السودان إلى أين؟ (3) سيناريوهات تحدِّد المصير

مياه كثيرة جرت تحت الجسر منذ أن وقع المكوِّن العسكري وقوى سياسية مدنية على الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر الماضي، والذي استقبله الشعب السوداني بالكثير من التفاؤل والترحيب عله ينهي حالة الانسداد والاحتقان السياسي، لكن ظهور أطراف معارضة للاتفاق وشكلت مهدِّداً للمضي فيه بعد أن علت أصوات تلك المجموعة وهي “الكتلة الديموقراطية” والتي أعلنت صراحة رفضها للاتفاق الإطاري، ومضت أبعد من ذلك حينما هدَّدت بإسقاطه، ووصفت الكتلة الديموقراطية “الإطاري” بأنه اتفاق ثنائي بين العسكريين والحرية والتغيير “المجلس المركزي”، فيما تمسَّك “المجلس المركزي” برفض انضمام الكتلة الديموقراطية للاتفاق الإطاري وفتح الباب لحركتي تحرير السودان بقيادة مناوي، والعدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم للالتحاق بالاتفاق والتوقيع كتنظيمات منفصلة على الإطاري، فيما تمسَّك مناوي وجبريل بالتوقيع ككتلة وليس كتنظيمات، تلك التعقيدات في الأزمة السودانية طرحت سؤالاً جوهرياً مفاده السودان إلى أين؟

حالة انسداد

يرى مراقبون أنه فيما يمضي الاتفاق الإطاري بخطوات ثابتة إلى نهاياته بعد استكمال ثلاث ورش، من جملة خمس ورش، تمثل القضايا الخلافية إلا أنه مازال يواجه تحديات وعراقيل من شأنها أن تزيد المشهد تعقيداً.

وفي المقابل لايزال السودان يعاني من تداعيات قرارات الخامس من أكتوبر 2021 خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية واستمرار حالة الانسداد السياسي.

قلب الطاولة

ورسم محللون ثلاثة سيناريوهات تحدِّد مصير السودان أول هذه السيناريوهات وصول الاتفاق الإطاري إلى نهاياته وبالتالي الوصول إلى توافق وتشكيل حكومة مدنية انتقالية، ثاني تلك السيناريوهات هو فشل الاتفاق الإطاري وبالتالي يذهب الوضع إلى مزيد من التعقيدات قد تفضي إلى قلب العسكريين الطاولة مجدِّداً على المدنيين واستلام السلطة، أو أن تقود حالة الاحتجاجات المنتظمة بالبلاد إلى انتصار جديد للثورة وإسقاط الحكومة أو إلى فوضى وحالة من السيولة الأمنية.

أزمة عميقة

وقال الناطق الرسمي لحزب البعث العربي عادل خلف الله لـ(الصيحة): إن الأزمة السياسية عميقة، ومركبة ومعقدة، لاسيما بعد انقلاب 25 أكتوبر .

وأضاف:” لا اعتقد أن الاتفاق الإطاري هو الحل، حتى يصل إلى نتيجة تزيل حالة الانسداد السياسي، وأضاف: ” الإطاري” خرج من دهاليز موقف للبعثة الأممية في أول لقاءاتها مع الحرية والتغيير أو بوجه الخصوص من حزب البعث العربي الاشتراكي ..ومن مقولة: ( ننطلق من مسافة واحدة من كل الأطراف)، وقال: إن الجهود الدولية وظفت كل جهودها وماتمتلك بهدف إحداث مصالحة وكان يمكن أن تصل إلى توافق شام ،وأضاف: “لكن اعتقد أن هذه الأجواء أوجدت مشروعية للانقلاب، وخفف من الضغوط الشعبية والدولية عليه”.

وقال خلف الله: “أرى أن الإطاري ولد نتاج تدخلات إقليمية ودولية “هجمة استعمارية تستهدف موارد السودان ومحاولة احتواء الانتفاضة الشعبية”.

وبحسب خلف الله، فإن الإطاري أحدث تصدعات داخل الحركة الجماهيرية ووسط القوى الموقعة عليه، أضف إلى ذلك اكسب الانقلاب وقتاً، وتابع “لكن لم يكن حل متكافئي للأزمة”.

وقال: إن من يراهن على تحقيق مكاسب سياسية من أجواء “الإطاري”، بمعزل عن الانتفاضة وصل إلى حقيقة أن السلطة الحالية لايمكن تجريدها من السلطة أو العناصر المادية .

ورسم سيناريو لحالة السودان، وقال “السيناريو الأقرب للحدوث إن البلاد ستتجه إلى انتصار جديد للثورة، عبر الانتفاضة والحراك السلمي الجماهيري.

انتصار جديد

في المقابل حدَّد الحزب الشيوعي مخرج البلاد، وأكد أنه سيكون عبر الانتفاضة وانتصار جديد للثورة، وقال القيادي بالحزب كمال كرار لـ(الصيحة): إن السيناريو الأقرب من حيث الحدوث، هو انتصار مؤكد للثورة السودانية، وربط ذلك باستمرارية حالة الثورة والمواكب وجداول التصعيد طيلة السنوات التي تلت إسقاط البشير، بجانب تفاقم الأوضاع الاقتصادية التي تدفع إلى مزيد من الاحتجاج -حسب قوله .

ويرى كرار أن ما أسماهم جماعة التسوية السياسية والهبوط الناعم لا يملكون قواعد شعبية كبيرة، وأن الطريق الذي مضوا فيه سبق وأن اختبره الشعب السوداني، وزاد: “من يتساءل عن مآلات الأوضاع السياسية أقول لهم إن السيناريو الأقرب هو استمرار التشاكسات بين من أسماهم معسكري التسوية أو العملية السياسية التي تنتظم حالياً، في إشارة لكتلتي الحرية والتغيير .”

وقال: “أحد هذه القوى تنظر إلى العالم الخارجي وتسبح بحمده، وتستسلم للعسكريين، وقوى أخرى تنظر إلى السلطة والمصالح”، وتابع:” لكن هنالك قوى الشارع ومن ينظر إلى الثورة كنهايات منطقية رغم العثرات”.

واستبعد كرار حدوث الفوضى كأحد السيناريوهات المحتملة، وقال:” من يتحدث عن الفوضى يريد للشارع الخضوع للأمر الواقع ويرضى بأنصاف الحلول ولكن استبعد حدوث الفوضى”.

الإعلان السياسي

بالمقابل استبعد المحلِّل السياسي د. عبد الرحمن أبوخريس، قلب المكوِّن العسكري الطاولة على المكوِّنات المدني ،وقال لـ(الصيحة): إن المكوِّنات المدنية لاتزال متماسكة، ولاتوجد بوادر لانشقاقات وسطها أو مواقف للانفراد بالرأي.

وقال: إن هنالك قوة دفع إقليمي تجاه توسعه المشاركة في الاتفاق الإطاري، وأضاف:” هنالك الضغوط الدولية وزيارة المبعوثين الدوليين وتأكيدهم على أهمية السلطة المدنية من خلال توسعة المشاركة دون تحديد تنظيمات معينة دون غيرها” .

وأضاف: “اعتقد أن الإعلان السياسي المزمع التوقيع عليه سيكون نواة لحل أزمة السودان عبر توافق شامل وماعون يسع جميع الكتل المدنية”.

سودافاكس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.