ماذا تعني سيطرة الدعم السريع على ود مدني؟

بعد 4 أيام من المواجهات العسكرية مع الجيش السوداني، سيطرت قوات الدعم السريع -بلا قتال- على مدينة ود مدني الإستراتيجية عاصمة ولاية الجزيرة في وسط البلاد، في خطوة عدّها مراقبون تحولا في الحرب لصالح قائد قوات الدعم محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تعزز من موقفه في أي مفاوضات مقبلة، وتهدد بعزل ولايات شرق السودان عن العاصمة وجنوب البلاد وغربها.

وانتشرت قوات الدعم السريع منذ الجمعة الماضية في الأجزاء الشرقية من ولاية الجزيرة، ثاني ولايات البلاد بعد الخرطوم، وحاولت اقتحام ود مدني عاصمة الولايات في موجات متتالية بعدد كبير من المقاتلين.

واستطاع الجيش صد هجمات الدعم السريع المتكررة على ود مدني وألحق بهم خسائر كبيرة، حسب مصادر عسكرية تحدثت مع الجزيرة نت، واحتفل مواطنو المدينة، مساء الأحد الماضي، بانتصارات الجيش وإبعاد الخطر عن مدينتهم التي تستضيف أكثر من نصف مليون لاجىء غالبيتهم من الخرطوم.

تطور دراماتيكي
وفي تطور دراماتيكي -وفق مصدر عسكري طلب عدم الكشف عن هُويته- عبرت مساء الاثنين الماضي، قوات الدعم السريع جسر حنتوب المؤدي إلى ود مدني من ناحية الشرق بلا اشتباك مع قوات الجيش، التي كانت تحرسه بالدبابات والمصفحات وتغلقه بالحاويات إثر انسحابها بشكل مفاجئ، مما أدى إلى دخولها إلى وسط المدينة.

ويضيف المصدر ذاته أن قوات الدعم السريع لم تجد مقاومة لدى دخولها ود مدني بسبب انسحاب قائد الفرقة الأولى وقواته جنوبا نحو مدينة سنار، قبل ساعة ونصف الساعة من دخول القوات المهاجمة التي واجهتها قوات محدودة من جهاز المخابرات والمتطوعين، الذين استطاعوا تأمين مواقع إستراتيجة ونقل الأموال من المصارف، وفرع بنك السودان المركزي إلى مواقع آمنة.

وأدّت سيطرة الدعم السريع على أجزاء واسعة من ود مدني إلى فرار عدد كبير من مواطني المدينة والنازحين إلى ولايتي سنار والقضارف شرقا، وقدّرت منظمة الهجرة الدولية عددهم بين 250 ألفا و300 ألف شخص، كما فرّ مئات من نزلاء السجون بعضهم مدانون بارتكاب جرائم خطيرة.

وذكرت مواقع إلكترونية قريبة من المؤسسة العسكرية أن قيادة الجيش قرّرت إقالة قائد الفرقة الأولى في ود مدني اللواء أحمد الطيب وإحالته على التحقيق، وتكليف اللواء ربيع عبد الله خلفا له.

في المقابل، كلّف “حميدتي” قائده في ولاية الجزيرة أبو عاقلة محمد أحمد كيكل بقيادة مهام الفرقة الأولى بولاية الجزيرة بعد سيطرة قواته عليها.

وأقرّ الجيش السوداني، أمس الثلاثاء، بانسحاب قوات رئاسة الفرقة الأولى مشاة بمدينة ود مدني، وأفاد بأنه يجري تحقيقا حول أسباب الانسحاب وملابساته.

وقال الجيش في بيان، إنه “يجري التحقيق في الأسباب والملابسات التي أدّت لانسحاب القوات من مواقعها شأن بقية المناطق العسكرية، وستُرفع نتائج التحقيق فور الانتهاء منها لجهات الاختصاص، ومن ثم تمليك الحقائق للرأي العام”.

“انسحاب غير مسوغ”
يرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد مازن اسماعيل أن انسحاب الجيش من ود مدني غير مسوّغ عسكريا، وقد تبرأت منه قيادة الجيش في بيانها، رغم أن البيان كان غامضا وفاتحا الباب أمام أسئلة وتخمينات.

وفي حديث للجزيرة نت، لم يستبعد الخبير العسكري أن يؤدي استمرار أسلوب قيادة الجيش بالطريقة الحالية في الدفاع من داخل أسوار المناطق العسكرية، إلى سقوط بقية عواصم الولايات في “يد المتمردين” على طريقة “قطع الدومينو”.

ويضيف أن الحل في استنهاض قوى الدولة الشاملة لمواجهة تمرد قوات الدعم السريع، عبر فرض حال الطوارئ واستدعاء قوات الاحتياط، وتشكيل حكومة حرب من كفاءات وطنية ومجلس حرب وحكام عسكريين للولايات.

ويقول مازن، إن الدعم السريع وقعت في أخطاء عسكرية قاتلة بتمدد قواتها من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية وحتى ود مدني في وسط البلاد، الأمر الذي يصعّب إسنادها وإمدادها بالمقاتلين والسلاح مما يتيح للجيش “تقطيع أوصالها”.

وعن تداعيات تقدم الدعم السريع نحو وسط البلاد، يرى الباحث السياسي عمر البادرابي أن قوات “حميدتي” حصلت على مكاسب عسكرية ستمنحها دفعة معنوية كبيرة وتشجعها على التمدد في ولايات شرق البلاد وشمالها، وفي المقابل تهز الثقة في قيادة الجيش وتضعها تحت الضغط.

وحسب حديث الباحث للجزيرة نت، فإن الدعم السريع ستكون في موقف تفاوضي أقوى إذا لم يتغير الميزان العسكري خلال فترة وجيزة، ويدفعها إلى التمسك بمنحها دورا عسكريا وسياسيا بعد وقف الحرب كونها قوة لا يمكن تجاوزها في المعادلة السياسية.

سكاي نيوز


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.