بعد إغلاق دام لأكثر من (7) أشهر مركز بحري لغسيل الكلى… وفيات بالجملة

سودافاكس _ شكا مرضى الكلى بمركز بحري لغسيل الكلى من إغلاق المركز بدون أسباب واضحة، وقالوا انهم فوجئوا بإغلاق المركز دون إبداء أية أسباب وتضرروا من الايقاف كثيراً، مؤكدين أنه لم يتم توزيعهم لأية مراكز أخرى، فيما اتجه بعض منهم الى رفع شكوى ضد مدير المركز.

ووصف المدير الإداري بالمركز الباقر بابكر الطريقة بالعشوائية، وقال ان هناك مشكلة بيننا وبين المركز القومي والمسألة معقدة.
بينما كشف مصدر مسؤول بالمركز ل عن وفاة (48) مريضاً من جملة (180) جراء الإغلاق المفاجئ للمركز، محملاً مسؤولية ما حدث لإدارة المركز القومي.
وفي غضون ذلك نفى مدير المركز القومي نزار زلفي علاقته بإغلاق المركز، وقال : (من كان يرى أني المسؤول عن ذلك فلديه الخيار في رفع شكوى ضدي لوزير الصحة الاتحادي).

أسباب غير منطقية
وأثارت الخطوة التي اتخذها المركز القومي للكلى غضباً لدى كثير من المرضى والعاملين بالمركز، الأمر الذي دفع بعضاً منهم لرفع شكوى ضد مدير المركز، ويرى البعض الآخر أن أسباب الإغلاق غير منطقية، ويرى آخرون أن إغلاق مراكز الكلى يعود لنية المركز القومي في أن تصبح جميعها مراكز خاصة، منوهين بأن مركز بحري ليس الوحيد الذي تم إغلاقه، وإنما هناك مركزا الدناقلة والراجحي وغيرهما، وأضافوا انهم دائماً ما يقولون ان المشكلات إدارية ولكن هذا غير صحيح.

معاناة ووفيات
وفي ما يتعلق بمصير المرضى بعد إغلاق المركز، يروي المريض أبو القاسم حسين إدريس حسب (الإنتباهة) تفاصيل ما حدث، حيث قال: (لدي ست سنوات أغسل في هذا المركز، وقام المركز القومي باتخاذ قرار بالإغلاق، الا أن مدير المركز رفضت ذلك وقاموا بإقالتها، وفوجئنا بأنهم قاموا بتنصيب المدير الطبي مكانها، وفي اليوم الثاني بعد أن خرجنا من الغسيل جاءت نائب مدير المركز القومي نجاة دبلوك ومعها شخص يدعى حسبو وقاما بإغلاق العنابر والمخزن، وأخبرا الشرطي بأن يقول لنا إن المركز تم إغلاقه، وعندما ذهبنا لدكتور أحمد وأخبرناه بذلك جاء ولكن أخبره الشرطي بأن نجاة قالت نخبر الجميع بالإغلاق، بينما قال حسبو للموظفين (انتو قاعدين لشنو نحنا قفلنا)، وبعد ذلك ذهبوا ولم يوزعونا لأي مركز آخر وحياتنا متوقفة على الغسيل، وبعد ذلك قمنا بفتح بلاغ وقبض على دكتور أحمد، وقام بالاتصال بمدير المركز القومي ونائبته نجاة، وعند التحري قالوا ان غرف الغسيل منهارة ويمكن أن تقع في أية لحظة وخوفاً على أرواح المرضى قمنا بالإغلاق، وبعد عشرين يوماً من الإغلاق توفى (15) مريضاً ووصل العدد الى (28) خلال شهرين، وقمنا بعمل وقفة احتجاجية أمام مجلس الوزراء، وبعد ذلك قاموا بتوزيعنا الى مركز منظمة الزارعين، وبعد مرور أربعة أشهر تحججوا لنا بأنه ليست لديهم مواد وكل منا توزع على حسب علاقاته، وتضررنا كثيراً من ذلك، وهناك من ليست لديه تكلفة المواصلات أو الغسيل، وأنا كنت أذهب بركشة الى المركز بمبلغ (500) جنيه لأنه كان قريباً مني، والآن أذهب الى الكدرو بترحال بمبلغ (8) آلاف ذهاباً وإياباً). واتهم المريض دكتور نزار بالكذب بحديثه عن صيانة المركز، وقال: (المركز لم تتم صيانته، وقضيتنا الآن وصلت للمحكمة، وكل الذين توفوا ذنبهم معلق في رقبة نزار ونجاة، وننتظر حكم الله لأنه الأقوى وحسبي الله ونعم الوكيل فيهم جميعاً).

