رفع الفائدة في مصر.. محللون يؤيدون سياسة “التقييد”

سعر الذهب في مصر يشهد ارتفاعات كبيرة خلال الأسابيع الماضية
سعر الذهب في مصر يشهد ارتفاعات كبيرة خلال الأسابيع الماضية
أنهى البنك المركزي المصري حالة الجدل التي صاحبت قطاعات الاقتصاد والنقد خلال الأيام الماضية بشأن سعر الفائدة في البنوك وسعر الجنيه مقابل الدولار، وقررت لجنة السياسات النقدية بالبنك، الخميس، رفع سعر الفائدة على الإيداع والاقتراض بمقدار 3 في المئة. لاحتواء الضغوط التضخمية وتحقيق معدلات تضخم مستهدفة.

وأشارت اللجنة إلى أن المسار المستقبلي لمعدلات التضخم يعتمد على الزيادات التراكمية لأسعار العائد، والتي تستغرق وقتا للتأثير على معدلات التضخم.

ويرى اقتصاديون ومحللو أسواق مال في مصر أن قرارات البنك المركزي بشأن زيادة معدل الفائدة تأتي إيجابية للسيطرة على السيولة في الأسواق، وبالتالي مستويات العرض والطلب وما يصحبها من نتائج على الأسعار بالإضافة إلى تقليل المضاربة على سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية في مصر والذي وصل مستويات قياسية خلال الفترة الماضية منذ تعويم الجنيه.

وقال هاني جنينة، الخبير الاقتصادي والمحاضر في الجامعة الأميركية بمصر، إن، “قرار البنك المركزي يعد بمثابة بداية حقيقية لتعديل الأوضاع الاقتصادية، حتى لو كان معدل زيادة سعر الفائدة أكبر من مستوى 3 في المئة للسيطرة على وضع الأسواق وما يترتب عليها من نتائج تتعلق بالتضخم والأسعار وسعر الدولار”.

وأوضح جنينة في حديث لموقع “الحرة” أن “البنوك تعتمد في أرباحها وخسائرها على أسعار الفائدة بما يمثل الفارق بين سعري الإقراض والاقتراض، وبالتالي فإن رفع معدل الفائدة يؤدي إلى ربحية البنوك ويشجعها للمحافظة على مستويات الأرباح بما يحقق نتائج إيجابية على الملاءة المالية لها وبالتالي على قطاعات الاقتصاد والاقتصاد الكلي”.

كيف يؤثر رفع الفائدة على الأسواق؟
شهدت الأسواق المصرية موجة ارتفاع أسعار جنونية خلال الأسابيع الماضية، ويرى جنينة أن “رفع الفائدة سيعمل على سحب السيولة النقدية من الأسواق بما يؤدي إلى خلق مستويات طلب أقل على السلع والمنتجات، وبالتالي ستكون هناك حالة موازنة بين مستوى العرض والطلب تؤدي إلى استقرار نسبي في مستويات الأسعار بفعل انخفاض الطلب”.

ويضيف أن تلك النتائج ستظهر “أولا على أسعار السلع غير الضرورية بدرجة أكبر ثم تليها تأثيرات على أسعار السلع الضرورية وفقا للعلاقة العكسية التي تربط بين معدلات الفائدة من ناحية والتضخم وحجم الطلب والأسعار من ناحية أخرى”.

وأعلن البنك المركزي أن البيانات المبدئية تشير إلى تعافي النشاط الاقتصادي خلال الربع الثالث من 2022 حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو بلغ 4.4 في المئة مقارنة بمعدل 3.3 في المئة خلال الربع الثاني من هذا العام.

وأشار إلى أن هذا النمو جاء مدفوعا بالمساهمة الموجبة لقطاعات الزراعة وتجارة الجملة والتجزئة والسياحة فضلا عن استمرار معظم المؤشرات الأولية في تسجيل معدلات نمو موجبة خلال الربع الرابع من 2022.

ويؤكد جنينة أن “تلك المؤشرات تأتي نتيجة مباشرة لإنهاء العمل بمبادرات التمويل منخفضة الفائدة التي كان معمولا بها وتوقفت منذ أكتوبر الماضي، لأن تلك المبادرات كانت لها تشوهات ونتائج سلبية على الاقتصاد ككل وحين تم إيقافها بدأت بعض النتائج الإيجابية تظهر على معدلات النمو والناتج الإجمالي الحقيقي للاقتصاد المصري”.

