مدفع الدعم السريع يحصد أرواح سكان الفاشر في دارفور

كعادتها في صباح كل يوم، تستيقظ ربة المنزل زينب الطاهر من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، لتتجه إلى سوق المدينة وتحضر احتياجات أسرتها، وتقول للجزيرة نت وهي تسرع بخطواتها “لا أريد أن أتأخر! يجب أن أصل إلى السوق قبل أن يبدأ المدفع بإطلاق النار”، فالمدفع يجعل السوق شبه خال من الناس، والتأخير سيعرض حياتها وحياة أطفالها للخطر.

وفي خضم هذه المعارك الدامية التي تشهدها مدينة الفاشر بين الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلحة من جهة والمقاومة الشعبية من جهة أخرى، ضد قوات الدعم السريع، أصبح المدفع التابع للأخيرة عنوان الرعب الذي يؤرق سكان مدينة الفاشر، بقذائفه التي تأتي من خارج المدينة لتحصد أرواح المدنيين في منازلهم يوميا.

تقول زينب إن صوت طلقات المدفع المتكررة أصبحت جزءا من روتينها اليومي، فقد حصد هذا السلاح أرواح عشرات المواطنين في المدينة، وذكرت أن السكان أصيبوا بالإحباط والخوف من هذا العنف المستمر، فالمعارك العنيفة تتواصل في أحياء المدينة دون توقف، مما يشكل تهديدا مباشرا على حياة المدنيين العزل.

وشددت على ضرورة بذل جهود أكبر من قبل الجميع لإخماد نيران هذا الصراع، وقالت إن “السكان بحاجة ماسة لتدخل سريع لوقف النزاع وحماية أرواحهم، لقد ألحقت الحرب خسائر فادحة بالمدنيين في مدينة الفاشر، أقدم مدن الإقليم تاريخيا”.

تبادل الاتهامات
ومنذ العاشر من مايو/أيار الجاري، تواجه مدينة الفاشر السودان هجمات متكررة من قوات الدعم السريع على المدينة والقرى المجاورة لها مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا، وفرار الآلاف من المواطنين إلى مواقع أخرى أكثر أمنا، في حين شن طيران الجيش السوداني سلسلة غارات على عدد من مواقع تجمعات قوات الدعم السريع شمال وشرق وجنوب المدينة.

وأفاد حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي -في منشور على صفحته في فيسبوك– بأن قوات الدعم السريع تستمر في ممارسة “أقصى ما لديها من أحقاد ضد مواطني الفاشر”، مرفقا صورا تُظهر تعرض مستشفى الفاشر الجنوبي لأضرار بسبب قصفه بما لا يقل عن 6 قذائف، وهو المستشفى الوحيد في المنطقة ويستقبل عشرات الجرحى والمرضى يوميا.

وحسب بيان لها صدر الأربعاء الماضي، القت قوات الدعم السريع باللائمة في تلك الهجمات على قوات الجيش الذي قالت إن طيرانه قصف عدد من المستشفيات والأحياء السكنية في مناطق كبكابية وكتم وأم سيالة بشمال دارفور.

وادعى البيان أن هذا القصف الجوي يؤكد عودة ما وصفه بـ”النظام الإرهابي” لممارسة عمليات إبادة جديدة بحق الشعب السوداني، معتبرا أن هذا “يشكل تهديدا خطيرا لاستقرار السودان والمنطقة والعالم”، ودعا لاتخاذ “مواقف وطنية حاسمة” إزاء هذا “المنعطف الخطير”.

وتأتي أهمية الفاشر من جهة كونها عاصمة ولاية شمال دارفور ومركز الإقليم المكون من 5 ولايات، وكبرى مدنه، والوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم الأخرى التي لم تسقط بيد قوات الدعم السريع في نزاعها المسلح ضد الجيش السوداني، لكنها تشهد منذ أسابيع تصاعدا في مستوى الهجمات.

معاناة المدنيين
تقول تهاني إبراهيم، إحدى سكان المدينة، إنها اضطرت لترك منزلها في حي التيمانات بسبب القصف المدفعي المستمر، حيث لم تعد تشعر بالأمان فيه، وخشيت على حياتها وحياة أسرتها، وتقول إن “الوضع هناك أصبح مخيفا للغاية، وأنا قلقة على مستقبل أطفالي في ظل هذا النزاع المسلح المتواصل”.

وتوضح تهاني أن السكان بحاجة ماسة لتدخل فوري من قبل الجهات المعنية لوقف هذا القتال وحماية المدنيين، حيث لا يمكنهم تحمل مزيد من الخسائر البشرية، وتقول “لقد دمرت الحرب حياتنا وأحلامنا، نناشد الجميع بذل كل الجهود الممكنة لإحلال السلام والأمن في مدينتنا”.

أما المواطن سليمان حامد فقال للجزيرة نت إن عددا من مساجد المدينة لم تقم فيها صلاة الجمعة بسبب قصف مدفع الدعم السريع، وإن العديد من السكان اضطروا لأداء الصلاة في منازلهم بسبب الأوضاع الأمنية المتردية، وقال إن الحالة الأمنية في الفاشر تتدهور بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.

ووضح حامد أن عمليات القصف أصبحت شبه يومية، وأعرب عن قلقه إزاء تأثير هذه الأحداث على المجتمع المحلي، بينما يأمل الجميع أن تعود الأوضاع في المدينة إلى طبيعتها في أقرب وقت ممكن.

الجزيرة نت


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.