المسافة بعيدة يا دقلو..!! …بقلم: زاهر بخيت الفكي

قيل أنّ فرعون، داعب وزيره هامان يوما، كم أتعبني رأسك عندما خلقتك.
بلا أقنعة – زاهر بخيت الفكي
المسافة بعيدة يا دقلو..!!
يقيني بأنّ من كتب أو أعان حميدتي على كتابة خطابه الأخير، فشل فشلاً ذريعاً في دعم الرجُل، واخراجِهِ من ورطته السياسية، فمن غير المعقول أن يخرُج حميدتي، بعد عام وربع العام من الانقلاب، ليُحدِّثنا كسُذج عن رفضه للانقلاب، وعن ندمه الشديد المُشاركة فيه، وكيف لرجلٍ يجلس اليوم في مقعدِ السُلطة الثاني، أن يصعُد للمنابر للحديث بهذا المنطِقِ الفطير، والغير مُقنِع، فهل تظُن يا هذا بأنّهم سيُصدقونك حقا، ويستجيبوا لنداءاتِك المُتأخرة، وهل تعتقد بأنّهم سيقبلوا اعتذارك الذي تُسابق به التوقيع على الاطاري، وأظنّك تعلم يا دقلو، بأنّ الوسائط اليوم فيها توثيق بالصورة والصوت لكُل حركاتك وسكناتك وكلماتك، عن تأييدك الانقلاب، وعن التهديد والوعيد، فالهُروب منها مُستحيلا، وانكارها لن يُفيد، والبتكلم كثير بغلط كثير يا جنرال.
ثُمّ أنّ العزف على وترِ الفلول ما عاد يُطرِب (الثوار)، ولن يستمِع له المواطِن، واصبحت تلك النغمة ممجوجة وبايخة، فمن أعانوك على كتابة خطابك التاريخي، ليتهم بحثوا لك عن مطايا أخرى للوصول بها للثوار، وللمواطِن المأزوم، والذي أصبح في ظل التعقيدات الحالية، لا يُمانِع من عودة الفلول أو حتى المُستعمِر، لينعم ببعض الاستقرار الذي افتقده في وجودكم، بسبب الضائقة المعيشية، والانفلات الأمني، وتضاعُف الأزمات في كُل الخدمات الحياتية المُعينة على العيش الكريم على ظهر هذا البلد المأزوم، بخلافاتكم وصراعاتكم على مقاعد السُلطة فيه، واستئثاركم بموارده.
يقول الفريق حميدتي في إحدى فقرات خطابه، مُخاطباً الفلول الذين جاءوا له بالزانة، وعلموه طريقة القفز بها عاليا، للوصول بها لهذا المكان، (لقد حكمتم هذه البلاد بغير وجه حق فيها، وفصلتُم فيها السودان لبلدين، نشرتم فيها الفساد والاستبداد، اثرتم فيها الفتن القبلية والاجتماعية حتى ثار ضدكم الشعب وأسقطكم، لثلاثين عاما، قسمتم أقول لكم ارفعوا ايديكم عن الفتنة في المؤسسة العسكرية وفي أوساط المجتمع السوداني، واتركوا هذا الشعب ينعم بفترة انتقال سياسي مستقر يختار في نهايتها من يحكمه دون تزوير وتزييف).
لقد أخطأ حقاً من أشاروا عليك بزج الفلول في خطابك هذا، والتاريخ القريب مازال يقف شاهدا، يُحدِث الناس عن دخولك للمشهد السياسي عبر أوسع بواباتهم، ويُحدثهم عن استخدامهم لك كآداة حرب، ويد باطِشة يضربون بها من خالفوهم الرأي، وبطولاتك في ضربِ أعداء الإنقاذ، من أبناءِ دارفور وغيرها، لتثبيت أركانها ما زال صداها يتردد في فضاءات قوز دنقو وغيرها من ميادين القتال، التي لم تجف منها دماء الجرحى بعد، ولقد صيّروك علماً تُشير إليه أصابع الجنائية والمنظمات الدولية.
ليتك بحثت عن أدواتٍ أخرى، لاستخدامها في بناءٍ صرحكم السياسي المأمول، وللوصول بها لمن تنوي الاعتماد عليهم في غدك، إذ أنّ المسافة بينكم والمواطن بعيدة جدا، وقد زادتها تقلباتُكم السياسية بُعدا.
قيل أنّ فرعون، داعب وزيره هامان يوما، كم أتعبني رأسك عندما خلقتك.
الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.