المالية تتبرأ من الزيادة .. زيادة الدولار الجمركي.. أين الحقيقة؟

سودافاكس _ تناقضات كثيرة في الاخبار المتداولة حول زيادة سعر الدولار الجمركي، ومنذ ان أعلنت الزيادة تضاربت كثير من الاخبار من قبل وزارة المالية، وامس الاول تبرأت وزارة المالية من تحريك سعر الدولار الجمركي، وأكدت انه مسؤولية الجمارك، وفي نفس الوقت تقول الوزارة انه لا يوجد ما يسمى الدولار الجمركي فأين الحقيقة؟
وقال وزير المالية جبريل إبراهيم خلال اجتماعه مع اتحاد الغرف التجارية ان تسميه الدولار الجمركي خاطئة، وأن مسألة تعدد أسعار سعر الصرف تم حُسمها قبل أكثر من عام حين تم اتخاذ قرار توحيد سِعر الصرف، ومُنذُ ذلك الحين لا يوجد ما يُسمى الدولار الجُمركي، وأن هيئة الجمارك هي الجهة المعنية بتحريك سعر الصرف ليتناسب مع المعلن في البنك المركزي في ذلك الوقت، لافتاً الى وضع حلول مشتركة تسهم في مواجهة التحديات الاقتصادية في البلاد.
زيادة مرهقة
وعدد رئيس اتحاد الغرف التجارية نادر هلالي الإشكالات الحالية في كل من قطاعي الاستيراد والتصدير، وأضاف أنهم في الاتحاد بصدد إعداد رؤية لتلافي الأزمات المستمرة وتقديمها للوزارة، وقال إن الزيادة في الدولار الجمركي قاربت ٣٠٪، مشيراً الى ارتفاع معدل التضخم وكيفية الخروج منه في ظل كساد عام في السوق المحلي، وأضاف أن على الحكومة النظر في تخفيض الرسوم الجمركيه والضريبية لتحفيز السوق وتنشيط الاستيراد.
خراب اقتصادي
ويقول الأمين العام السابق لاتحاد الغرفة التجارية صادق جلال إن التعميم الصادر عن وزارة المالية هيئة الجمارك بنفي تحريك سعر الصرف وأن سعر الدولار الجمركي يتحرك مع السعر المعلن من بنك السودان المركزي فيه تشويه للحقيقة وانصرافية للرأي العام.
وقال انه كل من يتحدث عن ذلك لا يعي ما يقول او (ما واقعة ليهو). وأضاف أن أول من تحدث عن زيادة الدولار الجمركي هو الخبير الجمركي اللواء معاش صلاح الشيخ، لافتاً إلى أن لغة او تسمية الدولار الجمركي أو مصطلح اقتصادي ليعبر أمام الجنيه، واستخدمته الجمارك لتحديد القيمة الجمركية للبضائع المستوردة وحساب الرسوم الجمركية، وقال جلال في برنامج تلفزيوني ان الدولار الجمركي اتفاق ومصطلح اقتصادي بغرض الاصلاحات، لافتاً الى ما قيل حول ان التسمية منذ بدايتها خاطئة وانه يسير بموجب القيمة المعلنة من المركزي، وقال متسائلاً: (ماذا كان يسمى؟)، لافتاً الى ان قيمته كانت اقل من سعر المركزي، ووقتها تطبق زيادات من ٢٨ الى ٤٣٠ الى ٤٤٥ جنيهاً ويطلق عليه دولار جمركي بقيمة اقل، واضاف قائلاً: (من الذي كان يدفع الفرق؟).
واضاف قائلاً: (ان قيمة سعر الصرف الحالية غير حقيقية نسبة الى أن اليورو يتدهور أمام الدولار عالمياً، ومع ذلك نجد ان قيمته اكبر في البلاد، فكل تلك الأرقام غير حقيقية، وأرقام أسعار العملات غير حقيقية مقارنة بالاسعار العالمية). واوضح جلال أن خطوات المالية والجمارك في هذا الاتجاه بغرض السعي لزيادة الإيرادات الحكومية والجمركية، وقال ان هذا ليس إصلاحاً اقتصادياً وإنما خراب اقتصادي، لافتاً إلى الإصلاحات الاقتصادية التي تمت في يونيو عام 2022م وتحول الدولار الجمركي من 28 جنيهاً إلى 430 جنيهاً وبعدها 445 جنيهاً وزيادة اكثر من 15 ضعفاً، والتبرير الصادر أن القرارات بغرض تلافي الآثار الكارثية وحزمة من الإجراءات التي كانت تتخذ للإصلاح الاقتصادي وتعديل فئة الرسم الجمركي هو تبرير مشوه، خاصة ان المالية أوضحت ان الزيادة في السلع لا تتعدي ١ الى ٢٪ فقط. في الوقت الذي أحدثت فيه هذه الإجراءات زيادة تضخم عالية في السلع الاستهلاكية والاستراتيجية وغيرها لتصل قيمته الى 214 لكافة السلع، وقال انه المهتمين بالشأن الاقتصادي لم يعلقوا على هذه الزيادة وهذا ما يستغرب له. وأكد أن هذه الإجراءات ضيعت البلاد وادخلت المواطن في ضائقة معيشية غير مسبوقة.
