الخبير الإقتصادي :الحكومة تنفذ أجندة صندوق النقد الدولي دون الإتفاق معه

سودافاكس _ تواجه ميزانية عام 2023م نفس التحديات التي واجهتها موزانة العام الجاري ، وقد تمثلت في عدم تلقيها قروضاً ومنحاً من المؤسسات الدولية، والإعتماد على تمويلها من الموارد الذاتية (جيب المواطن) من خلال زيادة أسعار السلع والخدمات مثل الكهرباء والوقود الخبز، الأمر الذي يشكل عبئاً جديداً على المواطن المغلوب على أمره ، ويزيد من معاناته الإقتصادية، بالمقابل قلل المختص في الشأن الإقتصادي د. خالد التجاني ، من مؤشرات موازنة العام 2023م المتوقع إجازتها من مجلس السيادي خلال الأيام المقبلة، وقال لا جديد في المؤشرات التي حملتها الموازنة وستكون مثل سابقاتها من الموازنات الماضية، لجهة أن الحكومة لا تلتزم بذلك، بل مجرد مؤشرات صورية تضعها وزارة المالية بغرض إلهاء وتشويق الشعب، بأن الموزانة تحمل أشياءً جديدةً تعنيه على معاشه.. وللنقاش حول مؤشرات موازنة العام المقبل في مقابلة حسب ( الانتباهة ) مع التجاني وطرحت عليه العديد من الأسئلة حول هذا الأمر فمعاً إلى مضباط الحوار:

*في البدء صف لنا منشور وزارة المالية للعام ٢٠٢٣م الذي يهدف لزيادة الإيرادات وتحسين معاش الناس ؟

-الموازنة ليست مجرد أرقام متعلقة بالإيرادات أو المنصرفات المتعلقة بالدولة أما المنشور فهو منشور تقليدي يصدر كل عام قبل أشهر من بدء تقديم مشروع الموازنة كموجهات لكن السؤال الذي يفرض نفسه على أي أساس تستند هذه المواجهات أي ماهي السياسة التي تتبع بمعنى أن الموازنة تعبير عن البرنامج السياسي والإقتصادي للدولة ودور الموازنة عكس التمويل لهذا المشروع المتفق عليه لذلك الحديث عن موجهات دون معرفة سياسة الدولة والحكومة الكلية تجاه الإقتصاد وماهي وجهة الإقتصاد وهذه الجوانب لا أحد يعرفها والحديث عن مواجهات دون أساس يعتبر تحصيل حاصل أو مجرد عمل روتيني سنوي ومنشورات الموازنة تصدر كل عام لكن لايتم تنفيذها كترشيد الصرف الحكومي ونجد أن مايحدث هو زيادة الإنفاق الحكومي ويتم التحدث عن تحسين معاش الناس دون أي أساس ويجب أن تكون هناك سياسة لإدارة الإقتصاد الكلي للدولة لذلك أصبح الحديث عن الموازنة عمل روتيني بلا معنى في غياب الحكومة والسائد الآن أن الحكومة عملياً تنفذ في إتفاق صندوق النقد الدول بما يعرف بالإصلاح الإقتصادي لكن يتم هذا بالإتفاق مع طرفين والمجتمع الدولي أوقف التعامل مع السودان وبالتالي الحكومة أصبحت تنفذ في هذه الأجندة دون الإتفاق مع الصندوق.

*ماهو رأيك في مقترحات منشور الموازنة للحد من ترشيد المباني الحكومية ؟

-هذا الأمر متعلق بإدارة الاقتصاد ككل والمشكلة الأساسية أن الحكومة لاتملك أية موارد مالية والحكومة تعتبر نائب عن الشعب لإدارة شؤونها بـ(رشد) وبتفويض منه عقب تقديمها لبرنامج إقتصادي وقبول الشعب به ومن ثم تحدد أولوياتها وعلى ضوء ذلك تتم الموازنة أما الآن الوضع متدهور لجهة أن هناك نقصاً في الإيرادات الحكومية وحال قورنت موازنة العام الماضي ومقابله نجد أن الإنفاق الحكومي متزايد سواءً كان من ناحية الصرف السياسي أو السيادي أو الصرف على الأجهزة الأمنية والعسكرية وحال قورن الإنفاق الحكومي على الإنفاق الحقيقي للخدمات المقدمة للمواطنين سواءً في الصحة أو التعليم أو غيرها لانجد أية نسبة للإنفاق الحقيقي ومايؤكد ذلك الإنفاق في العام الماضي على الأجهزة الأمنية والعسكرية يمثل ٣٠ ضعف الإنفاق على الصحة في حين أن مهمة الحكومة خدمة المجتمع فقط ولايوجد أي تقشف والإنفاق الحكومي قبل وبعد التغيير ثابت لم يتغير لجهة أن الدولة تأخذ موارد من المواطنين ليس لإدارة شأنها بحكم رشيد وإنما بمجموعة الإمتيازات التي تمنح للنخب الحاكمة في السلطة.

