سكاي نيوز.. وانهيار أسعار الأراضي والعقارات في الخرطوم الجزء(2-3)
أظن، وبعض الظن إثم، أن كل من يحمل جزءاً من مكونات الوطنية وحب الأرض؛ يتمنى أن يزداد سعر الأرض في بلده، وعموم مدن وطنه؛ ولكن أن تكون الأسعار بهذه الخرافة فهذا ما جعل كبار خبراء بلادي في حيرة من أمرهم سنين عدداً وبالذات في العاصمة الخرطوم؟.
لمتابعة الجزء الاول : سكاي نيوز.. وانهيار أسعار الأراضي والعقارات في الخرطوم الجزء(1-3)
تابع القراءة من : سكاي نيوز.. وانهيار أسعار الأراضي والعقارات في الخرطوم – الجزء (3-3)
فمراسلة سكاي نيوز عندما وصلت موقعي كنت أعتقد اعتقاداً جازماً، حسب مهاتفتها معي عن أسباب الارتفاع هو موضوعها.. ومكثت مدة ربع ساعة أعدد لها أسباب الارتفاع، وكان المنظر يقارب ذلك الطالب الممتحن للشهادة الثانوية وهو يحفظ سياسة بسمارك الخارجية، والسؤال كان عن فشل سياسة بسمارك الداخلية، فابتدأ حديثه بأن فشل الداخلية هو من فشل الخارجية، وكانت إجاباته صحيحة.
.. ولكن عندما حاورتني الأستاذة الفاضلة لمدة خمسين دقيقة، ووجدت كل البث 23 ثانية والعنوان يتناقض، فيما ظللت أردده عقداً من الزمان من أن أسعار الأراضي غير حقيقية وسوف تنهار؟ أمسكت بقلمي فوراً لأن هذه رسالة دكتوراة؟؟ فالأسباب التي أوضحتها للمراسلة، والتي أدت إلى تضخم السعر هي أن أولاً تحول جمهور كبير ومستثمرين بإيداع مدخراتهم بشراء الأراضي؛ بعد ثبات سعر الدولار لمدة 7 سبعة أعوام من 2006 وحتى 2013- أي الفترة التي شهدت تدفقات البترول – حليل البترول؟! والمنح والقروض المليارية – وهي الفترة التي شهدت التنمية المؤجلة من طرق وسدود وكباري..فإذا كانت عائدات البترول 68 ثمانية وستون ملياراً – فأموال المنح والقروض هي ضعفها – أي 136 مائة ستة وثلاثون ملياراً – وهذه كانت كافية لثبات سعر الدولار- وهو عصر الإنقاذ الذهبي؟؟ ولكن هذا العصر الذهبي أصبح نحاساً؟؟ إذ تلاشت الطبقات، وتشتت أسر بسبب عدم ذهاب هذه المليارات لمشاريعنا العملاقة الزراعية والصناعية ؟؟ بل تشتت أيدي سبأ، فمالا ينفع الناس والدولة – من صرف بذخي للإنفاق الحكومي، وتكلفة عالية للبنى الفاسدة من شوارع وكباري (كبري جقور المنشية – وكبري الدباسين وو)؟؟ فاتجه الجميع للأراضي؛ ليس كمستودع قيمة فقط ، بل صارت تجارة رائجة – حتى أن أموال الاحتيال الضخمة (المسماة بالغسيل قد دخلت فيها – وأصبح في الخرطوم وحدها ما يقارب المليون تاجر وعشرة آلاف سمسار، والكل يردد (لا بتاكل لا بتشرب) فالموظف الواحد يمتلك أكثر من قطعتين- وهناك من يمتلك 7000 سبعة آلاف قطعة.
لدرجة أن كثيرين باعوا مدخراتهم من الذهب والدولار ودخلوا السوق – وقامت شركات عقارية بسكرتارية وخطوط ساخنة – للدرجة التي لم تترك فيها الميادين والمباني الحكومية من جانب الدولة، ولم يتبقّ شبر واحد من الأراضي الزراعية من جانب التجار؛ تحت مسميات التحسين؟ أكثر من ذلك دخلت مصلحة الأراضي والتخطيط في سباق الاستثمار وأقامت المزادات العجيبة التي يكون السعر فيها أكثر من سعر السوق السائد؟ مخارجة للدائنين من مقاولي التنمية؟ الذين يشترون مكرهين تحت شعار (تلتو ولا كتلتو)؟؟.
أي الأس المؤسس والمبرر لسوق الربا والكسر.. والتجار خارج الصالة؟؟!!- فهو أيضاً أرحم من كسر السندات التي أدخلت كبار مقاولينا ومهندسينا السجون؟؟..
.. فهذه الأسباب المتشابكة هي التي ضخمت السعر، أضف إلى ذلك ما يسمى بجهاز الضمان الاستثماري الذي دخل السباق بمليارات ممليرة، ونفوذ باطش لدرجة أن مديره سمى مدينة مخططة باسم والده؟؟.
.. أتذكرون حديث والي الخرطوم ووزير الدفاع السابق بتصريحه الجهير؛ بأنه لم يجد متراً واحداً من الأراضي قبل أشهر قليلة ؟.
أسامه السماني
جريدة التيار