هل يقبل السودانيون عودة حمدوك لقيادة المرحلة الانتقالية

سودافاكس _ في ظل التعقيدات في المشهد السياسي السوداني والخلافات غير المنتهية بين المكون العسكري والمدني، وأيضا بين المدنيين أنفسهم، وسوء الأوضاع السياسية والاقتصادية وغياب الرؤية والضغوط الدولية، عاد اسم رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك إلى طاولة الحديث، كشخصية معروفة وربما تلقى الآن قبولا لدى العديد من الأطراف من أجل قيادة ما تبقى من الفترة الانتقالية.

من وراء إعادة طرح اسم حمدوك لرئاسة الحكومة الانتقالية المدنية ومدى قبول الكتل والأحزاب والشارع السوداني لهذا الطرح؟

بداية يقول رئيس “الحركة الشعبية لتحرير السودان”، الدكتور محمد مصطفى: “في الحقيقة أن الوضع في السودان بعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين أول الماضي، انحرف إلى منعطف معقد جدا، وأصبح السودان في حلقة الهاوية”.
شركاء الحكم

وأضاف في حديثه حسب “سبوتنيك” “حتى نكون صادقين ودقيقين، لابد أن نقر بأن شركاء الفترة الانتقالية كلهم قد تسببوا في هذه الأزمة، إما لقلة خبرتهم السياسية والإدارية أو لأطماعهم الشخصية والذاتية، وحمدوك الذي وجد إجماعا منقطع النظير حين رشحه تحالف الحرية والتغيير لتولي منصب رئاسة الوزراء، لم يستطع فعل شيء”.

وتابع مصطفى “حمدوك الذي أجمع عليه الناس، ونظرا لقلة خبرته السياسية والإدارية، فشل في الاستفادة من دعم الشارع الثوري له وظل ضعيفا تتقاذفه رياح الخلافات بين العسكر والحرية والتغيير، ولم يستطع النهوض مستندا على دعم الثوار وتجاوز طرفي النزاع وتنفيذ أهداف الثورة”.

تفويض حمدوك
وأشار رئيس “الحركة الشعبية لتحرير السودان” إلى أن “عبد الله حمدوك ظل يقدم خطابات وشعارات عاطفية لا تنقصها الحكمة دون مواجهة الأزمة والنفاذ إلى الشاطئ الآمن، وبالمقابل لعب دور المتفرج بامتياز إلى أن حدث الانقلاب، وللأسف حتى بعد ذلك والاعتقال ومفاوضة العسكر له، نسي أن يقول لهم أنا لا أملك تفويض الشارع كي أفاوضكم، فإن أردتم مفاوضتي امنحوني فرصة لأطلب تفويضا من الشارع عبر خطاب مباشر له في قنوات الإعلام”.

ومضى إبراهيم بقوله: “لو كان حمدوك طلب مهلة من العسكر لتفويض الشارع له عبر مليونية مباشرة وفي يوم محدد على سبيل المثال وهو ما لم يفعله حمدوك، بل ذهب وفاوض العسكر بمفرده، وخرج إلى الشارع ليعلن عن اتفاق سياسي ولد ميتا، ومنذ ذلك الوقت لفظ الثوار حمدوك ورفضوا أي تمثيل له والآن قد تؤيد عودته بعض القوى السياسية ورجالات الإدارة الأهلية والطرق الصوفية، لكن بأي حال لا يقبله الثوار، حمدوك الآن لا يمثل الثوار إطلاقا بعد أن أصبح السودان على حافة الهاوية”.

رفض شعبي
من جانبه، يقول رئيس اتحاد الصحفيين الأفارقة (منظمة دولية إعلامية مستقلة) بكندا، بكري عبد العزيز: “حمدوك كان مقبولا جدا من الشارع قبل توقيع الاتفاق مع المكون العسكري، لكن بعد الاتفاق الأخير مع العسكر رغم الاستقالة، أصبح مرفوضا من لجان المقاومة والشارع وحتى الحرية والتغيير التي جاءت به”.

وأضاف في حديثه : “خلال الأشهر الأخيرة من شغل حمدوك منصب رئيس الوزراء، كان رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يتحدث عن تناغم المكون العسكري مع حمدوك، الأمر الذي جعل الأخير كارتا محروقا لدى الشعب”.

