“تحرش ومحاولات اغتصاب”.. هل انتشرت فوبيا سيارات الأجرة في مصر؟

حالة من “الخوف” ضربت قطاع واسع من المواطنين المصريين بعد تكرار وقائع التعدي والتحرش ومحاولات الاغتصاب على فتيات وسيدات مصريات، من قبل بعض سائقي التطبيقات الذكية الخاصة بالتوصيل بالسيارات، فهل انتشرت “فوبيا سيارات الأجرة” في مصر؟

وقائع متكررة
الأربعاء، تمكنت الأجهزة الأمنية بالعاصمة المصرية القاهرة، من القبض على سائق تابع لشركة توصيل الركاب “كريم” لتورطه في ارتكاب فعل مخل أثناء ركوب فتاة معه بالسيارة بمنطقة التجمع.

وتباشر النيابة العامة في واقعة اتهام موظفة للسائق بالتحرش بها عن طريق إظهار منطقة حساسة من جسده لها “عضوه الذكري”، حسبما ذكرت “وسائل إعلام مصرية”.

وقبل ذلك بأيام، كشف وزارة الداخلية المصرية ملابسات تعدى سائق “بإحدى شركات النقل الخاصة” على سيدة بالقاهرة

وحال استقلال السيدة سيارة “تابعة لإحدى تطبيقات النقل الذكي” (أوبر) قام قائدها باصطحابها لإحدى المناطق بدائرة قسم شرطة مدينة نصر ثان، وحاول التعدي عليها وبحوزته سلاح أبيض “كتر” مما أسفر عن حدوث إصابتها، وتمكنت من الفرار.

من جانبها، ردت شركة “أوبر” في بيان، تناقلته وسائل إعلام مصرية، وقالت إنه “بمجرد إبلاغنا بالحادث، تواصلنا مع أحد أفراد عائلة الضحية لتقديم كل الدعم الممكن، ونعمل مع السلطات عن كثب لتوفير جميع المعلومات اللازمة لإتمام عملية التحقيق”.

ولم تكن هذه الواقعة الأولى التي تشهد اتهامات لسائقين من شركات “النقل الخاصة”، حيث أعلنت النيابة العامة المصرية في مارس، إحالة سائق إلى محكمة الجنايات بعد أيام قليلة من وفاة فتاة متأثرة من إصاباتها بعد قفزها من سيارة كان يقودها خلال تحركها على طريق سريع.

ووجهت النيابة العامة للسائق تهم الشروع في خطف، حبيبة الشماع البالغة 24 عاما، المعروفة إعلاميا بـ”فتاة الشروق” عن طريق “الإكراه، وحيازته الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وقيادته مركبة آلية حال كونه واقعا تحت تأثير ذلك المخدر”.

في المقابل، وبحسب الأنظمة الداخلية لشركتي كريم وأوبر، فإنهما تؤكدان على أنه يُحظر على سائقيها استخدام منصة حجز خدمة التوصيل لارتكاب أي جريمة مثل نقل المخدرات، أو غسيل الأموال، أو ارتكاب الاتجار بالمخدرات أو البشر، أو استغلال الأطفال جنسيا، أو انتهاك أي قانون آخر.

وتقوم كل من الشركتين بمراجعة التقارير المقدمة إلى فريق دعم العملاء والتي قد تنتهك القوانين الداخلية، وقد يتم اللجوء إلى تحقيق داخلي خاص لإنهاء حساب السائق واتخاذ الإجراء القانوني المناسب.

وحتى الآن، لا توجد أرقام تظهر تراجع في استخدام هذا النوع من تطبيقات التوصيل.

“فوبيا” تضرب المجتمع؟
في حديثه لموقع “الحرة”، يرصد أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة مصر اليابان، سعيد صادق، تكرار حوادث التحرش ومحاولات الاغتصاب والتعدي على سيدات بسيارات النقل الخاص، ما تسبب في ظهور “فوبيا” بالمجتمع من استقلال تلك السيارات.

وما وقع بتلك السيارات هو “انعكاس لما يحدث بالشارع المصري من تحرش وتعدي ومحاولات اغتصاب لفتيات وسيدات”، في ظل “عدم وجود رادع” لسلوكيات بعض الأشخاص الذين يقومون بتلك الحوادث، وفق صادق.

وقبل ظروف تلك التطبيقات وهناك حالات تحرش بالشارع المصري، وفي الثقافة المجتمعية “يتم لوم الضحية والدفاع عن المتهم”، وبالتالي هناك “قبول للعنف ضد المرأة”، حسبما يوضح أستاذ علم الاجتماع السياسي.

ومن جانبها، تشير أستاذ علم الاجتماع، هالة منصور، إلى ظهور نوع من “الفوبيا” بسبب تكرار تلك الحوادث وكثرتها.

وتكرار تلك الحوادث بسبب “عدم وجود رقابة أو عقاب رادع”، ويجب أن يتم محاسبة المتهمين بشكل “مشدد ومغلظ”، وفق حديثها .

وتشدد منصور على أن السائقين الذين يقومون بالتحرش والتعدي على السيدات “شخصيات فاسدة سلوكيا ومنحرفين”، وغالبيتهم من “متعاطي المخدرات”.

يشدد استشاري الطب النفسي، الدكتور جمال فرويز، على أن تكرار حوادث التعدي والتحرش ومحاولات الاغتصاب والسرقة، تسبب في “انتشار الخوف بالمجتمع”.

والأمر لا يتوقف عند محاولات التعدي والتحرش لكن في بعض الأحيان توفيت الضحية مثلما حدث مع “فتاة الشروق”، مثلما يوضح فرويز لموقع “الحرة”.

