صغار يعملون للعيش في السودان

الفقر الذي تعاني منه عائلات كثيرة في السودان يدفعها إلى تشغيل أطفالها، وخصوصاً في فترات العطلة. ولا خيار آخر أمام هؤلاء، إذا ما أرادوا متابعة الدراسة
لم يخف محمد (8 أعوام)، سعادته مع نهاية العام الدراسي. كل ما كان يشغل باله هو أن تتوقّف والدته عن إيقاظه فجراً استعداداً للذهاب إلى المدرسة التي تبعد عن البيت أمتاراً عدة. راح يفكّر في كيفيّة قضاء هذه الإجازة التي تمتد لثلاثة أشهر. ربّما يلعب في الشارع مع أقرانه من أبناء الحي. لكن أياً من أحلامه لن تتحقق، لأن عائلته تحتاج إلى المساعدة، وخصوصاً بعدما هجرها الوالد. لم تستطع والدته توفير جميع المتطلبات من بيع “الكسرة”، وهي أكلة شعبية محلية.
يرافق محمد شقيقه الذي يكبره بعامين إلى العمل. يبدو سعيداً بالركض خلف السيارات عند شارة أحد المولات التجارية في الخرطوم، وخصوصاً أنه يساهم في تأمين مصاريف البيت الأساسية.
يبدأ عمله منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس. يقضي يومه في مسح زجاج السيارات ويعطي المال الذي يحصل عليه إلى شقيقه. هو وغيره من الأطفال يتسابقون نحو السيارات من دون الاكتراث لأشعة الشمس الحارقة. يقول محمد لـ”العربي الجديد”، إنه متفوّق في المدرسة ويحب الذهاب إليها. إلا أنه يعمل لتأمين مصاريف المدرسة للعام المقبل، بالإضافة إلى مصاريف البيت، مؤكداً أن عمله “مربح جداً”.
يقول: “صحيح أن بعض الناس يرفضون الأمر، إلا أن آخرين يسمحون لي بذلك ويعطوني المال. في إحدى المرات، أعطاني أحدهم الكثير”. خلال عمله، نادراً ما يتناول الطعام، لافتاً إلى أنه يجتاز مسافة طويلة للوصول إلى مكان عمله.
وما إن يتعب محمد من الركض خلف السيارات حتى يسند رأسه على أحد الأعمدة ليرتاح قليلاً قبل أن يعود إلى العمل.
لا تختلف حياة محمد عن آخرين دفعتهم ظروف الحياة القاسية لقضاء العطلة المدرسية في السعي خلف لقمة العيش، في ظل زيادة نسبة الفقر في السودان. تجدر الإشارة إلى أن الخبراء يقدّرونها بنحو 90 في المائة، فيما تقول الحكومة في آخر إحصاء أصدرته عام 2009 إن النسبة تقدّر بـ46 في المائة.
المصدر: العربي