ومن ناحيته قال المريض يونس محمد زين وفق (الإنتباهة) انه يقوم بالغسيل لفترة (13) عاماً وهو معاق حركياً، وتضرر كثيراً بعد الإغلاق المفاجئ للمركز، وذكر انه قام عقب الاغلاق بالذهاب الى مركز الهجرة بأم درمان، ولكن الأمر أصبح صعباً خاصة أنه يذهب بعشرة آلاف جنيه ويعود بنفس المبلغ، واوضح انه يقوم الآن بالذهاب للغسيل في مركز الكدرو، ويتابع قائلاً: (أذهب بـ (5) آلاف وأعود بـ (5) آلاف جنيه، وأتمنى إعادة تشغيل مركز الصافية كي يخفف علينا).

مساومة
وكشف أحد المرضى مفضلاً حجب اسمه عن مساومة المركز القومي له للتنازل عن القضية التي رفعت مقابل مبلغ مالي، وقال: (اتصل بي أحد لا أود ذكر اسمه من المركز القومي، وقال لي اتنازل عن القضية ومعاك من جنيه الى مليار)، وأضاف قائلاً: (أنا مريض فلماذا يساومني، وهؤلاء ليس لديهم ضمير)،
وكشف مصدر آخر عن وجود اموال للتسيير تبلغ ملياراً و (800) الف جنيه لمواد ومستهلكات الغسيل للمرضى، إضافة لـ (1800) حقنة، وقال: (لا نعلم أين تذهب، والمركز مغلق لفترة (8) أشهر، فأين يذهب مال التسيير ومن المسؤول؟)، مطالباً الجهات ذات الصلة بالنظر في ذلك.

إغلاق مستفز
أما السيدة نازك حسنين فتقول إنها مواطنة محبة للمركز، وينبع حبها له من حب زوجها الذي أحب المركز بكل تفاصيله منذ بداية انشائه في عام 2003م الى أن توفاه الله في عام 2020م، وقالت: (كنت من زوار المركز بصفة دورية بحكم أن زوجي كان ضابطاً للعلاقات العامة بالمركز، وكان من أوائل القائمين على انشاء المركز ومعه نفر كريم من الادارة والاطباء، والمركز يمثل الدار والأمان للمرضى، وكنت أزور المركز بصورة متكررة تعرفت فيها على المرضى ومرافقيهم، ومركز بحري لأمراض الكلى يعد ثاني أكبر مركز على مستوى القطر، وبه (25) ماكينة غسيل ويعمل بنظام ثلاث ورديات في اليوم، كما تجرى فيه عمليات القسطرة الدائمة والفستولا، ويسجل المركز يومياً عشرات المرضى من كل الولايات، كما توجد به عيادة لمتابعة المرضى تحت إشراف أطباء مميزين، ويقدم المركز فرص التدريب للكوادر العاملة في مجال غسيل الكلى افراداً ومؤسسات، ويحتوى على معمل متكامل به كل الأجهزة الضرورية، وبالرغم من القيمة الفعلية للمركز والخدمات الهائلة المقدمة للمريض، الا انه قد تم اغلاقه في 27 اكتوبر من العام الماضي بصورة مستفزة ومفاجئة للمرضى الذين لا يعلمون ما هو مصيرهم والتيم العامل بكل اطيافه من اطباء واداريين وعاملين بالمركز، وتم الاغلاق لأسباب غير معلومة لأن الجهات المعنية كانت لديهم أسباب متعددة للاغلاق، ولم ندر ايهما الاصح، وأحياناً يقولون بسبب الصيانة وأخرى بسبب إضراب (25) اكتوبر وعدم وجود استاف لتشغيل الماكينات، وكل هذه الاسباب في اعتقادي غير صحيحة، لأن كل ما ذكر له حلول بديلة ولا يستحق اغلاق المركز، وليست لدي صفة ادارية في المركز، ولكني على معرفة وثيقة بمعظم المرضى، وأدري جيداً حجم المعاناة التي وجودها حتى تم توزيعهم على مراكز أخرى، واعلم تماماً ان نقص الساعات المتكرر لجلسة الغسيل له رد فعل سيئ على حالة المريض ويمكن أن يؤدي الى الوفاة، وبالفعل توفي (28) مريضاً خلال شهرين لأسباب طبية مختلفة، وبعد كل هذه التفاصيل لم اجد الرد المقنع للسؤال لماذا تم اغلاق المركز؟ فكل ما تم تداوله من اسباب كان قابلاً للنقاش والحلول البديلة، وحتى هذه اللحظة لم نجد إجابة حقيقية، ولا ندري متى ستتم إعادة تشغيل المركز، ومن هذا الموقع أناشد الجهات المسؤولة الإسراع لحل المشكلة ومراعاة المرضى، كما أناشد وزير الصحة ومدير إدارة المراكز للعمل جاهدين لإعادة المركز لسابق عهده، ولكم الله يا مرضى السودان).

