الهيكل الراتبي..ما خيار حكومة السودان لتغطية الفجوة؟

بات الإضراب عن العمل في الخدمة المدنية بسبب تدنيّ الأجور إحدى وسائل الاحتجاج بالبلاد عقب ثورة ديسمبر.

وطالب عدد كبير من العاملين في السنوات الماضية، بتعديل الأجور لعدم تناسقها مع تكلفة المعيشة التي ترتفع يومًا بعد يومٍ تزامنًا مع معدّلات التضخّم الغير مسبوقة والتي وصلت إلى أرقامٍ ثلاثية.

ورغم أنّ الحكومة عملت على تعديل الهيكل الراتبي خلال السنوات الماضية إلاّ أنّ السياسات الاقتصادية التي انتهجها الدولة تعمل على ارتّفاع تكلفة المعيشة بصورةٍ متوترة.

وفي فبراير الماضي أعلنت حكومة تصريف الأعمال زيادة الحدّ الأدنى للأجور من 3000 جنيه سوداني، إلى 12000 جنيه .

وفي العام 2020 طبّقت الحكومة الانتقالية زيادة في أجور العاملين بالدولة بنسبة 569 بالمئة من 425 جنيه إلى 3000 جنيه.

ورغم هذه التعديلات لا تزال أجور العاملين لا تمكّنهم من مجاراة الأسعار ومعدّلات التضخم.

وسجل معدّل التضخم في السودان 125.41 بالمئة خلال يوليو مقابل 148.88 بالمئة في يونيو.

ودائمًا، ما يؤدّي ضعف الأجور إلى فتح الباب على مصرعيه لإضرابات العمّال التي تختلف أزمنتها إلاّ أنّها باتت السلاح الذي يحمله العاملين لتحسين أوضاعهم.

وفي الوقت الذي انتهت فيه أزمة قطاع الكهرباء، بإعلان وزير الطاقة والنفط تصديق الهيكل الراتبي الجديد، لاحت في الأفق أزمة أخرى في قطاع الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، بعدما أعلن العاملين فيه عن إضراب سيبدأ غدًا الخميس.

غير أنّ تعديل الهيكل الراتبي في مثل هذا الوقت من العام يواجه عددًا من الصعوبات لجهة أنّ العام المالي شارف على الانتهاء.

جهات تشريعية

يرى المحلّل الاقتصادي، هيثم محمد فتحي أنّ قطاع الكهرباء من أهمّ القطاعات الخدمية في السودان التي تخدم المواطن،مبينًا بأنّ أيّ شئ يمسّ قطاع الكهرباء يؤثّر على الحياة اليومية بكافة جوانبها.

وأوضح أنّ التوقيت الذي طالب فيه عمّال قطاع الكهرباء بتعديل الأجور هو النصف الثالث من العام المالي، مبينًا أنّه من الصعوبة بمكان تعديل الأجور في مثل هذا الوقت.

ويشير فتحي في حديثه لـ”باج نيوز”، إلى أنّ الأوضاع السياسية بالبلاد لا يمكنّ معها تعديل الهيكل الراتبي لأيّ قطاع من القطاعات نظرًا لعدم وجود جهات تشريعية تجيز تعديل الموازنة على الرغم من أنّ الحكومة الانتقالية استعاضت عن المجلس التشريعية باجتماع مجلسي السيادة والوزراء لإجازة الموازنة، إلاّ أنّه أكّد على عدم وجود مجلسي سيادي ووزراء في الوقت الحالي بعد قرارات الخامس والعشرين من شهر أكتوبر الماضي.

وقال فتحي “الآن ليس لدينا الجسم الرقابية لإجازة تعديل أيّ موازنة” .

سياسة إطفاء الحرائق

وصف هيثم محمد فتحي، ما يحدث الآن في الموازنة بالعمل بسياسة إطفاء الحرائق عبر حلّ أيّ مشكلةٍ بقراراتٍ سيادية أو وزارية

ويكشف فتحي في حديثه لـ”باج نيوز”، عن صدور كثير من القرارات من وزارة المالية دون الرجوع لأيّ جهةٍ مثل قرار إلغاء التقسيط الجمركي للسلع الواردة دون الرجوع لنقابات المستوردين والغرف التجارية.

وأضاف” ليس من المستغرب إجازة أيّ قرارٍ لإرضاء جميع الأطراف من نقابات وعاملين”.

وتوقّع هيثم أنّ يجاز الهيكل الراتبي لعمال الكهرباء دون الرجوع إلى أيّ جهة في ظلّ عدم وجود أيّ جهات تشريعية.

وأشار إلى أنّ إجازة هذا الهيكل سيكلّف الدولة كثيرًا ويجعلها تلجأ إلى طباعة النقود وتغطية الفجوة عبر الطباعة او الاستدانة من الجهاز المصرفي

باج نيوز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.