مؤتمر باريس.. أهم التفاصيل وما يدور خلف الكواليس

تستضيف فرنسا غداً الاثنين، المؤتمر الإنساني الدولي للسودان ودول الجوار، يهدف لحشد الدعم لتمويل الاستجابة الإنسانية، وكيفية إنهاء الحرب؛ التي تزامن مع إكمالها عامها الأول، ومناقشة الأوضاع السياسية في السودان. المؤتمر الذي تتشاركه دول الاتحاد الأوروبي وألمانيا؛ تجاوز الحكومة السودانية ولم تتم دعوتها، الأمر الذي اعتبرته وزارة الخارجية السودانية تجاوزاً للأعراف والمواثيق الدولية وفرض وصاية على دولة ذات سيادة هي من تمثل الشعب السوداني.

في الذكرى الأولى
ويستهل المؤتمر – الذي ينعقد بمعهد العالم العربي في باريس – أعماله بحسب المعلومات ، بالاجتماع الوزاري المخصص لللدفع بجهود السلام وتسوية النزاع، يستعرض خلاله ما طُرح من مبادرات، ويبحث آليات التنسيق لتعزيز تلك المبادرات القائمة، ويعتمد إعلان مبادئ للتأكيد من جديد على الالتزام الثابت للمشاركين بدعم الحل السلمي للصراع السوداني.

خطاب العمامرة وبوريل
وتقتصر المشاركة في هذا الاجتماع على الوزراء ويُشَـارِك فيه “الاتحاد الأفريقي، الإيقاد، الجامعة العربية، أمريكا، مصر، تشاد، جيبوتي، إثيوبيا، ليبيا، كينيا، النرويج، الإمارات العربية المتحدة، الأمم المتحدة، بريطانيا، السعودية وجنوب السودان”، ويقدم المبعوث الشخصى للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة كلمة حول الآليات التنسيقية، فضلاً عن كلمات لكل من وزراء خارجية فرنسا وألمانيا ونائب رئيس المفوضية الأوروبية والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل.

صورة غير واضحة
ويصف الباحث في قضايا القرن الأفريقي محمد تورشين في حديثه بأن صورة مؤتمر باريس لا تبدو واضحة، وقال تورشين: “السؤال عما تسعى فرنسا فيما يتعلق برؤيتها ومن خلفها بلدان الاتحاد الأوروبي لتسوية النزاع، في ظل غياب الدولة التي يخصص لها العمل كله، ويلاحظ أنّ قصر الشانزلزيه اقتصر دعوته على قوى (تقدم) فقط، في ظل وجود قوى سياسية سودانية فاعلة ومهمة وموجودة على الأرض، بل الأهم من ذلك ــ إذ كان المؤتمر يسعى لتمويل العمل الإنساني، هناك الحركات المسلحة في دارفور ــ كان يجب ألا يتجاوزها منظمو المؤتمر”.

ثلاثة أهداف
تقول باريس إنّ مؤتمرها يهدف لتحقيق ثلاثة أهداف، وهي الالتزام بتمويل الاستجابة الدولية للحاجات الإنسانية الضرورية للسودان ولدول الجوار المعنية بالأزمة السودانية والتي تستضيف اللاجئين السودانيين.
ثانياً إحراز تقدم في ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء السودان.
ثالثاً ألا يطغى عدم الاستقرار في النظام الدولي على الأزمات التي تؤثر في الأفارقة؛ سواء في السودان، حيث نزح نحو 8 ملايين شخص، أو في الأزمة التي تؤثر في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.

قميص عثمان
ويذهب الباحث في الشؤون السياسية د. الحاج حمد، بالقول إلى إنّ موضوع المساعدات أصبح مثل (قميص عثمان)، حيث تعدّدت المؤتمرات بشأنه، عُقد له مؤتمرٌ في العاصمة أديس أبابا، وذات المساعدات عُقد لها مؤتمرٌ في القاهرة، وقبلها في جنيف، وفي كل المؤتمرات لم تُقدّم الدعوة إلى مفوضية العون الإنساني؛ الجهة الحكومية المعنية بالأمر والمعنية بتنظيم عمل منظمات الغوث، وكانـت الأخرى أن تكون جزءاً أساسياً من أعمال المؤتمر. ويضيف مواصلاً في حديثه : “بل الإعلان عن المؤتمر ركّـز على منظمات العمل المدني بتنظيم ودعم الحكومة الفرنسية التي لا تدعم إلّا الموضوعات المُـرتبطة بحزام السودان الممتدد من دارفور حتى ساحل المحيط الاطلنطي، والجزء الذي تهتم به باريس وهي – ولايات دارفور – أربع منها تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، والخامسة لا تزال تحت قصف نيرانها، لذلك فإنّ مهمة المؤتمر ليس جلب التمويل فقط، بل إيجاد تعهُّدات قاطعة ممن يسيطر على الوضع، السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المُحتاجين، ويجب تبليغ وكالات الأمم المتحدة المُتخصِّصَـة بالتحفُّظات الحقيقية حول أنّ هذه الأدوار هي أسباب استمرار الأزمة”.