*كيف تنظر للوضع الإقتصادي الحالي ؟

-الوضع الإقتصادي الآن في أسوأ حالاته لعدم وجود سياسة حكومية معلومة مع عدم وجود مساءلة أو محاسبة ولا أحد يهتم خاصةً المجلس العسكري الذي قام بالإنقلاب واستلام السلطة الذي كان يجب عليه التصدي لهذه المهمة والحكومة الموجودة الآن تتعامل بفهم أخذ الجبايات من المواطنين ولا ندري ماذا ستفعل بها والوضع أصبح منهاراً والمسؤول المجلس العسكري الذي كان يجب أن يكون شغله الشاغل إصلاح حال الإقتصاد بيد أنه لم يعط أية أهمية للإقتصاد ولا نلقي اللوم على النخب السياسية لأن مايحكم الآن السلطة العسكرية ومن يدفع الثمن المواطن والمشكلة أن هذه المعاناة تحصل في غياب أية رؤية للخروج من هذا المأزق والمسؤولين “ما جايبين خبر” للإقتصاد ومايحدث به.

*فيما يخص زيادة الأجور كيف تنظر للواقع الحالي والمقبل؟

-زيادة الأجور لاتحل أية مشكلة لجهة أن المشكلة تتعلق بكيفية وجود إدارة رشيدة وفعالة للإقتصاد الكلي وأحد أهم مؤشرات كيفية المحافظة على الاستقرار الإقتصادي وهذا لايتأتى إلا بتحقيق المؤشرات الأربعة له وهي خفض نسبة التضخم واستقرار سعر الصرف وزيادة معدلات النمو وسد عجز الموازنة العامة وحال لم تتم السيطرة على هذه المؤشرات يصبح أي حديث عن زيادة الأجور لامعنى له وماحدث في أقل من عامين قامت الحكومة بزيادة الأجور بنسبة ٦٠٠ ٪ لكن هذه الزيادة كانت بمثابة رشوة لغرض سياسي عابر لجهة أن الزيادة كانت مهولة دون معرفة من أين تُمول وكانت النتيجة أن هذه المبالغ لم يعد لها أية قيمة ويجب الإتعاظ من هذه التجربة وإدراك أن الأمر ليس متعلقاً بزيادة الأجور بقدر ماهو متعلق بكيفية قيام الدولة بمسؤوليتها في إدارة الإقتصاد السوداني الغني بموارده لتحقيق استقرار إقتصادي بتفعيل الإنتاج بصورة حقيقية وأية محاولة لزيادة الأجور ستقود للمزيد من الأزمة لأن التعامل يكون مع العرض وليسمع أسباب وجذور المرض.

*حال قورنت موازنة العام الجاري والمقبل هل من جديد ،و بما تنصح من مقترحات؟

لايوجد أي إختلاف بين الموازنتين يتم طبخ أرقام لها لطمأنة المواطن بوجود موازنة، ولكن لايتم الإلتزام بأي بند من بنودها وضحية أي موازنة البنود المفتوحة منها البنود المخصصة للتنمية والتي يفترض أن يتم الإهتمام بها إلا أن مايحدث يتم تجاوزها وإهمالها، ويتم الترويج بأنه الموازنة تعتمد على الإيرادات الذاتية وهذا الحديث ليس له معنى لأن الإيرادات الذاتية لاتعني زيادة الجبايات على المواطن بل تعني تفجير طاقة الإنتاج لكل الموارد الضخمة المتوفرة بالبلاد ، وهذا الأمر متعلق بأنه قد كانت هناك دعومات خارجية ولكن توقفت لكن الحقيقة أن المجتمع الدولي في فترة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك لم يضخ المجتمع الدولي مبالغاً تؤثر في الإقتصاد بصورة إيجابية وحال عدم تفجير الطاقات الحقيقية بالصرف على الإنتاج وترك الصرف على الجيوش التي لاحصر لها وعلى الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية غير المنتجة فإن أي حديث عن الإيرادات الذاتية لن يكون له أي معنى سوى ضغط المواطن المنهك لزيادة الإيرادات التي لاتعني المواطن.

*ماهو المطلوب من الحكومة الإنتقالية لإنقاذ الوضع الإقتصادي المأزوم؟

-الحل المطلوب في المقام الأول سياسي وليس إقتصادي لجهة أن الدولة تتمتع بموارد متعددة لا أول لها ولا آخر سواءً في باطن الأرض وظاهرها وفقر السودان يعتبر فقر السياسة والسياسيين ومايوضح هذا أن هناك بعض البلاد لاتتوفر لديها أي موارد وحال أخذنا على سبيل المثال نجد أن سنغافورة لا تتوفر لديها حتى مياه الشرب ويتم جلبها من ماليزيا ولكنها من أكبر الإقتصاديات في العالم.

*كيف تنظر لحال للمواطن وتعاملاته مع السوق؟

-المواطن مغلوب على أمره وترك وحده لمواجهة هذا الظرف الصعب والمفارقة أن السلطات الحاكمة ومن يعاونونها من مدنيين غير معنيين بمعاناة المواطنين واستغرب أن القوى السياسية المعارضة لماذا لا تجعل هذه القضية أساسية وتكون واحدة من وسائل الضغط على السلطة الحاكمة ولكنهم وللأسف الشديد مشغولين بتقسيم كعكة السلطة وأصبح الوضع الإقتصادي ليس حكراً على محدود الدخل فقط بل تعمم على الجميع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.