المغتربون السودانيون.. (شَيّالين التّقيلة)

تَسَبّبَت الحرب بالسودان، في فقدان أغلب الأسر لوظائفهم ومصادر دخلهم التي كانت تعينهم في المأكل والمشرب والعلاج والإيجار، خَاصّةً بعد نزوح الغالبية العظمى من مناطق الحرب إلى مناطق ومدن أخرى بحثاً عن الأمان.
في ظل تلك الظروف الحالكة السواد، كان هناك بريق أمل بمثابة طوق نجاة وفرج لفك ضائقة كثير من المكروبين، وذلك بتكفل عدد كبير من المغتربين السودانيين المتواجدين بدول العالم المختلفة بأهاليهم ومعارفهم ومد يد العون والمساعدة لهم، في موقف نبيل يدل على المروءة والشهامة.

نتابع ما ورد من إفادات:

عضدٌ وسندٌ
(الما عندو خير في أهلو ما عندو خير في زول).. هكذا ابتدر العم جحا مضوي حديثه بالمثل السوداني قبل أن يصف شعوره بالطمأنينة بسبب تكفل ابنه المغترب بمصاريفهم الشهرية، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد بسبب الحرب القائمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال الحاج جحا لـ(السوداني): “بسبب الحرب، غادرت وأسرتي المكونة من تسعة أشخاص منزلنا بمنطقة الصحافة بالخرطوم إلى مدني بولاية الجزيرة وبعدها إلى الحصاحيصا، ومعلومٌ لدى الجميع أنّ أغلبنا فقدوا وظائفهم ومصادر دخلهم، إلا أنني أحمد الله أن أبني المغترب كان لنا خير عضد وسند بإرساله مبلغاً مالياً شهرياً لتغطية مصاريف الأكل والشرب والإيجار والعلاج، لولاه كنا في الشارع بلا مأوى ولا زاد”.

فضلٌ كبيرٌ
فيما قالت الحاجة الوسيلة الطيب لـ(السوداني): “منذ اندلاع الحرب، تكفّل بمصاريفي وأولادي الخمسة ووالدهم المقعد، أخي الأصغر، في الوقت الذي يقوم فيه بواجبه تجاه أبنائه الذين مازالوا عالقين بمدينة أم درمان”، وأضافت: “لا أعلم كيف كان سيكون الحال لولا المغتربين الذين يعينون كثيراً من أسرهم ومعارفهم بالسودان ولهم فضلٌ كبيرٌ علينا”.

مصروفَ شهريٌّ
الأستاذ الجامعي “مصطفى. ك” كشف لـ(السوداني) عن معاناته بقوله: “بعد أن فقدت وظيفتي بجامعة أم درمانية شهيرة بسبب الحرب، غادرت مدينة أم درمان إلى الولاية الشمالية، لكن كانت الأمور أكثر سوءاً، والحمد لله والشكر لله طوال الأشهر الخمسة الأخيرة من الحرب كان المسؤول الأول والأخير عني وأسرتي، شقيقي المقيم بدولة أوروبية الذي تكفّل بمصاريفنا شهرياً وجنّبنا شر الحاجة والسؤال”، واختتم: “ندعو الله أن يوسع لهم أبواب الرزق ويقدرنا على جزائهم”.

توفير الغذاء والدواء
من وسط دموعها، تحدّثت السيدة زهور فضل المولى قائلةً: “أنا أرملة وأم لأربع بنات أعمارهن صغيرة، أسكن بمنطقة الحلفايا، لم أستطع مغادرة منزلي لأي مكان فلا مكان آخر يأوينا، فقدت عملي كمعلمة في رياض الأطفال بسبب الحرب، وليس لديّ عائل، جميع أقاربي وضعهم المادي تعبان جداً، ولكن شاءت الأقدار أن يعرف أحد المغتربين وكان من أبناء الجيران، بمعاناتي ليقرر تخصيص راتب شهري لي جزاه الله خيراً، بعدها استطعنا توفير الغذاء والدواء”.

شكرٌ وعرفانٌ
ربة المنزل (م. أ) مدحت المغتربين: (هم شيالين التقيلة، عرفنا معدنهم الأصيل بعد الحرب ربنا يسترهم ويغطي عليهم زي ما جمايلهم مغطيانا.. من بداية الحرب وحتى الآن يصلني مصروف شهري من عدد من أبناء الأهل المغتربين، بسببه قدرنا نأكل ونشرب ونتعالج، خاصةً إنّني أرملة وعندي حداشر من الأبناء، اثنان منهم مشلولان أكبرهم كان في السنة النهائية بالجامعة وقامت الحرب وأنا بعاني من أمراض مختلفة).
وأشارت إلى أنّـها لم تستطع أن تغادر منزلها بأم درمان، خاصة أنّ عدد أولادها كبير، مؤكدة أنها ممتنة للمغتربين بالشكر والعرفان لوقفتهم معها في تلك الظروف الصعبة.

صحيفة السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.