سعوديان يزوران الخرطوم لتفقد ولقاء معلمهما السوداني بعد (23) سنة!!
لم يتوقع معلم اللغة العربية المعتق “عثمان أحمد منوفلي” الذي ترك التدريس والعمل بالمملكة العربية السعودية قبل أكثر من (23) عاماً، أن يكون وفاء تلاميذه من السعوديين الذين أحبوه ونهلوا من علمه كثيراً، يصل لدرجة زيارتهم له بعد هذه السنين الطويلة في بلده السودان متفقدين أحواله والاطمئنان على صحته.
وفي حديث ليس بالمبالغة وعرفاناً بالجميل قال أحد هؤلاء الطلاب السعوديين الذين أصبح لهم شأن كبير في بلدهم وهو المهندس “سعيد محمد”، (كنت سآتي باحثاً عنه ولو عبر الإعلان في الصحف والتلفزيونات) كون الأستاذ “منوفلي” معلم نموذج في التدريس والتعامل، حبب إليه مادة اللغة العربية بجانب تعامله معهم كأب وأخ مع جميع الطلاب وتميزه في منطقة تهامة كسوداني نشط. أما “عبد الله” فأكد أن الأستاذ “منوفلي” حبب له اللغة العربية كثيراً.
وتعود تفاصيل زيارة الوفاء هذه، أن الأخوين “سعيد” و”عبد الله محمد منديل الزهران”، كان قد درسهما الأستاذ الفاضل “منوفلي” بالمرحلة الابتدائية والثانوية منذ العام 1985م، وتقديراً له كمعلم أفنى عمره في تعليمهم والاهتمام بهم حتى نجحوا في حياتهم.
ويقول معلم اللغة العربية “عثمان أحمد منوفلي” والذي هيمنت عليه سكينة رائعة عندما أتي بصحبة طلابه، وهم يتحدثون عنه أنه ترك المملكة في العام 2002م عائداً لوطنه مستقراً في منطقته “أبوجبيهة” بجنوب كردفان، مؤسساً لمدرسة خاصة ومزارع هاويا، إنه عندما كان بالسعودية ومنطقة تهامة تحديداً بلاد قبيلة الزهران الكرام والشعراء العظام، أحس فيهم بالبساطة وحسن النية والكرم والتواضع، كما تنبأ لأبناء المنطقة من طلابه بالنبوغ والتفوق في مستقبلهم. وقد كان لسعيد أن أصبح مهندساً كهربائياً تخصص في الالكترونيات ورجل أعمال مرموق، والآن مالك ومدير لكبرى الشركات في السعودية والشرق الأوسط هي (الرواد)، أما شقيقه “محمد” حاصل على الدكتوراه في اللغة العربية ونابه ورجل أعمال كبير.
ويحكي أستاذ “منوفلي” عن لقائه بطلابه بعد غياب طويل أنه ذات عصر وهو في مزرعته وما أن سمع صوت تلميذه النابغ “سعيد”، مسته هالة من الفرح وكاد لا يصدق عبر اتصال هاتفي من السعودية قبل أكثر من عام، وبعد ما تحدث أرسل له زيارة ومكث هناك بأفخم الفنادق وتم تكريمه تكريماً رائعاً حشدت له وسائل الإعلام، وعاد شاكراً ومقدراً لهذا الوفاء النبيل على وعد أن يزوره في بلده السودان. وقد كان وهو سعيد بهذه الزيارة للغاية.
“سعيد” و”محمد” يؤكدان أن الشعب السوداني شعب أصيل وكريم شقيق للشعب السعودي ومحط احترامهم، لفت نظرهم حسن الاستقبال والتكاتف الاجتماعي بين الأسر الذي قالوا إنهم يفتقدوه في السعودية، واليوم ستنتهي زيارتهما للسودان بعد أن عانقت أعينهم معلمهم ووجدوه في أتم الصحة والعافية، وكانت تعابيرهم الصادقة تطل بسلوك راقي ومشاعر نبيلة تكسو وجوههم تعابير تأبى أن تخرج كلها وهم يتحدثون عنه وينظرون إليه بكثير من الرقة والقوارض في مشهد آسر وإنساني فريد، فهم رجال المستقبل الآن لم تشغلهم مناصبهم وأعمالهم وأوقاتهم الثمينة، أتوا للسودان وأقاموا بأبسط المناطق فيه تواضعاً كان خلال خمسة أيام ما بين أم بده والخرطوم وشرق النيل، طالبين حياة بسيطة كبساطة السودانيين فوفر لهم “خليل عبد الله أبو جمعة” إقامة طيبة مريحة بمنزله مع صديقه الأستاذ “منوفلي”، ووفاءً لسوداني آخر يعمل مع “سعيد” بالرواد بالمملكة سافروا لأهله بسنار بكل رحابة صدر، سعداء بزيارة السودان لأول مرة وتتدفق منهم مشاعر الود لكل السودانيين.
المصدر: المجهر السياسي