ريكاردو.. صانع الربيع الأفريقي للأندية السودانية

ترفد كرة القدم البرازيلية العالم مع كل فجر جديد بنجم يلمع في سماء العبقرية.. ساحر يلقي عصاه.. يدهش الناظرين.. ويذهب بالعيون الساهمات بعيداً.. إلى عوالم من البديع فيها ما عين رأت ولا خطر بقلب بشر.. ولأن قلوب السودانيين والهة بحب البرازيليين كانت الاستعانة بعديد منهم في منظومة تدريب كرة القدم.. لم يكن ناغويرا أولهم ولكن البروفيسور الأنيق هيرون ريكاردو فيريرا أفضلهم وأكثرهم نجاحاً من خلال ثلاث محطات مهمة جداً صنع فيها المجد لنفسه ولعملاقي أم درمان ونمور دار جعل.
استقبلت أسرة فقيرة في مقاطعة ريودي جانيرو مولودها الجديد «هيرون» الذي عاش طفولة عادية بعيداً عن الشغب والضوضاء مع الرفاق.. وفرضت عليه الظروف الاتجاه للمدارس الحكومية خارج أسوار المؤسسات التعليمية الخاصة، التي كانت تضم بين جدرانها الأثرياء وأبناء الذوات.. لم يكن طالباً مميزاً من الطليعة، بيد أنه حقق نجاحاً باهراً في مقبل الأيام،

وحقق رغبته على مدارج جامعة ريودي جانيرو بكلية التربية الرياضية «قسم التربية البدنية» وحصل على شهادة لتدريب كرة القدم إلى جانب شهادة أخرى لتدريب الكرة الطائرة ووصل لدرجة البروفيسور وعمل محاضراً لمناهج التربية.
لم يكن ريكاردو نجماً مشهوراً كلاعب لكرة القدم، وخلت قوائم الأندية الكبيرة من اسمه، ولكن رغبته وثابة متطلعاً إلى النجومية من زاوية مختلفة كمدرب، واتجه للتدريب كمدرب للياقة بدنية في سن مبكرة مع الفريق الذي كان يلعب به، وكانت بدايته الفعلية في سن الثلاثين عام 1988م مع فريق أولاريا البرازيلي وتنقل بين عديد الأندية بالقسم الثاني وحصل على بطولة شركة الإطارات الراعية لنادي إنتر ميلان الإيطالي عام 1993م، ثم بطولة القسم الثاني مع فريق جوفنتوس، وهي التجربة التي نقلته إلى أميركانو، أشهر الأندية هناك.
حزم ريكاردو حقائب الرحيل وهبط طائرة بعد رحلة طويلة بالرياض، الصامة السعودية في العام 1997م في أول محطة خارجية لصالح فريق الأمراء «الهلال» ووصل به إلى نهائي كأس ولي العهد وتنازل عن العرش للاتحاد العميد، وسرعان ما عاد إلى بلاده لحساب نادي ايتوانو، وفي موسم 2001م كانت المناسبة التي غيرت في هيرون كثيراً عندما نجح في الحصول على بطولة الدوري البرازيلي القسم الأول كمساعد للبرازيلي الشهير لوكسمبرجو مع فريق كورينثيانس ليتولى بعدها بعض أندية الممتاز البرازيلي مثل سانتا كروز وفيجورينسي.
*المجد الهلالي
في صيف العام 2005م اتجه مدربنا المغامر نحو تجربة مجهولة لتولي الأمور الفنية مع فريق الهلال السوداني بواسطة كابتن محمد عبدالجواد، قائد المنتخب السعودي بكأس العالم بالولايات المتحدة الأمريكية 1994م، وهو صديق لريكاردو بحكم زواجه من برازيلية، وتم الانتداب في عهد الرئيس الأسبق صلاح الدين أحمد إدريس، وكان المدرب على موعد مع المجد، حيث صنع نجوميته بالقارة السمراء، مثلما كتب حروف الربيع للأزرق بأفريقيا في كبرى مسابقاتها (دوري الأبطال)، حيث وصل به لمرحلة المجموعات لأول مرة في تأريخه، بل ضرب موعداً في نصف النهائي في النسخة نفسها قبل السقوط الدراماتيكي أمام النجم الساحلي التونسي بالفوز(2/1) في أم درمان و(1/3) في سوسة الساحلية، ونصف نهائي دوري أبطال العرب قبل الخروج على يد الوداد المغربي وكرر سيناريو المجموعتين في 2008م.. وفعل المدرب كل ما تعلمه من السحر الكروي البرازيلي لأجل تربع الهلال على عرش أفريقيا، ولكنه رحل مع الأسف والاحترام دون تحقيق الحلم الأفريقي.
*تدريب الغريم
عاد ريكاردو إلى السودان مجدداً، هذه المرة عبر بوابة القلعة الحمراء مع المريخ الغريم بعد غياب دام ثلاث سنوات.. وحقق نتائج جيدة ووصل معه إلى نصف النهائي من كأس الاتحاد الأفريقي (الكونفدرالية) في 2012م، لتتم الإطاحة به بعد السقوط أمام ليوبارد الكونغولي.
ذهب ريكاردو، وظن الجميع أنه لن يعود بعد تجربة عاصفة وناجحة مرت بعديد المنعطفات مع العملاقين، ولكن لأن صلاح إدريس معجب بالفكر التدريبي للبرازيلي، أعاد استقدامه مجدداً إلى السودان واتجه به نحو دار جعل مع فريق الأهلي شندي الموسم الحالي، ولم يخيب البروف أمل الأرباب فيه، وهو يمشي أولى خطوات النجاح بكأس الاتحاد الأفريقي ويعلن رسمياً أمس الأول لدور الستة عشر بالتفوق على سانت لوبوبو الكونغولي بالخسارة في لوممباشي (1/2) والفوز بهدف وحيد في شندي.
تزوج نجمنا من حسناء برازيلية وله ابن صنع نجوميته بيديه في كرة السلة قبل الاتجاه كلياً للدراسة بالأكاديمية الرياضية في ريو.. وله ابنة وحيدة لم يرق لهم العيش في السودان بسبب نمط الحياة الخالية من الترفيه كما قال، وقد تزوج للمرة الثانية وأنجب ولداً وبنتاً، وله أخت كانت تسكن في جزيرة ميامي، وهو دائماً يتحدث عن افتقادها لها واشتياقه إليها.
إنه عاشق الشعر والأدب والسودان والسودانيين (هيرون ريكاردو فيريرا) المولود في العام 1958م.

المصدر: اخر لحظة


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.