لا تقحموا الزوجة الأولى في موضوع تعدد الزوجات

لاحظت كثيراً، أنه عندما يتزوج رجل زوجة ثانية، ينقسم الناس بين مؤيد ومعارض، من يؤيد يبرر بأنه لم يكن ليفعل ذلك لو كان مرتاحاً مع زوجته الأولى، أو كانت تلبي احتيجاته بالكامل، ولا بد أنه قد بدر منها ما دفعه للزواج بأخرى، وبالتأكيد هنالك الكثير من أوجه التقصير منها، مما دفعه إلى هذا القرار.
أما الحزب الآخر وهو حزب المعارضين، فيستنكرون فعلته ويفندون مزاعم الحزب الأول بقولهم إنها زوجة في تمام الكمال، تقوم بواجباتها تجاهه، على أكمل وجه، فهي على الدوام نظيفة، متعطرة (مجيهة) بالعامية السودانية، بيتها نظيف، مهتمة به وبأبنائه، تعامل أهله بمنتهى الاحترام، وليس هناك أي خلل أو تقصير، وفي الحالتين تكون الزوجة هي المستهدفة، سواء وقف الناس معها أو ضدها، في حين أن الرجل هو الذي اتخذ القرار وأقدم على الزواج بأخرى.
قناعتي الشخصية أنه في أغلب الأحيان لا يذكر الرجل السبب الحقيقي الذي دفعه للزواج، وفي أحيان كثيرة لا يكون هناك سبب مقنع للزواج الثاني، لا أنكر أنه أحياناً تكون لدى الرجل دوافع منطقية لتعدد الزوجات، ولكن هذا لا ينفي أن الغالبية العظمى يذهبون للزواج الثاني مستخدمين الحق الشرعي الذي أباح التعدد للرجل. وبالرغم من أن الشريعة الإسلامية وضعت محاذير كثيرة وشروط على التعدد، نجد أنه في الغالب الأعم، يأخذ الرجال من الآية الكريمة الجزء الأول الذي يبيح التعدد ويغفلون سهواً أو قصداً الجزء الذي يضع الشروط والمحاذير على التعدد.
وليس هذا ما أود مناقشته وتسليط الضوء عليه في هذا المقال..
ما وددت قوله إن المجتمع عندما يصدر حكمه مؤيداً أو معارضاً على الرجل المعدد، يكون مربط الفرس هو الزوجة كما أسلفت في بداية المقال، وفي اعتقادي أن هذا ظلم للمرأة سواء تم الحكم عليها كجانية أو مجنياً عليها، وأتوقع أن يستوعب الرجال وجهة نظري في هذا المقال أكثر من النساء، لأنهم هم أصحاب الفعل والقرار هنا، وهم بالتأكيد الذين يعرفون تماماً أن الرجل عندما يقرر الزواج الثاني، لا يكون لزوجته سواء كانت زوجة جيدة أو سيئة أي دخل بقراره هذا من قريب أو بعيد، وأن إقحام زوجته في الأمر ليس عادلاً، فالرجال لديهم الكثير من الأسباب التي تخصهم (وحدهم)، وهي التي تدفعهم إلى قرار الزواج الثاني، الثالث والرابع، وغالباً ما تكون الرغبة في التعدد من حيث هو هي الدافع الرئيس، بالإضافة إلى دوافع أخرى كثيرة ربما قد أفرد لها مقالاً آخر.
رجوعاً إلى مقدمة المقال، هناك الكثير من الرجال يستمرون مع زوجة بها الكثير من النقائص والعيوب، والكثير من التقصير وعدم القيام بالمهام التي تتحملها الزوجة على حسب العرف في المجتمع، وهي النقيض تماماً لتلك التي ذكرتها في أول المقال (المجيهة) على الدوام، واستمراره معها قد يكون لأنه يحبها مثلاً، ولكن بالتأكيد ليس هذا هو السبب الأهم، السبب الحقيقي أنه لا يريد التعدد، بمعنى أن فكرة التعدد لم تصادف هوىً في نفسه من حيث المبدأ، وعكسه تماماً ذلك الذي يحب التعدد لأسباب مرتبطة به هو شخصياً في المقام الأول والأخير.
في هذا السياق يمكننا أن نخرج بتصنيف ابتدائي يضم ثلاث فئات من الرجال:
١. الذي يحب التعدد ويريد الزواج المرة تلو الأخرى ولديه الشجاعة والمقدرة للقيام بذلك.
٢. الذي يحب التعدد، ولكنه يفتقر إلى الشجاعة أو المقدرة أو كليهما.
٣. الذي ليست لديه رغبة في التعدد تماماً والزواج بالنسبة له مرة واحدة فقط..
خلاصة الأمر يا سادتي، لا تقحموا الزوجة في الأمر، فهي ليست طرفاً فيه على الإطلاق، مع إنها غالباً ما تكون الضحية للفئتين ١ و٢ المذكورتين أعلاه.

اليوم التالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.