رغبة غربية
وأشار رئيس اتحاد الصحفيين الأفارقة إلى أن المجتمع الدولي قد يكون لديه رغبة كبيرة في إعادة حمدوك إلى السلطة لأنه ينفذ أجندة البنك الدولي وملف العلاقات الخارجية وغيرها، كما أنه سكت طويلا وتغاضى عن القتل الممنهج للشباب والثوار، الأمر الذي وضع عقبات كبيرة أمام إمكانية عودة حمدوك مجددا إلى واجهة المشهد السياسي في البلاد.

وتابع عبد العزيز “قبل فترة طرحت دولة الإمارات العربية المتحدة عودة عبد الله حمدوك إلى السلطة بصلاحيات واسعة جدا، لكن تم رفض هذا الطرح من جانب الحرية والتغيير، مؤكدين أن عودته لن تؤدي إلى الاستقرار بل ستزيد الأمور تعقيدا، خاصة أن الشارع غير راضي عنه، حتى حاضنته السياسية”.

وأكد أن “حمدوك لا يصلح كرئيس للوزراء مجددا، خاصة وأن المنصب يحتاج إلى رجل صاحب شخصية سياسية قوية، يكون لديه قرار بأن قلبه مع الشارع وعلى مسافة واحدة من الجميع، حمدوك يمكن أن يصلح كوزير مالية في ظل التدهور الاقتصادي”.

وتابع عبد العزيز: “حمدوك انهي تاريخه بعلامة سوداء، بعد أن وضع يده في يد من يقتلون الشباب، وأي حديث عن عودة حمدوك سيكون مرفوض من الشارع، وحتى إن عاد، فليس له سند شعبي”.

وأعلنت تنسيقيات لجان “مقاومة ولاية الخرطوم” السودانية، الخميس الماضي، مواعيد التصعيد الثورى والإضراب في شهر أغسطس/آب الجاري.
وذكرت صحيفة “الانتباهة”، أن تنسيقيات لجان “مقاومة ولاية الخرطوم” السودانية قد نشرت الجدول التصعيدي لشهر أغسطس حتى نهايته.
وأوضحت أن المليونيات المركزية في العاصمة، ستجرى في أيام 11 و18 و31 من الشهر الجاري، والمليونيات اللامركزية في أيام 7 و22 و25 من الشهر ذاته.

وبعثت تنسيقيات لجان “مقاومة ولاية الخرطوم” السودانية رسالة إلى جميع العاملين في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، تقضي بأن “الوضع الاقتصادي في ترد واضح والسلطة الانقلابية تحكم قبضتها على جميع مفاصل الدولة في تجلي واضح لسياسة الإفقار والجبايات التي تنتهجها الدولة”.

ودعت لجان المقاومة إلى الاصطفاف مجددا فيما أسمته بـ”إضراب 24 أغسطس”، معربة عن أملها أن “تكون جداولها ومقاومتها السلمية قادرة على أن تبلغ غاياتها بإسقاط النظام وقيام دولة مدنية ديمقراطية في القريب العاجل”.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان قد أعلن، مؤخرا، حل المجلس وذلك في حالة تشكيل حكومة تنفيذية.

وانطلقت في مايو/أيار الماضي بالخرطوم جلسات الحوار المباشر بين الأطراف السودانية برعاية الآلية الثلاثية، التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة “إيغاد” من أجل حل الأزمة السياسية في البلاد.
وقد قاطعت قوى المعارضة الرئيسية في السودان، الحزب الشيوعي وقوى الحرية والتغيير (القوى الوطنية)، وحزب الأمة، أعمال الجلسة الافتتاحية للحوار.

ويعاني السودان من أزمة سياسية منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، حين أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، إجراءات طارئة بحل حكومة عبد الله حمدوك الانتقالية، وإعلان حالة الطوارئ، وتجميد بعض المواد في الوثيقة الدستورية، ووقف أنشطة لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال المنهوبة لانقلاب البشير في العام 1989.
وتستمر منذ ذلك الحين الاحتجاجات ضد هذا الإجراء والتي سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.