دماء الشباب..البيع والشراء..!
لهم الرحمةُ ولذويهم الصبرُ والسلوان
قبل عامين:
الجميعُ كانوا يعلمون بالعزمِ على فضِّ الاعتصام..!!
طُويتْ خيمةُ الأنصار على عجل، وغابَ الكبار، وهاتفَ الربيعُ صديقته:
عليكِ المغادرةُ الآن عزيزتي، إنَّهم قادمون..!!
الشبابُ كانوا بصدورٍ عارية وهاماتٍ عالية وعلى اللسانِ نشيدٌ، في انتظارِ الموتِ ولكن أين اختبأ الكبار…؟!
هربوا الى المنازلِ والمخابئ والسفارات..!
لو أنّ صحفياً سألهم سؤالاً واحداً:
أين كنتم ساعةَ فضِّ الاعتصام؟!!!
لساد الصمتُ وزاغ البصرُ وجفَّ الحلق.
لا توجد صورةٌ واحدةٌ تُوثِّق لوجودهم هناك، سوى صورةِ مدني عباس، يُلقي برأسه على كتفِ آخر، وقميصُه قُدَّ من جنبٍ، وسقطت منه زرارتان..!
زرارتان مقابلَ عشراتِ الأرواح…!
لن تتوقّف دماءُ الشبابِِ عن النزيف ولو ارتوتِ الأرضُ وغضبت السماء.
دماءُ الشباب، بضاعةُ سماسرةِ السياسة، الانتهازيُّون المتلوِّنون.
يترحَّمون بلسان، ويُراوغون بلسان، ويرقصون على كل الحبال..!!
من على منابرِ الثلجِ سيعبرون عن حزنٍ كذوب وغضبٍ عابر.. وما إن تُشرقُ الشمس ستعلو المصالحُ على الجراحِ والمقاعدُ على الشعارات..!!
لن تجدهم في منازلِ الشهداءِ للعزاء، فهم مشغولون بترتيبِ حقائب رحلةِ باريس.
إنّها لعبةُ السياسة السودانية منذ زمانٍ، الزجُّ بالشبابِ في المحارقِ وفوزُ الكبار (الصغار) بالمقاعدِ والامتيازات..!!
نعم، يستطيع الكذبُ أن يدورَ حول الأرض، في انتظارِ أن تلبس الحقيقةُ حذاءها..!!
المصدر: صحيفة السوداني
اين كنت انت يا صياء