بعد الولادة .. “تبقى لحين السداد” عبارة قاسية تدك عرش الرحمة بالمستشفيات

غزت عبارة “تبقى لحين السداد” مستشفيات النساء والتوليد وتسمعها النسوة النازحات جراء الحرب اللائي يضعن مواليدهن وهن لا يملكن رسوم الولادة الطبيعية ولا القيصرية.

وترهن عديد من النسوة داخل المشافي حتى توفي المبالغ المطلوبة في فترة قد تمتد لعشرة أيام بعد الولادة، دون ان تقدم المستشفى لهن أي خدمات إضافية ويصعب عليهن حتى الحصول على خدمة الاشراف والمتابعة.

وفي مراكز الايواء المشيدة لاحتواء الفارين من الحرب تنطلق بين الحين والأخر صرخات تشق صمت المكان حين تحين لحظة مخاض سيدات ينتظرن اطفالا جدد.

وسطر لهؤلاء الحدث ان يولدوا في خيام خالية من ابسط مقومات الحياة ونساء بعيدات عن ذويهن يستجدين من يشرف على العناية بهن خلال أيام ما بعد الوضوع.

وتعددت حالات الوضوع بشكل ملحوظ في أكثر من مركز ايواء بولاية البحر الاحمر شرقي السودان ما يضاعف معاناة الامهات اللائي يتخوفن من كلفة الولادة بالترافق مع ضيق ذات اليد.

وافادت القابلة هناء العاملة بمنظمة “smarties purse” سودان تربيون أن النازحات بمراكز الايواء ومن اقتربت ولادتهن يعشن ظروفا قاسية ولايملكن رسوم الولادة كما أن المستشفيات غير جاهزة لاستقبالهن مجانا ومن تضع ترهن بالمستشفى الى ان حين السداد.
وقالت إن اعداد الولادات الحديثة في تزايد مضطرد مشيرة الى ان معسكر الشاحنات في بورتسودان شهد ست ولادات حديثة فيما ينتظر أن تضع 9 من النسوة حملهن قريبا.

وروت هناء لسودان تربيون كيف أن احدى النازحات احتجزت بالمستشفى لخمسة ايام لحين سداد مبلغ الولادة، واضافت “عاشت تلك السيدة ايام صعبة في المستشفى ولم تجد من يخدمها”.

وذكرت انها تقوم بتوليد معظم النساء في المعسكر بالمقر نفسه وتراعي عملية التعقيم موكده ان هذا الاجراء فقط لخدمة النازحات ويكفيهن معاناة واذلال المستشفيات.

وتواجه هناء في بعض الأحيان صعوبات تجبرها على نقل الحالة الى المستشفى وهو ما حدث لسيدة استدعى وضعها التدخل الجراحي لكن بسبب عدم امتلاكها أجرة العربة التي تقلها لمستشفى الولادة توفى جنينها وباتت تعيش حاليا وضعا نفسيا سيئا.
وتداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي قصصا لتعامل مشافي مع حالات وضوع، ألزمت خلالها السيدات بسداد قيمة الولادة قبل مغادرة المستشفى، كما تداول على نطاق واسع التعامل الفظ لمسؤولين في مستشفى كوستي مع حالة سيدة تعرضت للإجهاض ومنعت من المغادرة قبل سداد تكلفة العملية.

تراكم المصائب

داخل أحد المعسكرات ببورتسودان تستلقي “عزة” وهي نازحة من الخرطوم وامامها رضيع لم يتجاوز العشر ايام وعلى ملامحها الام حادة جراء العملية القيصرية التي لم يلتئم جرحها، وبدت الشابة وحيدة بالمركز فبعد أن قدت التواصل مع زوجها الأسير لدى قوات الدعم كما انها لا تستطيع التحدث مع والدتها وتعرض هاتفها للسرقة اثناء الولادة.

وضعت الحرب عزة أمام أوضاع تتقازم أمامها كليا فلا أحد يشرف على خدمتها ومن كانت تشاركها الغرفة اخرجتها منها، فتعاطفت معها بقية النسوة لكنهن بقين عاجزات عن مساعدتها بتقديم الطعام الذي تحتاجه.

لاحقا، علمت سودان تربيون أن عزة غادرت المركز ولجأت لمعسكر آخر لكن المسؤولين عنه رفضوا استقبالها بحجة انها صغيرة وربما تترك الطفل وتهرب.

تروي عزة قصتها وكيف انها تزوجت في سن مبكرة وكانت تعيش بشرق النيل وبعد نشوب الحرب غادرت اسرتها الى مصر بينما رفض زوجها الخروج وفضلت هي المكوث معه.

وتضيف “ذات يوم طرق الباب عناصر من الدعم السريع واخذوا معهم زوجي خفت ان يتم اغتصابي اتصلت بابن عمي في بورتسودان فأرسل قيمة تذاكر السفر واستقبلتني اخته في منزلها، ولقرابة الأربع وعشرين ساعة عشت الام المخاض القاسية ليقرر الطبيب اجراء عملية قيصرية لكن زوج بنت عمي لم يقبل انشغالها عن صغيرتها وطردني من المنزل.
وتتابع “لم أجد مكان فلجات الى عدد من مراكز الايواء رفضت معظمها استقبالي بحجة إنني صغيرة ووحيدة”.

حوامل …قلق من القادم

لم تتوقع ياسمين ان يكون حملها أحد همومها في الحياة كانت تقطن مدينة ام ردمان فرت من الحرب وشبح الموت الى واقع اسوا من صوت الدانات حيث لاماوى ولا طعام او شراب.

تقول ياسمين لسودان تربيون “اقترب موعد ولادتي اخاف ان اضع جنيني في هذا المعسكر وانا ارى يوميا معاناة الاطفال حديثي الولادة فأخاف على مصير مولودي خاصة في ظل انتشار الامراض الجليدة المعدية.

أما رياح القادمة من الخرطوم فاتخذت مسكنها بشجرة في قارعة الطريق بالقرب من مركز ابناء الشمال، وبعد أن وضعت حملها بعملية قيصرية عادت الى ذات الشجرة لكن وضعها الصحي ساء فاعيدت الى المستشفى وتكفل بعدها أحد الخيرين بمنزل لفترة محدودة.

اما عائشة وهويدا نازحتان بمعسكر الداخلية قرب سوق الزيارة في بورتسودان يقاتل ازواجهن ضمن صفوف الجيش بالمدرعات في الخرطوم واجهن تجربة الولادة للمرة الأولى وحيدات

وتقول هويدا لسودان تربيون إن الخناق ضاق عليهم بمنطقة ام عشر جنوب الخرطوم فاضطرت للهرب الى مدني ومنها الى بورتسودان لكنها لم تحتمل الطريق الطويل ووضعت طفلها وهو في الشهر السابع وتولت عنها احدى المنظمات دفع تكاليف الولادة.

وافادت عائشة التي تقطن حي العشرة بالخرطوم ان زوجها يقاتل في سلاح المدرعات وأنها فضلت السفر لبورتسودان ووضعت طفلها بمستشفى الموانئ وأن احدى المنظمات دفعت التكلفة، لكن عائشة تعرضت لمضاعفات مرضية بسبب بؤس المكان وسوء التغذية.

سودان تربيون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.