ناهد قرناص : بين ليلة وضحاها
سودافاكس – أهلي في وادي حلفا كانوا لا يسمعون بالأخبار ولا يعرفون ما يجري الا عند وصول قطار الاكسبريس ..لذلك وصول القطار عندهم كان يعني الكثير ..لكي نشرح أنفسنا لناس سنة تامنة ..انقلاب الانقاذ كان يوم جمعة ..لكن أهلي في وادي حلفا عرفوا بالانقلاب يوم الاثنين ..بعد وصول الصحف التي حكت عن انقلاب بقيادة عمر البشير ..ثلاثة ايام وهم يعتقدون ان الراحل الصادق المهدي لا يزال على قمة الحكم ..يعني عاشوا ثلاثة ايام في الديمقراطية زيادة .. اليوم أحسست أني في وادي حلفا ..
وعشت ليلة كاملة في برزخ الانتقالية ..اذ انني لم أسمع بالانقلاب الا عند حضوري للعمل ومازحتني زميلة قائلة ..(مالك اتأخرت؟ كنتي في المدرعات ولا شنو ؟ )..(ايش حاصل ؟) قيل انقلاب ..قلت تااااني ؟ تاااني يا جماعة ؟ حتى متى سنظل ندور في دوامة الانقلابات والتغييرات التي تأتي بالقوة ؟
سؤال يراودني كلما سمعت بقصة انقلاب عندنا او في الدول المجاورة ..انتوا يا جماعة فقه الانقلابات هذا هل هو متلازمة جينية متنحية في جيوش دول العلم الثالث ؟ تكون كامنة حتى اذا وجدت البيئة المناسبة تزهر وتثمر وتنتج تمرداً وانقلاباً ومحاولات تغيير فاشلة ؟ ذلك ان الجيوش في العالم الأول والثاني مقرها الثكنات ومهمتها حماية الأرض والاستجابة عند تعرض بلادهم للمخاطر ..ما بال الجيوش عندنا فهمها (غير)؟
من يذهب ليقول لهم سعيكم مشكور يا اهل الخير ..(شايلنكم لي عوزة). طيب عشان نجيبها من الآخر ..الشعب السوداني تعب فعلاً من الأوضاع الاقتصادية الصعبة ..تأزم جداً من الغلاء ..وبلغت الارواح الحلقوم من انفلات الأمن ..وعندنا رأي في شاغلي أغلب المناصب التنفيذية ..ونعتقد انهم أقل قامة من الثورة التي بذلت الدماء من أجلها ..وقدم خيرة الشباب أرواحهم فداء لها ومن أجل وطن ننعم بخيراته اجمعين ..لكن السؤال الذي يطرح نفسه بالضرورة ..هل الحل في الانقلاب ؟
تغيير وجوه ؟ لا أظن ..لأن ذلك يعني ببساطة اعادة المحاولة وانتظار نتيجة مختلفة دون ان نبذل مجهوداً في تغيير المدخلات …الانقلاب لن يغير شيئا ..لن يضيف شيئاً ..وسنظل نلف في ذات الصينية الى يوم يبعثون ..لذلك نقول جربوا غيرها ..قصة الانقلابات صارت لا تؤتي أكلها معنا. همسة في اذن المكون العسكري: إحباط المحاولة لا يعني انها لن تحدث مرة أخرى ..على حد قول نجيب الريحاني ( ..حاسس بمصيبة جايالي ) ..أخشى ما اخشاه ان تكون هذه المحاولة هي المناظر ..وان (الفيلم ) في طور المونتاج بعد ان تم تمويله وتمثيله وإخراجه ..وباقي فقط الاتفاق على دور العرض التي سيتم بثه من خلالها …(ترى كلمتكم أها).
همسة في أذن المكون المدني:..لا تركنوا الى صبر الشعب السوداني كثيراً ..فان هو رفض الانقلاب بالامس وغداً ..لا يعني ذلك انه راض عن أداء الحكومة ..هو ببساطة يخشى ان يضيع مجهوده هباء منثورا ..ان تضيع ثورته العظيمة التي جعلته لأول مرة في مصاف الشعوب الحرة الأبية التي تملي ارداتها ويستجيب القدر .لذلك اتركوا الفيس بوك وتوتير وقوموا الى مهامكم يرحمكم الله .