إنكار وجود
فيما قال الخبير الاقتصادي د. الفاتح عثمان حسب (الانتباهة) ان المالية نفت زيادتها الدولار الجمركي، وذلك عبر انكارها وجود ما يسمى الدولار الجمركي، لانها وحدت سعر الصرف للجنيه السوداني في البنوك السودانية والجمارك وبنك السودان، واضاف ان كل ما قامت به هو متابعة المتغيرات في سعر الصرف للجنيه السوداني هبوطاً وارتفاعاً.
ولفت الفاتح الى ان وزارة المالية قصدت بهذا التصريح إغلاق الباب امام احتجاجات المستوردين والغرفة الصناعية الرامية لالغاء الزيادة في الدولار الجمركي التي بلغت 25٪، وجاءت في وقت يعاني فيه المستوردون من صعوبات بالغة في بيع سلعهم بسبب الكساد الاقتصادي الكبير الذي ضرب الاسواق السودانية وتسبب في حدوث خسائر كبيرة لهم لاول مرة قبل نحو عشرين عاماً، وقال: (بشكل عام كلام وزارة المالية صحيح من حيث الشكل، لكنه خاطئ تماماً من حيث الجوهر، لانها فعلياً زادت سعر الدولار الجمركي ليتساوى مع سعر الصرف للجنيه السوداني في البنوك السودانية).
مسؤولية الوزارة
اما المحلل الاقتصادي حمدي حسن أحمد محمد فقد قال : (ان الدولار الجمركي هو سعر صرف الدولار لحساب الجمارك بالجنيه، وعندما كان له سعر صرف خاص به يختلف عن سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي كان تحت مسؤولية وزارة المالية، وهي التي تحدد هذا السعر، ثم قامت وزارة المالية نفسها من منطلق مسؤولياتها بتحرير سعر صرفه أو إلغاء نظام سعر الصرف الخاص به بما يُعرف بعملية توحيد سعر صرف الجنيه، وهنا أصبح ذلك بمثابة الأوامر الدائمة لتتعامل الجمارك في حساب قيمة الجمارك بالجنيه وفق سعر الصرف الرسمي للجنيه، ومازالت المسؤولية تحت وزارة المالية، والجمارك فقط تقوم بالتنفيذ مع وجود أي نظام للتنسيق مع بنك السودان لمعرفة سعر الصرف الرسمي بطريقة رسمية، وفيما بعد تم تعويم أو تحرير سعر الصرف نفسه للجنيه، وهنا أيضاً مازالت مسؤولية وزارة المالية متواصلة وحاضرة، فهي التي أقرت السياسات، ولكن هنا بتعويم الجنيه تعددت أسعار الصرف حتى خلال اليوم الواحد، ولم يعُد هنالك سعر صرف رسمي ببنك السودان، وهنا يبرز السؤال المهم: ما هو سعر الصرف الذي سوف تتعامل به الجمارك من بين أسعار الصرف المختلفة بين البنوك؟ وأرى أنَّ ذلك ما كان ينبغي توضيحه بمنشور رسمي من جانب وزارة المالية بعد تحرير سعر صرف الجنيه، كمثال أنَّ سعر صرف الدولار الجمركي سوف يتم تغييره شهرياً باعتماد متوسط سعر الصرف خلال الشهر، وأن يقوم بنك السودان بهذا الإجراء وكل ذلك تحت مسؤولية وزارة المالية، ويقع تحت مسؤوليتها توضيح كل هذه الجوانب والأبعاد للرأي العام).
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي محمد زين : (ان الايرادات الجمركية تمول الخزانة العامة للدولة بجانب الايرادات العامة التي تمول النفقات العامة.. لذلك وزارة المالية هي الجهة المسؤولة عن زيادة او تخفيض الايرادات الجمركية والضريبية. واما هيئة الجمارك فهى الجهة المسؤولة عن التحصيل والتنظيم الجمركي).