إغلاق سياسي
ويقول المدير الإداري للمركز الباقر بابكر : (أنا من مؤسسي المركز، وبه ما يقارب (200) مريض، وكل هذه المبررات مرت علينا، نعم هناك إضراب وعصيان مدني وصيانة وغيرها ولكن لا تؤدي للإغلاق، والمسألة معقدة وهناك مشكلة بينا وبين المركز القومي، والمركز به عنبران، الكبير به (18) ماكينة غسيل والصغير به (7) ماكينات، ونقوم بعمليات قسطرة لكل السودان، وهناك صيانة في العنبر الكبير، وتم توزيع المرضى الى مركز منظمة زارعي الكلى ولكنه مركز صغير، ومركز بحري أغلق لأسباب سياسية وبطريقة عشوائية، وفوجئنا في صباح السابع والعشرين من أكتوبر بالإغلاق ولم يأتنا خطاب رسمي، وجئنا للعمل كالعادة ووجدنا لافتة في البوابة مكتوب عليها (المركز مغلق للصيانة)، وجاء شخص بأقفال وأغلق كل المكاتب، وجاء المرضى للغسيل ووجدوا المركز مغلقاً، وبسبب الجهجهة والصعوبات التي واجهوها في الشهرين الأولين توفى منهم (28) مريضاً، وبعد ذلك احدث الإغلاق ضرراً كبيراً للمركز وفقدنا جزءاً كبيراً من الإستاف خاصة المتعاقدين، وهاجر خمسة من الموظفين الى السعودية بينهم مهندس، وتضررنا كثير من ذلك، ولا أعلم اذا تمت إعادة تشغيل المركز من أين سآتي بإستاف؟ وكل ما قاله مدير المركز القومي غير صحيح والله المستعان).
رفض الحديث
ومن جهته رفض مدير المركز التحدث لنا وقال: (لا أحب التعامل مع الصحافة والإعلام).

وبعد ذلك اتصلنا بنائب مدير المركز القومى نجاة دبلوك الا أنها ردت قائلة: (دا ما كلام تلفون، ولو عايزين معلومة عندنا مكتب إعلام وأغلقت الخط).

