سودافاكس ـ أول الذين افاقوا من الصدمة بعد الانقلاب، وأول الذين ادركوا انهم ضاعوا وضيعوا معهم السودان واقتصاده، نتيجة الغباء السياسي ، وضحالة الفكرة، والتخطيط الخاطئ، والتخبط الذي يورد صاحبه موارد الهلاك، عندما كانوا جزءاً من الانقلاب الذي تسبب في كثير من المشاكل التي يعاني منها أصحابه، أكثر من الشعب السوداني المكتوي بنارها، أولهم كان الدكتور جبريل ابراهيم وزير المالية الذي لم يضف له الانقلاب شيئاً سوى انه بقى في ذات المنصب، مع خصم واضح في رصيده السياسي، بعد ان كان واحداً من قادة حركات الكفاح ضد الانظمة الدكتاتورية، لكن لأن (الطبع غلاب) اصبح يمارس ذات السياسات التي كان يرفضها عندما كان معارضاً.
ومنذ الانقلاب وجبريل ابراهيم يتباكى على ضياع البلاد واقتصادها ويشكو للناس همه وهم حكومته التائهة الحائرة أمام عملية إيجاد الحلول، فالوزير كشف عن ضحالة خبرته الاقتصادية عندما طرح موازنة خيالية لا علاقة لها بالواقع المعاش حيث قال انها موازنة تحمل في طياتها البشرى والخير للمواطن السوداني، ولكن وبعد مرور شهر واحد عليها استغاث جبريل بالمواطن نفسه ودعاه للوقوف بجانب الحكومة وبعدها خرج في المنابر الاعلامية يتوسل المجتمع الدولي وصندوق النقد وناشد العالم أن يقدم مساعداته للشعب السوداني وان لا يتوقف من الدعم بسبب ذهاب حكومة حمدوك، لكن لم يجد الوزير آذاناً صاغية وظل يواجه مصيره المجهول، فجبريل ابراهيم أول وزير مالية سوداني، يقبع في محيطه الداخلي ولا تفتح له الأبواب الخارجية حتى انه غاب عن كل المحافل والمؤتمرات الاقتصادية ولم تقدم له أي دعوة في مؤتمر اقتصادي عالمي، واصبح سجيناً في الداخل، فمن غرائب الانقلاب انه يسجن خصومه في السجون والمعتقلات، ويسجن مناصريه والموالين له داخلياً بعزلهم عن العالم.
وبالأمس الأول أقر وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم الذي ومنذ الانقلاب يمتلك شجاعة الاعتراف بالخطأ دون غيره من المكابرين الذين مازالوا يصارعون الحقيقة بالرغم من انهم تسببوا في كوارث لا تحصى ولا تعد، أقر بأن البلاد تمر بظروف قاسية وصعبة على المواطن السوداني، خاصة أصحاب الدخل المحدود.
وقال إن الكل يعاني بسبب أخطاء متراكمة، وشدد على ضرورة معالجة الاختلالات والعمل على ما يحقق كل ما يتطلع له الشعب السوداني.
وقال جبريل في الإفطار السنوي لاتحاد أصحاب العمل، وزير المالية انه لا يملك( عصا سحرية لحل الأزمة الاقتصادية).
واضاف: نريد من القطاع الخاص أن يقوم بدوره سيما والبلاد في حاجة إلى إضافة قيمة للإنتاج وأضاف، الحكومة توفر البيئة والمعينات القانونية ومراجعة الرسوم والضرائب والقطاع الخاص بالإمكانيات، وأقر جبريل بخطأ تصدير الخام وقال حتى الآن نصدر منتجاتنا خاماً حتى القطن يصدر ببذرته، ولفت إلى فرصة السودان في تلبية نقص الغذاء في العالم بسبب حرب روسيا وأوكرانيا التي تغطي 30% من القمح.
لكن وزير المالية لم يكن شفافاً عندما ذكر في أكثر من تصريح للاجهزة الاعلامية الخارجية ان الاختلالات الاقتصادية التي يشهدها السودان سببها يعود إلى التغيرات الاقتصادية في المنطقة وفي كل العالم جراء الحرب في أوكرانيا ( عليك النبي ).
والتصدير الخاطئ والكارثي للمنتجات كان خطأ قديماً حاولت الحكومة السابقة العمل على معالجته عبر خطط اقتصادية واضحة، لكن قطع الانقلاب عليها الطريق ليأتي الوزراء في الحكومة الانقلابية ( حكومة تصحيح المسار) ليحدثونا عن تصدير (القطن ببذرته)، فما هو السبب الذي يجعل الوزير يوافق على هذه الخطوة ولماذا لم يصدر قراراً يوقف به حركة التصدير المضر بالاقتصاد، فكل هذه المدة وجبريل يتربع على عرش المالية (عنوة) يأتي ليحدثنا ان بلاده تصدر منتجاتها خام الى الدول الخارجية، هذا الحديث الذي ان علمت به حكومة اي بلد في العالم لاقامت الدنيا ولعقدت الف اجتماع للحيلولة دون حدوثه ،لكن الحكومة الآن تدرك ويصدر الخام بعلمها وموافقتها، بل تحدثنا بذلك دون خجل، فبربكم هؤلاء أتوا للتصحيح أم الخراب، الا يعتريكم الاحساس ان المسئولين الآن يعملون من أجل دمار السودان لاعماره !!
وبعد ان استولت الحكومة على القطاع العام وجففت ضرعه وقضت على الاخضر واليابس فيه، يتجه الآن وزير المالية للقطاع الخاص، الذي يحاول ان يغطي به عجز الحكومة وفشلها ان كان في زيادة الانتاج او اتاحة فرص للشباب، فالوزير يعلم أين تكمن مشكلة الاقتصاد وحتى القطاع الخاص لا يستطيع جبريل ازاحة العقبات التي تواجهه لأن خزينته الخاوية بالكاد تغطي له الاحتياجات الضرورية اليومية للدولة.
ويقول جبريل انه لا يملك عصاة سحرية لحل الازمات الاقتصادية، ويفوت عليهم انهم فقط يملكون عصاة الضرب السياسي في شتات وتبديد احلام الشعب الذي سلبوا ارادته عندما قرروا خطأ الوقوف خلف الانقلاب وأمامه ليجدوا انفسهم تائهون في هذا النفق المظلم يبحثون عن الحلول في كل الاتجاهات ويبكون على اللبن المسكوب الذي ضربوا كوبه بعصاتهم التآمرية، حيث لا يفيد البكاء والندم والشكوى.
هذا ياوزير المالية حصاد زرعكم الخاطئ عندما عمت بصائركم ، وفسدت نواياكم، وضاقت نظرتكم السياسية، وقدمتوا مصالحكم على مصالح الوطن، فعندما احتاجكم الآن لم يجد أحد، لأن الجميع كانت له ضغائنه وتشفيه وانتقامه من الآخر فليس من الغريب الآن، ان تكونوا قوماً بورا .
طيف أخير :
يتعلق الأمر بعدم شعورك بالأمان، دائماً هذا الذي يجعلك تُنهي الأشياء قبل أوانها.