وحول علاقة سعر الدولار مقارنة بالجنيه المصري والذي لم تتضمن قرارات البنك المركزي تحريكه والإبقاء عليه، قال إن “رفع معدل الفائدة يوجه المواطنين إلى تقليل المضاربة على الدولار بما يؤدي إلى زيادة سعره في السوق الموازية بفعل الهزة التي سيتعرض لها سعر الدولار في هذا السوق، لأن المفاضلة ستكون بين الاستثمار في شهادات ذات عائد مرتفع والمضاربة في سعر الدولار بالمخاطرة الناتجة عن تقلبات سعره في السوق الموازي، ونتيجة هذه المفاضلة تكون في صالح تقليل الطلب على الدولار بما يؤدي لانخفاض سعره أو على الأقل استقراره دون زيادة”.

واختتم جنينة حديثه مؤكدا أن مصر “تعتمد سياسة تقييد حقيقية خلال الفترة الماضية وصولا إلى قرارات رفع سعر الفائدة للسيطرة على الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد وتحقيق نتائج إيجابية على مستوى الأسعار ونسب التضخم”.

التضخم يصل لأعلى مستوياته منذ 2017
واستمر معدل التضخم العام في مصر في الارتفاع، خلال الربع الرابع من 2022، مسجلا 18.7 في المئة، في نوفمبر الماضي، وهو أعلى معدل له منذ ديسمبر 2017.

وبالمثل استمر المعدل السنوي للتضخم الأساسي في الارتفاع منذ أكثر من عام مسجلا 21.5 في المئة، في نوفمبر الماضي أيضا، وهو أعلى معدل له منذ نوفمبر 2017 متأثرا بانخفاض قيمة الجنيه خلال أكتوبر الماضي وزيادة المعروض النقدي واستمرار الآثار السلبية الناجمة عن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

ويقول المحلل الاقتصادي، الدكتور أحمد معطي، إن “رفع الفائدة جاء أعلى من توقعات المحللين التي كانت تدور حول زيادة بمقدار 2 في المئة وليس 3 في المئة، وذلك لدعم الجنيه المصري وتخفيض التضخم وهو الهدف الأساسي من رفع الفائدة، لأن آلية رفع الفائدة هي وصول معدلاتها إلى المستهدف وبالتالي سيتجه المواطنين إلى البنوك للحصول على فوائد عالية، والتي قد تصل إلى 20 في المئة أو أكثر قليلا بما يؤدي إلى خفض الطلب على السلع والمنتجات وتأثر الأسعار بذلك الخفض في اتجاه الاستقرار”.

وأضاف أن “الاستثمار في عائد الفائدة يعد استثمارا آمنا بخلاف المضاربة في سعر الدولار المعروف بالدولرة بما يعمل على زيادة الحصيلة الدولارية ودعم سعر الجنيه وهي النتيجة المباشرة المترتبة على رفع سعر الفائدة في البنوك”.

هل تتأثر أسعار الذهب؟
يشهد سعر الذهب في مصر ارتفاعات كبيرة خلال الأسابيع الماضية والتي وصلت لـ400 جنيه زيادة في سعر الغرام الواحد عن السعر العالمي والذي أدى إلى اضطراب كبير في أسواق الذهب المصرية.

ويرى معطي أن “الاتجاه نحو الاستثمار في شهادات ادخار بنسب مرتفعة بفعل زيادة نسبة الفائدة سيخفف الضغط على مستويات الطلب للذهب بما يدفع نحو استقرار الأسعار بعيدا عن حالة الارتفاع والاضطراب الذي شهدته مؤخرا”.

وأفاد البنك المركزي المصري بأن معدل التضخم السنوي للسلع الغذائية جاء مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع معدل التضخم للسع الغذائية الأساسية منذ بداية عام 2022، بالإضافة إلى أن ارتفاع معدل تضخم الخدمات منذ بداية العام جاء بسبب ارتفاع أسعار خدمات المقاهي والمطاعم بشكل أساسي في حين شهدت بنود مجموعة السلع الاستهلاكية خلال نفس الفترة ارتفاعا واسع النطاق.

وأشارت لجنة السياسات النقدية المصرية إلى تزايد الضغوط التضخمية من جانب الطلب في الآونة الأخيرة، وهو ما انعكس في التطور الاقتصادي الحقيقي مقارنة بالطاقة الإنتاجية القصوى وفي ارتفاع العديد من بنود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين، وفي زيادة معدلات نمو السيولة المحلية.

الحرة


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.