انهيار وإعادة تشغيل
وفي ما يتعلق بتبعية مركز بحري لغسيل الكلى يقول محمود القائم عبد الله إن إدارة مراكز الكلى كان تتبع لوزارة الصحة الاتحادية، وتم إرجاعها في يناير الماضي لوزارة الصحة الولائية، وأضاف قائلاً: (قمنا بتكوين لجنة وتسلمنا المراكز وكانت منهارة تماماً، وخلال الأشهر القليلة الماضية أعدنا عمل الكلى، ووجدنا كثيراً من المراكز مغلقة، منها مركز بحري بالصافية الذي به (25) ماكينة ومركزا الراجحي والدناقلة، وكونت اللجنة لاستلامها وتشغيلها، ومن المفترض أن تتم إعادة تشغيل مركز بحري خلال (48) ساعة، وذلك سوف يحدث انفراجاً كبيراً، وسوف يعود المرضى اليه مجدداً، وما حدث قبل فبراير غير مسؤولين عنه بل هو مسؤولية الاتحادية، والحمد لله ليست لدينا أية مشكلات غسيل وسوف يعمل المركز منذ اليوم).

كسر الأقفال
وبعد أن كان المركز يتبع لوزارة الصحة الاتحادية تم إرجاعه للولائية، حيث قام مدير عام الصحة بتشكيل لجنة لإعادة تشغيله، وعندما زارت اللجنة المركز برئاسة مدير إدارة المراكز أنس الشريف وجدت أن الوضع بالمركز سيئ ولا يمكن تشغيله في يوم أو يومين.

ومن جهته قال مدير إدارة المراكز أنس الشريف إنهم شكلوا لجنة بها مهندسون وإداريون لتقييم الوضع، ولكنهم وجدوا ان العمل لم يكتمل بعد، والصرف الصحي أغرق المكان، إضافة الى ان التيم العامل موجود بالصحة الاتحادية، وهناك مشكلات في الكهرباء، وأضاف قائلاً: (من المفترض أن تتم عملية تسليم وتسلم من المركز القومي، ولكن لم يحدث ذلك، فاضطررنا لكسر جميع الأقفال، وبدأنا البحث عن عمال النظافة والإستاف، ونتمنى من المركز القومى أن يوفر لنا مهندس التنمية، والعنابر مغلقة وبعد فتحها وجدنا الماكينات ولا نعلم اذا كانت تعمل ام لا، كما سنعيد فتح مركزي الراجحي والدناقلة الذي لم نجد به ولا ماكينة).

لا وفيات
وفي ذات السياق حاولنا التواصل مع مدير المركز القومي لغسيل الكلى نزار زلفو الذي أكد لنا أنه ليست لديه علاقة بإغلاق المركز، بينما عاد وقال: (الإستاف رفض العمل وترك المرضى في العراء، لذلك قمنا بتحويلهم لمركز آخر، وقمنا بصيانة المركز بما يفوق (35) مليون جنيه، وتركيب محطة مياه جديدة وماكينات وصيانة لآبار الصرف الصحي).

وحول إعادة تشغيل المركز يقول نزار: (المركز الآن جاهز للعمل، وأمر تشغيله يعود للولاية بعد أن عاد المركز لتبعيتها، وعملت طيلة حياتي كلها من أجل مرضى الكلى ومازلت أعمل). وبشأن تحميل المرضى مسؤولية إغلاق المركز يقول: (من يحملني المسؤولية لديه الخيار لتقديم شكوى ضدي لوزير الصحة الاتحادي)، اما في ما يتعلق برفع شكوى ضد مدير المركز فرد قائلاً: (الموضوع ده قديم ونوقش في الصحافة ووكيل النيابة شطب البلاغ)، نافياً حدوث وفيات جراء إغلاق المركز، وقال إن الامر غير صحيح والمركز ليست به (25) ماكينة.

مشاهدات
ومن خلال جولتنا في المركز لاحظنا عدم صيانة أي شيء به، إضافة لانفجار الصرف الصحي الذي غطى المكان بأكمله، ولاحظنا أيضاً ان المبنى في حالة يرثي لها وكأنه أغلق قبل سنوات وليس قبل أشهر، وبينت لنا المشاهدات أن المركز يحتاج لشهر أو أكثر كي يتم تشغيله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.