مستقبل السودان.. خارطة طريق

يقول علماء الإدارة إذا استعصت عليك مشكلة فاعمل عل تجزئتها حتى يمكنك حلها.

شهد عام الحرب الذي تعيش البلاد ويلاته الآن؛ شهد العديد من اللقاءات لمجموعات وتكتلات حزبية وشعبية وغيرها هدفها وغايتها كما تقول لافتاتها وإعلاناتها البحث عن حل لمشكلة البلاد، ومن الملفت أنها تلف وتدور حول عبارة أكل عليها الدهر وشرب عبارة (الحوار السوداني السوداني!).

وحتى لا نطيل نقول إنه ثبت بالتجربة أننا فشلنا في حل مشكلة تعايشها بلدنا منذ الاستقلال، بل فشلنا في تشخيصها، رغم ما بذل في سبيل ذلك من مجهودات ورغم كثرة ما انعقد من مؤتمرات وما أعد فيها من أوراق، وما قدم فيها من توصيات؛ حتى إنه يخيل إليٌ لو نطقت جدران أي قاعة من قاعات الخرطوم لقرأت توصيات مؤتمرات الحوار السوداني السوداني!

ومما تقدم، قد يفهم البعض أننا نقول إنه لا حل للمشكلة، ونعوذ بالله من أن نقصد ذلك، ولكننا نقول إنّ المخرج والسبيل هو اللجوء للنظرية الإدارية التي تقول إنه إذا استعصى عليك حل مشكلة، فاعمل على تجزئتها، ومن ثم البدء في الحل جزءاً جزءاً، ثم جزءاً جزءاً، حتى يكتمل الحل.
ودون الدخول في تفاصيل وحتى لا نطيل فإن مشكلة البلاد الآن هي دارفور، بل إنها قبل أن تكون مشكلة للبلاد فإنها مشكلة لذاتها.

نقول ذلك وندرك قيمة وتاريخ وعظمة وأهمية دارفور وما قدمه ويقدمه رجالها للبلاد.

إن ما قام به البعض من أبناء دارفور بالعدوان على البلاد جيشها وشعبها – رغم قلتهم ومحدوديتهم وعزلتهم – فتح الباب واسعاً للتدخلات الأجنبية واستقطب أعداداً من المرتزقة بما ليس له مثيل في التاريخ القريب و لا البعيد.. وأكثر من ذلك أظهر كرهاً وبغضاً وحقداً وتشفياً، وأحدث خراباً ودماراً ومعاناة بما لم يكن يتوقعه ولا يتخيله أحد!!.

نقول إنّ ما تحتاجه البلاد الآن هو مؤتمر خالص لأهل دارفور، يقوم عليه أهل دارفور، وينعقد في إحدى مدنها، وأعتقد أن في دارفور من الزعماء والقادة والمثقفين من هم على قدر للقيام بهذه المهمة وقادرون على إرغام المتمردين للانصياع والجلوس لحل مشكلة منطقتهم أولاً وقبل كل شئ، نقول للذين يبحثون عن حل مشكلة البلاد أن أقصر طريق وأنجعه هو إعانة أهل دارفور لحل مشكلتهم فيما بينهم ومن ثم فيما بين بعضهم وبقية المناطق الأخرى خاصة شندي!!

فليسع قادة دارفور وزعماؤها لنداء الذين يحملون السلاح بدعاوى باطلة كاذبة فارغة ويدعونهم إلى وضع السلاح وإلى الحوار، وطرح قضيتهم إن كانت لهم قضية؟! أعتقد ان ذلك أنجع وأسرع وسائل إنهاء الحرب بعيداً عن الوسطاء الأجانب وأغراضهم.

على قادة دارفور إن يجتهدوا في إعادة الذين يحملون السلاح إلى رشدهم، كفانا من العار أن تكون بلدنا بصفة عامة ودارفور بصفة خاصة المنطقة الوحيدة في أفريقيا التي لا تذكر إلا مقرونة بالقتل والنهب والحرق والخراب والدمار والسحق والاختطاف والنزوح واللجوء، بل بالإبادة الجماعية، والله من المحزن والمؤلم أن تصبح دارفور ذات التاريخ والأصالة والعراقة والعطاء والكرم بهذه الحالة على كل لسان.

فلتبق القوات المسلحة بقوميتها صمام أمان كل البلاد، ولنبدأ في التركيز على حل المشكلة جزءاً جزءاً، وليبدأ أهل دارفور. ومن ثم يأتي الحديث عن الأقاليم الأخرى، سلم الله البلاد وحفظ العباد.

صحيفة السوداني


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.