقابل الغذاء. فهي واحدة من الأفكار العبقرية التي يمكن أن تغيّر الواقع تماماً. وظني أنه يتوجب على الحكومة – بدلاً من الترويج للأفكار السمجة – أن تُعمّم هذه التجربة، ففيها صلاح الكادر البشري لبناء البلاد، على النحو المأمول، لأن “ايلا” كان يمنح الأسر مقابلاً مادياً – أو شيئاً من ذلك – من أجل أن ترسل أبناءها للتعليم، في ولاية يجبر الفقر أهلها لتشغيل أنبائهم، للمساهمة في دخل الأسرة، بدلا من الحرص على تعلميهم.
ما دعاني لكل ذلك، هو حديث الوالي ايلا، عن قرارات رئاسية مرتقبة، يُنتظر أن تعيد الى مشروع الجزيرة سيرته الباذخة. وهي حديث يرقى لأن يصنف ضمن المحفزات في أزمنة الإحباط السياسي والاقتصادي. فالرجل الذي سحر قلوب الكثرة الكاثرة من أهل الجزيرة، يبدو أنه تفطّن أخيراً الى أن “الترابلة” هناك، ليسوا مأخوذين بالمهرجانات الراقصة والماجنة، وأنهم مفتونون بحب التراب و”المحرات” والطورية. فهل يحقن ايلا أوردة المشروع بأمصال التجديد، وهل يضخ الرجل هواء العافية في رئة عملاق الجزيرة، بحيث يكون المنتوج حصائداً ممتدة تصل خيراتُها الى كل السودان؟!

المصدر :صحيفة الصيحة




مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.