وحالة “الخوف” رد فعل طبيعي لتكرار تلك الحوادث و”عدم الخوف” هو الوضع “غير الطبيعي” في ظل الوضع القائم، وفق استشاري الطب النفسي.

ويوضح فرويز أن هؤلاء المتهمين “شخصيات منحرفة ومضطربة نفسيا”، ومنهم من يعاني من “اضطراب الاستعراء” مثل من قام بإظهار عضوه الذكري للفتاة في الواقعة الأخيرة.

ويشدد على أن السيدات والفتيات اللتي يتعرضن لتلك الحوادث يصابن بـ”صدمة نفسية”، ومنهن من “يتجاوز الأزمة”، لكن البعض الآخر “لا يستطيع التجاوز”.

وتتفق معه استشاري الصحة النفسية، الدكتورة منى حمدي، التي تؤكد أن حالة من “الخوف والقلق” تصيب السيدات والفتيات بسبب “تكرار الحوادث”.

والكثير من هؤلاء السائقين “شخصيات فاسدة أو تعاني من اضطرابات نفسية”، والشركات لا تقوم بـ”اخضاعهم لفحوصات لتبيان تعاطيهم المخدرات من عدمه أو التأكد من صحتهم النفسية”.

والكثير من السيدات يشعرن بـ”عدم الأمان” عند استخدام تلك التطبيقات، وللقضاء على “حالة الخوف” يجب أن يكون هناك “تدقيق” من قبل شركات النقل الخاصة على سائقيها، وفق استشاري الصحة النفسية.

ومنها جانبه، يوضح استشاري التحليل والعلاج النفسي السلوكي، الدكتور علاء الغندور، أن “الاعتداءات الجنسية والتحرش والاغتصاب” التي تعرضت إليها بعض السيدات قد تسبب في ظهور “فوبيا من وسائل المواصلات الخاصة”.

وأصبح الأمر “ظاهرة جديدة” في المجتمع المصري لكنها انتشرت وذاع صيتها بسبب تكرارها في وقت قصير، وفق حديث الغندور لموقع “الحرة”.

والانحرافات السلوكية وتعاطي المخدرات والأمراض النفسية والاضطرابات العقلية والحرمان الجنسي والفشل العاطفي ومشاهدة الأفلام الإباحية، هي الأسباب الرئيسية لوقوع تلك الحوادث بشكل متكرر، وفق الدكتور الغندور.

تداعيات “مجتمعية ونفسية”
يشير صادق إلى تداعيات وانعكاسات مجتمعية لتكرار الحوادث، وعلى رأسها “امتناع الكثير من الأسر عن استخدام تلك التطبيقات”.

وانتشار تلك الحوادث يعكس “عدم وجود أمان” ما قد يؤثر على “سمعة مصر بالخارج” وبالتالي “امتناع السياح عن القدوم للبلاد”، حسبما يحذر أستاذ علم الاجتماع السياسي.

ومن جانبها توضح منصور أن تكرار الحوادث سوف يتسبب بـ”ظهور انفعالات مجتمعية” في ظل عدم وجود “قوانين رادعة وأدوات تنظيمية” تحمى السيدات والفتيات من التحرش.

ومن جانبها، تشدد الدكتورة حلمي على أن تلك الحوادث “سوف تظل عالقة في ذاكرة الضحية التي تعرضت لصدمة نفسية، حتى يتم انتفاء أسباب الخوف”.

والخوف مرتبط بشكل كبير بـ”تكرار وقوع تلك الحوادث على فترات قصيرة”، لكن مع مرور الوقت “وعدم التكرار”، فقد يعود الشعور بالأمان للضحية مرة أخرى، وفق استشارية الصحة النفسية.

أما الدكتور فرويز فيحذر من “انتشار شعور الخوف بين الناس” بسبب الحوادث التي يقود بعضها لـ”وفاة الضحية”.

ولذلك يجب أن يكون هناك “ضوابط” للسيطرة على تلك التطبيقات حتى تعود الشعور بـ”الأمان” بين السيدات والفتيات، وفق استشاري الطب النفسي.

استعادة “عوامل الأمان”؟
يطالب الدكتور فرويز الجهات المختصة بالتدخل لـ”وضع كاميرات رقابية داخل السيارات، على أن تكون متصلة بأجهزة الشرطة والشركة”.

يطالب الدكتور فرويز الجهات المختصة بالتدخل لـ”وضع كاميرات رقابية داخل السيارات، على أن تكون متصلة بأجهزة الشرطة والشركة”.

يجب كذلك تأسيس شركات أو تطبيقات لسيارات الأجرة (التاكسي)، وفرض رقابة عليها، لتقليل “الاعتماد على شركات مثل كريم وأوبر”، وفق استشاري الطب النفسي.

بدورها تقدم كل من شركتي أوبر وكريم خدمة الطوارىء أثناء الرحلة، لكي يتمكن الشخص من إبلاغ الفريق المختص للتصرف واتخاذ الإجراء المناسب، بالإضافة إلى ميزة التتبع وحفظ الوجهة على الخريطة.

ومن جانبه، يشدد الدكتور الغندور على ضرورة وجود “عقوبات رادعة”، وزيادة الوعي لدى النساء باستخدام “الرادع الكهربائي”، وفرض الرقابة على تلك الشركات، ووضع “أجهزة إنذار” تكون متصلة بالجهات الشرطية، وتأهيل السائقين “نفسيا وسلوكيا”.

الحرة


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.