حتى لا يصبح مهرجاناً!
ويوضح تورشين، إنّ عدم وضوح رؤية فرنسا وما تريد أن تقوله في ظل غياب الحكومة؛ بلا شك سوف يؤثر بشكل سلبي على المساعي الفرنسية الأوروبية. ويتّفق تورشين مع الحاج حمد؛ خاصةً في ظل ترجيحات أن يكون هناك دعمٌ كبيرٌ جداً السودانيين لإنقاذ الوضع الإنساني، لكن على أرض الواقع فإنّ إيصال المساعدات تحتاج إلى تنسيقٍ فاعلٍ وأدوار من كل الجهات، لا سيّما وكالات الأمم المتحدة والاتّحاد الأفريقي ومجلس الأمن، في ظل اتهامات حكومية لقوات الدعم السريع بتنفيذ هجمات على قوافل المُسَاعدات، وسرقتها مُستودعات المنظمات بولاية الجزيرة، وكلها تحدياتٌ كبيرةٌ، إذ لم يناقشها المؤتمر بشكلٍ جادٍ ويضع تدابير بشأنها لإيصال المساعدات، سيكون المؤتمر بمثابة مهرجان أو كرنفال.

تدابير وتعهُّدات حازمة
ويلفت د. الحاج حمد إلى وجود شكاوى من عدم وصول المُساعدات التي أتت عبر منفذ بورتسودان، حيث تعالت بعض الأصوات إلى أنّها لم تصل إلى ولايات دارفور، وقال: “هذا الموضوع يحتاج إلى حسم سريع وحل يتوافق مع تطوُّرات الوضع الإنساني الماثل الآن في جميع ولايات السودان، كما يجب أن يُدين المؤتمر وبصوتٍ عالٍ ما قامت به قوات الدعم السريع عند اجتياحها ولاية الجزيرة ونهبها مُستودعات برنامج الغذاء العالمي، الذي أعلن أنه كان يُغطِّي احتياجات نحو مليون ونصف المليون سوداني، فضلاً عن ما قامت به قوات الدعم السريع مؤخراً بقطع منفذ أدري بدولة تشاد، وبالتالي منعت وصول المُساعدات التي تدخل عبره إلى الفاشر، ما يُفَاقِم من الأزمة الإنسانية لسكان دارفور، وفي المقابل والمُؤكّد أنّ مخزون الأغذية لدى طرفي الحرب سيُخَصّص لإمداد قواتهم، وهي بالتأكيد انخفضت جداً، صحيح لا يوجد قانون دولي يمنع القوات المسلحة من الحصول على مساعدات غذائية، لكن يمنع أن تتحصّـل عليها بشكل انفرادي.
وفي رأيي، مهمة مؤتمر باريس ليست فقط حشد التمويل، بل حل التعقيدات الماثلة على الأرض والحصول على تعهُّدات قوية لإيصال ما يتوفر إلى المُحتاجين.

رسالة في بريد المؤتمر
أنّ عدة منظمات غير حكومية دفعت برسالة مشتركة لقادة المؤتمر، أبرزها “منظمة العفو الدولية، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، فنلندا الصحافة الحرة غير محدودة، هيومن رايتس ووتش والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان (FIDH)”، دعوا فيها الاتحاد الأوروبي للتحرُّك بشكلٍ عاجلٍ وعبر استراتيجية ملموسة لتحقيق الاستجابة للتكلفة الهائلة التي يتحمّلها المدنيون بسبب الأزمة الحقوقية والإنسانية المأساوية في السودان ومنعها، وقالوا في رسالتهم التي تحصّلت الصحيفة عليها، إنّ القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، استخدمتا بشكل متكرر أسلحة ثقيلة متفجرة في مناطق مكتظة بالسكان في العاصمة ونفذتا هجمات عشوائية، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية الحيوية بما في ذلك المدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس.

مجزرة غرب دارفور
ونبّهت الرسالة إلى استهداف عمال الإغاثة والقوافل الإنسانية من قِبل أطراف النزاع، وأعادت للأذهان، أحداث ولاية غرب دارفور، التي صارت موقعاً لبعض أسوأ الهجمات على المدنيين والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وبعضها يرقى إلى مستوى جرائم حرب، بالإضافة إلى الهجمات واسعة النطاق التي تشنّها قوات الدعم السريع والقوات المتحالفة معها في المقام الأول، وقد تَـمّ استهداف السكان من عرقية المساليت في مُدنٍ مُتَعَدِّدة في المنطقة، وامتد القتال إلى مناطق وولايات أخرى.

تدهور الوضع الإنساني
الرسالة نبّهَـت إلى التدهور الكبير في الوضع الإنساني. وقد أثار خُبراء الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، المخاوف بشأن تصاعد العنف الجنسي، وخاصة ضد النساء والأطفال، بما في ذلك في الخرطوم ودارفور.
وأضافت الرسالة أن السودان لديه الآن أعلى معدل للنزوح الداخلي في العالم، مع نزوح أكثر من 10.7 مليون شخص من منازلهم، بما في ذلك 9 ملايين نازح داخلياً، وأكثر من 20 مليوناً يُعانون الجوع الشديد، بحسب الأمم المتحدة.

صحيفة السوداني


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.