انقطاع الاتصالات والإنترنت في السودان.. ما الأسباب ومن المسؤول؟

“هذا الرقم مغلق حاليا”.. عبارة أقلقت السودانيين وأقضت مضاجعهم في الأيام الماضية، بعد أن استيقظوا صباح السادس من فبراير/ شباط الماضي على انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت في عموم البلاد التي تشهد حرباً منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وبعد أن انقطعت الخدمة كليا لستة أيام عن عموم السودان، عادت بشكل جزئي في كسلا، والقضارف ونهر النيل وبورتسودان التي يتخذ منها رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان مقرا بديلا لحكومته بعد اندلاع الحرب.

وأثناء انقطاع الاتصالات والإنترنت في البلاد رصدت الجزيرة مباشر آراء السودانيين الذين عبروا عن امتعاضهم الشديد وتضررهم من عدم قدرتهم على استخدام التطبيقات البنكية لإجراء المعاملات المالية لشراء حاجياتهم اليومية، بجانب معاناتهم في التواصل مع أسرهم في الداخل والخارج.

وتقدم خدمات الاتصالات والإنترنت في السودان ثلاث شركات هي “زين” الكويتية و”إم تي إن” الجنوب أفريقية و”سوداني” السودانية.

اتهامات متبادلة
وفي تصريح خاص اتهم الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية السفير بابكر الصديق محمد الأمين قوات الدعم السريع بقطع الاتصالات والإنترنت عن البلاد، قائلا إن هذا الفعل يشكل امتداداً لمحاولاتها “تدمير مقومات الدولة والبنيات الأساسية، واستمرارا لحربها على المواطن”.

وأشار إلى الأثر الاقتصادي المترتب على ذلك، إذ إن المدنيين يعتمدون في تعاملاتهم المالية على التطبيقات البنكية التي تتطلب توفر شبكة إنترنت، موضحا أن قطع الاتصالات والإنترنت أثر أيضا على قيام المنظمات الإنسانية بعملها في البلاد.

وأضاف أن قطع الاتصالات بواسطة ما وصفها بـ “مليشيا” الدعم السريع تعد “جريمة تستوجب المحاسبة وتعبرعن أجندتها الإرهابية التي تحاول إخضاع المواطنين والبلاد لسلطتها بالإرهاب”، مطالبا المجتمع الدولي بضرورة التعامل معها “كجماعة إرهابية”.

من جانبه، اتهم الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع، الجيش السوداني بقطع الاتصالات والإنترنت بعد استهداف المحولات الرئيسية المشغلة للشبكات في ضاحية “جبرة” جنوبي الخرطوم بالطيران، واصفا ذلك بأنه “جريمة وانتهاك” لحقوق الإنسان، مضيفا أن الجيش قام منذ بداية الحرب بقطع الاتصالات في دارفور وكردفان كعقاب جماعي لهذه المناطق، باعتبارها “حواضن اجتماعية للدعم السريع”، على حد تعبيره.

كما استنكر طبيق تصريحات سابقة لمدير عام شركة زين للاتصالات، الفاتح عروة، قال فيها إن عودة خدمات الشبكة بيد الدعم السريع. ووصف طبيق هذه الاتهامات بغير المبررة، مؤكدا سعيهم لإعادة الاتصالات، كما ناشد الشركات العاملة الثلاث إلى بذل جهود كبيرة في سبيل ذلك، وأبدى استعداد قوات الدعم السريع للتعامل معهم لإعادة الخدمة للشعب السوداني.

وفي تصريحات خاصة ، قال الرئيس التنفيذي السابق لشركة سوداني للاتصالات طارق حمزة إن سبب التوقف الكامل للاتصالات في البلاد، يعود إلى توقف جميع المحولات الرئيسة التابعة لشركات الاتصالات والتي توجد في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع في الخرطوم، مشيرا إلى أن خدمات الاتصالات لم تتوقف بشكل كامل عن ولايات دارفور خلال الأشهر الماضية، وإنما كان التوقف بشكل جزئي ولأسباب فنية أسوة بما حدث في أجزاء أخرى من البلاد.

كما أوضح أن عودة خدمة الاتصالات في السودان بذات الجودة والسرعة والتغطية السابقة يتطلب عودة المحولات الرئيسة للعمل بشكل كامل، فضلا عن عودة الدعم الفني من داخل البلاد ومن الموردين، ومعالجة المشاكل الفنية في بعض المناطق.

وأشار حمزة إلى أن استئناف شبكة “سوداني” للعمل في مدينة بورتسودان يعود لتشغيل محول فرعي، منوها إلى أن الخدمة ستكون بجودة وسرعات أقل، وأن التغطية لن تشمل جميع ولايات السودان.

ويرى الخبير العسكري اللواء أمين إسماعيل مجذوب أن مسألة قطع الاتصالات والإنترنت “بواسطة الدعم السريع” هي نتيجة للهزائم التي منيت بها في الخرطوم والجزيرة ودارفور وكردفان، إثر الضربات التي تلقتها من الجيش.

واعتبر أن قطع الاتصالات والإنترنت “من قبل قوات الدعم السريع” يتنافى مع حديثها عن السلام والعدالة والديمقراطية والقضايا الإنسانية، في الوقت الذي ترتكب فيه انتهاكات تجعلها مدانة أمام المجتمع الدولي بصورة كاملة، على حد قوله.

مطالبات دولية
وكانت المديرة التنفيذية لليونسيف كاثرين راسل قد قالت إن انقطاع الاتصالات في ‎السودان يؤدي إلى حرمان الأطفال والأسر من الوصول إلى الخدمات الأساسية ويعيق الاستجابة الإنسانية بشدة، مؤكدة على ضرورة أن تتمتع اليونيسف وشركاؤها بإمكانية الوصول دون عوائق لخدمات الاتصالات اللازمة لتقديم المساعدات المنقذة لحياة الملايين من النساء والأطفال.

كما قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، إن انقطاع الاتصالات في السودان أمر غير مقبول، لأنه يمنع الناس من الوصول إلى الخدمات الأساسية وتحويل الأموال ويعيق الاستجابة الإنسانية.

وهذه ليست المرة الأولى التي تقطع فيها خدمات الاتصالات والإنترنت في السودان، إذ قُطعت بشكل كامل في البلاد عقب فض اعتصام المتظاهرين من أمام مقر القيادة العامة للجيش في الثالث من يونيو/حزيران عام 2019، كما قطعت أيضا عقب ما عرف بإجراءات 25 أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، وخلال فترات متقطعة إبان التظاهرات السلمية الرافضة لتلك الإجراءات.

الجزيرة نت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.