هل يجوز تحديد نوع المولود؟.. الإفتاء: ليس حرامًا في هذه الحالة وبشرط واحد..!

هل يجوز تحديد نوع المولود ؟، لا شك أنه من المسائل التي تهم الكثير من الأزواج والزوجات، حيث تدفعهم العادات والمعتقدات إلى تفضيل الذكور عن الإناث أو العكس، وهذا ما يطرح السؤال: هل يجوز تحديد نوع المولود أم أنه تدخل في إرادة الله سبحانه وتعالى، ولا ينبغي الإقدام على مثل هذه الخطوة منعًا للوقوع في الحرام، وحيث إن انجاب ذكر هو حلم الكثيرين وهو ما يدفعهم إلى هذا الإجراء ، لذا يظل استفهام هل يجوز تحديد نوع المولود ؟ مطروحًا وبقوة.

قالت دار الإفتاء المصرية ، إن الله تعالى خلق الإنسان خلقًا متوازنًا؛ فجعله زوجين: ذكرًا وأنثى، وميَّزَ كُلاًّ منهما بخصائص تتناسب مع الوظائف التي أقامه فيها، وبيّن أن هذه هي طبيعة الخلق التي تقتضي استمراره.

واستشهدت ” الإفتاء” في إجابتها عن سؤال: ( هل يجوز تحديد نوع المولود ، هل يُجِيزُ الشَّرْعُ الحنيف استخدام ما وصل إليه العلم الحديث في مسألة تحديد نوع الجنين؟) ، بما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ الآية 1 من سورة النساء.

ودللت بما قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى (45) مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى(46)﴾ من سورة النجم، وقال تعالى: ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ الآية 49 من سورة الذاريات.

وأوضحت أن هذا التنوع في الخلق، والتوازن في الطبيعة هو ما اقتضته حكمة الله تعالى العليم بكل شيء والقدير على كل شيء، مشيرة إلى أنه عندما نتناول مسألة كمسألة تحديد نوع الجنين فإننا نعالجها على مستويين مختلفين: ( الأول: المستوى الفردي، الثاني: مستوى الأمة).

وأضافت أنه على المستوى الفردي: فالحكم الشرعي لتحديد نوع الجنين بالنسبة على المستوى الفردي هو الإباحة؛ إذ الأصل في الأشياء الإباحة، ولا تحريم إلا بنص، ولقد كان من دعاء سيدنا زكريا عليه السلام: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ۞ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ [مريم: 5-6].

وتابعت: فطلب من اللهِ الولدَ الذكرَ، كما حمد سيدنا إبراهيم عليه السلام ربه حين رزقه الولد فقال: ﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم: 39].

وأشارت إلى أنه قال الإمام البيضاوي في “تفسيره” (3/ 201، ط. دار إحياء التراث العربي-بيروت): [وفيه إشعارٌ بأنه دعا ربه وسأل منه الولد، فأجابه ووهب له سؤله حين ما وقع اليأس منه ليكون مِنْ أجَلِّ النعم وأجلاها] اهـ.

وأفادت بأنه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: لأطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ علَى مِائَةِ امْرَأةٍ، أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ كُلُّهُنَّ، يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ» أخرجه البخاري واللفظ له (2664)، ومسلم (1654). وترجم له البخاري فقال: (باب مَنْ طلب الولد للجهاد).

ونوهت يأنه قد ورد في السنة الإشارة إلى تحديد نوع الجنين؛ ففي حديث ثَوْبان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ، أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ، آنَثَا بِإِذْنِ اللهِ» أخرجه مسلم (315).

واستطردن: و«أذْكَرَا» أي: كان ولدُهما ذَكَرًا، و«آنَثَا» بالمد وتخفيف النون، وروي بالقَصْر والتشديد «أنَّثَا»، أي: كان الولدُ أنثى. ينظر: “الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج” للسيوطي (2/ 75، ط. دار ابن عفان للطباعة والنشر).

ونبهت إلى أننا لو فهمنا الحديثَ على وجهه وطبقنا ما فيه للوصول إلى تحديد نوع الجنين لم يكن علينا من بأس، فإخبار الشارع لنا بأمور غيبية جائزٌ لنا الاستفادةُ منها، إلا ما نَهَى هو عنه، فدل ذلك على مشروعية طلب نوع محدد من الذرية، وأن السعي للوصول إلى ذلك مشروع. والأمورُ بمقاصدها.

ومن ناحية أخرى لفتت إلى أنه على مستوى الأمة:أما إذا عالجناها على مستوى الأمة فالأمر يختلف؛ لأن الأمر قد يتعلق حينئذٍ باختلال التوازن الطبيعي الذي أوجده الله تعالى، واضطراب التعادل العددي بين الذكر والأنثى الذي هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشري، وتصبح المسألة نوعًا من الاعتراض على الله تعالى في خلقه؛ بمحاولة تغيير نظامه، وخلخلة بنيانه، وتقويض أسبابه التي أقام عليها حياة البشر.

وذكرت عدة اعتراضات والرد عليها: وقد يَرِدُ على هذا بعض الاعتراضات، منها:إذا قيل: إِنَّ قوله تعالى: ﴿للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ۞ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: 49-50] يَمْنَعُ تحديد نوع الجنين؛ لأن الله هو الذي يهب ما يشاء.

وواصلت: قلنا: إِنَّ الله يهب ما شاء لمن يشاء، والتعرُّض لهبة الله والسعي إليها غير محظور؛ فهو في ذلك كالرزق والرحمة وكل عطاءات الملك الوهَّاب، ثم إن الله تعالى يجعل من يشاء عقيمًا، ومع ذلك فالتداوي من العقم جائز، فكذا يكون تحديد نوع الجنين جائزًا.

