الأولى عربيا وأفريقيّا.. كيف قفزت موريتانيا على سلّم حرية الصحافة والسودان يسبق الإمارات والسعودية ومصر

على الرغم من الظلمة التي طبعها تقرير مراسلون بلا حدود حول حرية الصحافة في المنطقة المغربية الكبيرة والشرق الأوسط، إلا أن موريتانيا تبرز كواحدة من أفضل البيئات العربية لعمل الصحفيين بلا تعقيدات سياسية.

فقد تصدرت موريتانيا القائمة في العالم العربي والإفريقي في مجال حرية الصحافة بتصنيفها في المرتبة 33 عالميًا، حيث ارتقت بـ 53 نقطة في هذا العام، مقارنة بالمرتبة 86 التي حلت فيها العام الماضي.

وكانت اللافتة للنظر تقدم موريتانيا حتى على دول ديمقراطية كبرى مثل الولايات المتحدة، التي احتلت المرتبة 55 بسبب “الزيادة الكبيرة في انتهاكات حرية الصحافة”، رغم أنها كانت تُعتبر نموذجًا لحرية التعبير، وفقًا للتقرير.

وأشارت المنظمة في تقريرها إلى أن منطقة المغرب الكبير والشرق الأوسط شهدت انحدارًا ملحوظًا في مؤشر الحرية السياسية للصحافة في معظم بلدان المنطقة، حيث تواصلت السلطات في محاولاتها للتحكم في وسائل الإعلام بكل الوسائل، بما في ذلك العنف والاعتقالات والتشريعات المقيدة للحريات والضغوط المالية واستخدام القوى الاجتماعية لمضايقة الصحفيين، بالإضافة إلى الافلات المنهجي من العقاب على الجرائم التي ترتكب ضد الصحفيين.

ومع ذلك، فإن موريتانيا، منذ إلغاء تجريم المخالفات الصحفية فيها في عام 2011، شهدت تحسنًا يمكن للصحفيين العمل في بيئة أقل قمعًا، رغم أنهم يواجهون مخاطر كبيرة.

وتعهد الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، في حديث للصحفيين، الجمعة، بمواصلة العمل على خلق بيئة أكثر ملاءمة للصحفيين، وذلك في تغريدة نشرها على صفحته الرسمية على منصة إكس.

ويرى الصحفي الموريتاني، أحمد الناجح، إن تصدر موريتانيا لحرية الصحافة عربيا وأفريقيا لهذا العام يرجع إلى عوامل عدة منها النضال الذي قام به الصحفيون المستقلون في تسعينات القرن الماضي من أجل حرية الصحافة”.

ويقول الناجح في حديث لموقع “الحرة” إن النضال “توج إبان الفترة الانتقالية 2005/ 2007 بإلغاء حق المصادرة وحبس الصحفي بسبب النشر”.

ويرى المختار بابتح صحفي موريتاني، مختص في الشؤون الأفريقية، أن تقدم موريتانيا في مؤشر حرية الصحافة بدأ منذ سنوات، إذ كانت نواكشوط تتقدم في السنوات السابقة إلا أنها هذه السنة تقدمت بشكل أكبر عن جيرانها وباقي الدول العربية.

ويرجع بابتح في حديث لموقع “الحرة” ذلك إلى ترسانة من القوانين التي شرعت منذ الانقلاب على النظام السابق في 2005 ما خلق بيئة ملائمة لعمل الصحفيين دون مضايقات.

وقال التقرير إنه نادرا ما يتعرض الصحفيون لاعتداءات جسدية، وإن كانت تطالهم هجمات لفظية أو حملات تنمر على منصات التواصل الاجتماعي.

وبينما يمكن للمراسلين التنقل بحرية داخل البلد، يبقى من الصعب الوصول إلى بعض المناطق العسكرية بالقرب من الحدود الشرقية والشمالية دون إذن رسمي.

وذكر التقرير أن لا تجاوزات أو اعتقالات في حق الصحفيين سجلت في عام 2024 الجاري.
سجون خالية من الصحفيين

ويشير الناجح في حديثه للحرة إن ما تحقق من نضال الصحفيين كرس الحرية الصحفية وجعلها في نظر كثير من الصحفيين حقا مكتسبا لا مجال للتنازل عنه؛ ما دفع الأنظمة المتعاقبة على حكم البلاد إلى القبول به كواقع وسن ترسانة قانونية ترسخه وتعززه بقوانين أخرى.

عامل آخر كرس حرية الصحافة في موريتانيا بحسب الناجح وهو “صعوبة السيطرة والرقابة على محتوى ما تقدمه المواقع الإلكترونية التي حلت محل الصحف الورقية التي كان منع نشر أعدادها أحد الأسلحة الفعالة التي كانت تستخدمها وزارة الداخلية” بحسب تعبيره.

ويعزز النص التشريعي المعتمد في 2006، والمعدل في 2011، حرية الصحافة كما ينص على المبادئ العامة بشأن الحق في الحصول على المعلومات وحماية المصادر، وفق تقرير المنظمة.

ورغم التصنيف الجيد، إلا أن التقرير سجل مع ذلك أن إقرار القانون المعروف بـ “قانون الرموز 2021” في موريتانيا قد يشكل عائقا أمام الصحفيين، بسبب بعض مواده التي قد يتم تأويلها لقمع الصحفيين في حالة حديثهم عن بعض المواضيع والشخصيات.

وقالت المنظمة إنه في ظل وضع اقتصادي هش، يتعرض الصحفيون لضغوط كبيرة من السلطة السياسية. لكن بعض المنابر الإعلامية تمكنت من الحفاظ على استقلاليتها بشكل أو بآخر.

وذكر التقرير أن عام 2022 شهد إصلاح الهيئة العليا للصحافة والإعلام السمعي البصري، التي يعين رئيسها بموجب مرسوم رئاسي، حيث شملت التعديلات توسيع صلاحياتها لتشمل الصحافة الرقمية، إضافة إلى اشتراط الشهادة في الإعلام بالنسبة للأعضاء بالإضافة إلى تمثيل المعارضة.

وأشار بابتح في حديثه للحرة إلى أنه رغم بعض الخروقات البسيطة إلا أن البلاد لم تسجل سجن أي صحفي أو مصادرة أي صحيفة.

ويتوقع بابتح أن تتقدم موريتانيا أكثر في السنوات القادمة في المؤشر بسبب ما يصفه بـ “ثقافة الحديث بدون تحفظ” التي باتت سائدة في المجتمع الموريتاني في ظل تزايد دور وسائل التواصل الاجتماعي.

وصنف المؤشر منطقة المغرب الكبير والشرق الأوسط بكونها ذات الوضع الأسوأ على المؤشر، تليها منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تخنق الحكومات الاستبدادية الصحافة، ومن ثم أفريقيا، حيث يصنف الوضع على أنه “خطير للغاية” في 10 في المئة من دولها، و”صعب” في نصف دولها تقريباً.

الحرة


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.