في ظل حرب السودان : مواقع المواعدة بين الجنسين وزواج الأجانب..قصص صادمة

تقرير : إبراهيم حمودة

في ظل الحرب الدائرة يدفن الناس موتاهم الذين رحلوا بأسباب شتى ويعودون لحياتهم اليومية. تقام الحفلات الغنائية والندوات والمعارض والفعاليات والاعراس.

في السودان يقولون: الحي أولى من الميت، وتارة أخرى: “الموت والحياة متباريات” أي يحاذيان بعضهما.

في منابر التواصل الاجتماعي المشهورة بالسوشيال ميديا تختلط كل هذه المظاهر مع بعضها وتأتيك في شاشات العرض وانت تسحب المحتوى للأسفل والاعلى.

فيديو صادم في تطبيق “تيك توك ” لسيدة أمريكية في متوسط العمر تبحث عن شاب سوداني في العشرينيات من عمره تقول انها تعرفت عليه في أحد مواقع المواعدة وتزوجها بشكل شرعي واخذته الى الولايات المتحدة الامريكية حيث نصب عليها هناك واستولى منها على عشرات الالاف من الدولارات بحسب روايتها.

قد يتساءل المرء: ومن عرّف السودانيين بمواقع المواعدة؟

الإجابة نعم السودانيون ممثلون بشكل ظاهر في مثل هذه المواقع، ونجح بعضهم ذكور واناث في علاقاتهم التي أنشأوها عن هذا الطريق وفي عقد زيجات مع أجانب من غير ذوي الجنسية السودانية، وهو أمر لم يكن يحظى بالتسامح العريض من قبل المجتمع بحسب العادات والتقاليد السائدة.

وهذا يكشف أن طبيعة الأشياء تقول ان السودانيين ليسوا استثناء من تأثيرات الحقبة الرقمية التي نعيشها الآن، وأن الحاجة للتلاقي وتكوين أسرة هي حاجة طبيعية تشترك فيها كل الشعوب والثقافات.

اقتصاد المنصات

ومواقع المواعدة لمن لا يعرف هي مواقع تتيح اللقاء بين الجنسين بغرض انشاء علاقات عاطفية جادة. الصيغة التي نشأت بها هذه المواقع في الغرب هي تسهيل تلاقي الجنسين من أجل التعارف بغض النظر عن النوايا والهدف النهائي، وأخذت هذه الصيغة تنويعات تتناسب والثقافات الأخرى المختلفة مثل موقع “مسلمة” بتنويعاته المختلفة لأفريقيا واسيا والعديد من البلدان العربية.

مواقع المواعدة في طبيعتها هي جزء من اقتصاد المنصات الذي ازدهر في قطاعات مثل النقل “Uber” او الفنادق مثل Airbnb

الفكرة تقول ببساطة أن أكبر شركة تاكسي لا تملك أي سيارة وهي أوبر، وأكبر سينما في العالم لا تملك مبنى واحدا وهي “نتفليكس” وأكبر سلسلة فنادق لا تملك أي مبنى.. الخ هذه المواقع تجمع أصحاب العرض وأصحاب الطلب وفق صيغة وشروط متفق عليها وتجعلهم يتدبرون امورهم.

إمكانية الخداع

وبما ان تواجد الجنسين في مثل هذه المواقع هي مسألة عرض وطلب، يسعى كل طرف بهذا الوعي لعرض نفسه كأجمل ما يكون من ناحية الشكل والمحتوى. كأن يعرض الشاب صورا له وهو يمارس مختلف الرياضات ويمتطي الخيل ويقود دراجة نارية.. الخ

والفتيات يعرض أنفسهن في مختلف المتاجر المشهورة أو بمختلف أزياء المساء والسهرة بما يناسب من إكسسوارات.

من ناحية طبيعة الشخصية والهوايات والعادات يكتب الناس عادة ما يريده الاخرون أو يتوقعونه، هذا من ناحية، من ناحية أخرى يصور الناس أنفسهم عادة على نحو مخالف لما يراه الاخرون ويبالغون في ابراز صفاتهم الإيجابية ومزاياهم كأشخاص.

يقول علماء الاجتماع أن هذا السلوك لا يدخل في باب الكذب أو الاحتيال، لأن نظرة المرء لشخصه تختلف كليا عن نظرة الاخرين له من الخارج.

عيب التعارف عن هذا الطريق انه لا يتيح للطرفين الوقت الكافي للتعارف بشكل طبيعي، الأمر الذي يفتح الباب على الكثير من خيبات الأمل وربما التعرض للاحتيال مثل ما حدث للمرأة الأمريكية مع الشاب السوداني. هذا نموذج واحد يخفي خلفه الكثير.

الناس عادة يخجلون من الحديث عن تعرضهم للاحتيال. المدخل للاحتيال حين ينظر أحد الطرفين للطرف الآخر وكأنه هبة السماء، وأنه أجمل مما يمكن تصديقه مما يعطيه سلطة مسبقة في املاء رغباته أو تنفيذ اجندته الخفية، إن كانت له.

خجل

التعامل مع مثل هذه المواقع والتطبيقات والتواجد فيها بالصورة والاسم قوبل في بداية ظهورها بالكثير من احاسيس الخجل.

البعض يعتبر ان اليائسين فقط هم من تدفعهم الحاجة للبحث عن شريك في مثل هذه المواقع. والبعض الآخر يرون أن التواجد فيها ينقص من مكانتهم الاجتماعية أو اعتبارهم الوظيفي، وفريق ثالث يحجم عنها بدواعي الخصوصية في ظل ثقافة تطالبك بإلحاح بالكشف عن كل خصوصياتك، وجعلت من هذه المعلومات الخام تجارة عظمى للشركات الرقمية الكبرى.

إحساس الخجل يتضاعف وسط المنتمين للثقافات المحافظة مثل الثقافة السودانية الأمر الذي يجعل نقاش مثل هذا الموضوع بشكل مفتوح متعذرا بعض الشيء. ولكن مؤكد أن التسجيل في موقع مواعدة تمليه ضرورات وظروف شخصية للأفراد. مثلا عدم القدرة على الخروج وملاقاة الاخرين في الواقع الحقيقي، أو عدم توفر الوقت للفرد العامل الذي تأخذ مهنته معظم الوقت.

أو رغبة الفرد في الارتباط بشريك خارج الحدود. هذا الخيار الأخير يشكل الدافع لشرائح واسعة من الشباب والشابات في الارتباط بأجانب سواء كانوا في الجوار العربي أو الافريقي أو من اوروبا ودول الغرب، الحلم الذي يراود الكثير من الفتيات السودانيات، خاصة في ظل الحرب الحالية التي سدت منافذ المستقبل في وجه الشباب، كما يظهر من التعليقات في منابر التواصل الاجتماعي، وهو اتجاه أو تحول جدير بالدراسة بشكل جاد ومعمق.

راديو دبنقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.