وأكملت : وإذا قيل: قد يقبل الناس على اختيار نوع واحد، وهو الذكور غالبًا، وفي هذا إنهاء للنوع البشري. قلنا: إنه ليس كلّ الناس سيقبل على الحمل عن طريق التحديد أصلًا، ثم إن هناك فريقًا قد يطلب الإناث لوجود الذكور مثلًا، وهناك من سيطلب الإناث لأن الأب يكون عنده مرض ينتقل إلى الذكور ولا ينتقل إلى الإناث، خاصة إن كان هذا المرض يُحدِثُ عاهات أو تخلفات عقلية، إضافة إلى أن أفضل نتائج مراكز تحديد نوع الجنين لا تتجاوز نسبة 50%.

وبينت أنه إذا قيل: إنَّ هذا فيه تغيير وتبديل لخلق الله. قلنا: إِنَّه ليس في التحديد تغيير؛ فالتغيير يكون بعد التحديد، وهنا قد تم التحديد ابتداءً.وإذا قيل: إن هذا يؤدي إلى اختلاط الأنساب. قلنا: إننا نوصي بأن يتم التحديد بالضوابط الشرعية. وإذا قيل: إن هذا عبثٌ، وهو لا يجوز فعله. قلنا: إن العبث ما فُعل دون فائدة، وهذا قد أثبتنا فائدته، والحاجة إليه واقعًا وشرعًا.

وأكدت أن هناك فارقًا في الحكم بين تحديد نوع الجنين على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجماعي؛ وذلك بناءً على ما هو مقرر شرعًا من اختلاف الفتوى باختلاف تعلّق الحكم بالفرد وتعلّقه بالأمة، وهذا نجده كثيرًا في كتب الفقه.

أجاب قال الدكتور أحمد ممدوح مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال (ما حكم تحديد نوع المولود ؟ وذلك لأن أختى تريد عمله لأنها حملت ببنتين وتريد أن تنجب صبي وفرصتها في الحمل مرة أخرى ضئيلة لظروف صحية؟)، بأنه يجوز اللجوء لعمليات تحديد نوع الجنين ولا حرج فى ذلك.

ونبه الشيخ محمد وسام ،أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إلى أن هذا أمر جائز ولا مانع منه شرعا.

وأكد الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أنه يجوز شرعا تحديد نوع الجنين، منوها بأنها مجرد احتمالات والخالق والمقدر هو الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يرزق بالمولود ، كما أن معرفة ما في بطن المرأة الحامل من نوع الجنين ذكرًا كان أم أنثى لا شيء به.

ودلل على ذلك بما قال الإمام القرطبي أن هذا ليس من العلم بالغيب وإنما هو من قبل الاستدلال، مشيرًا إلى أن تحديد نوع الجنين، إذا كان على المستوى الفردي ليس في الشرع ما يمنع من ذلك ولكن بشرط ألا يكون في التقنية المستخدمة ما يضرُّ بالمولود في قابل أيامه ومستقبله، وهذا مَرَدُّه لأهل الاختصاص.

وأفاد أن من يريد أن يحدد نوع الجنين فيجوز ذلك ولكن بشرط أن لا يضر به فلا يُقبَل أن يكون الإنسان محلا للتجارب ومحطًّا للتلاعب.

لفت مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، إلى أنه لا يوجد في الشرع الإسلامي الحنيف ما يمنع من تحديد جنس ونوع الجنين، منوهًا بأن له عدة ضوابط لابد من اتباعها ومراعاتها عند إجراء هذا التحديد، منها: أن تكون هناك حاجة ماسة إلى هذا التحديد، كأن تكون ذريته كلها بنين وهو يريد البنات، أو العكس، وأن يأمن الزوج عدم اختلاط الحيوانات المنوية الخاصة به بحيوانات أخرى، وألا يؤدي ذلك إلى ظهور وكشف العورات بدون ضرورة ملحة، وأن يكون ذلك بطريقة علمية مجربة وآمنة.

وأشار إلى أنه ينبغى على الزوجين أن يتوكلا على الله عز وجل، وأن يدركا أن هذا العمل من قبيل الأخذ بالأسباب، وأن نجاح هذا من عدمه متوقف على مشيئة الله عز وجل وإرادته، منبهًا إلى أن طلب الجنس المعين من الولد له أصل شرعي، حيث يقول الله تعالى على لسان سيدنا زكريا- عليه السلام-: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}.

يستطيع كل من الزوجين الدُّعاء بالإنجاب، وبأن يرزقهم الله -تعالى- مولوداً ذكراً، وذلك من خلال أحد الأدعية الآتية:

اللهم إني أسألك أن ترزقني ولداً ذكراً يحمل اسمي، ويُبقي ذكري محموداً بين الناس.
اللهم ازرقني ولداً واجعله تقياً ليس في خلقه زيادة ولا نقصان، واجعل عاقبته خيراً.
اللهم هب لي من لدنك ذكوراً ليكونوا لي عوناً على متاعب الحياة ومشاقّها.
اللهم اجعل ما في بطني ذكراً، تام الخلقة، قوي البُنة، وأتمم لي فرحتي بالنظر إليه في القريب العاجل.
رب اكتب لي مولودا ذكراً تُفرح به قلبي، وتقر به عيني، واجعله ربي صالحاً مُصلحاً، ومُعيناً لي على نوائب الدهر.

صدى البلد


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.