كلمات حرة
انتحار دولة!
د. أسامة الغزالى حرب
كمواطن مصرى، وكباحث سياسى، وكمثقف ملتزم بقضايا وأولويات بلدى، لا يمكننى إلا أن أكرر بلا كلل، وبلا ملل، التعبير عن قلقى وانزعاجى الشديدين من استمرار الصراع العبثى المدمر فى السودان…السودان الشقيق! ولا شك عندى فى أن الدولة المصرية، بكل أجهزتها المعنية، تضع ما يحدث فى السودان فى مقدمة اهتماماتها، وتسعى للإسهام مع الأطراف العربية والإفريقية والدولية لوضع نهاية لذلك الصراع. إن السودان بالنسبة لمصر، ليس كما هو لأى بلد آخر، والشعب السودانى بالنسبة للشعب المصرى ليس كأى شعب آخر.
ولذلك اهتممت بمتابعة الأزمة أو المحنة أو الكارثة السودانية – سمها كما شئت – منذ يومها والتى أسميها اليوم أيضا انتحارا للدولة السودانية! نعم… أراه انتحارا.. ولا أقل من ذلك! ولكى لا يعتقد أحد أننى أبالغ فى هذا الوصف، سوف أعيد هنا التذكير ببعض الأحداث ذات الدلالة التى وقعت فى العام الماضى، فعلى أنقاض كوارث السيول والفيضانات التى حلت بالسودان فى أغسطس 2022 والتى أدت – ضمن ما أدت- مثلا إلى إتلاف أكثر من 90% من شبكة الصرف الصحى فى الخرطوم.. بدأت تتداعى أنباء الصراع المتصاعد بين الجيش السودانى بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ورئيس المجلس العسكرى الانتقالى، وبين ميليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو(التى هى فى الأصل ميليشيا الجنجويد التى سبق أن شكلتها القوات المسلحة السودانية، لقتال المجموعات المتمردة فى إقليم دارفور.).. غير أن تلك الميليشيا، دخلت بعد ذلك فى صراع دام مع الدولة التى كونتها، الأمر الذى دفع ملايين السودانيين لترك بلدهم، فضلا عن آلاف القتلى والجرحى والمآسى الإنسانية الفادحة. تلك وقائع مؤسفة تقدم درسا بليغا، وهو أن ازدواج القوة العسكرية فى الدولة هو فى الحقيقة أخطر وصفة لما أسميه انتحار الدولة. فليحفظ الله السودان الشقيق، ويلهم قادته الحكمة والبصيرة!
Osama 1947@gmail.com