هل كانت المرأة مسؤولة عن توزيع الميراث في “مصر القديمة”؟

في سياق المنشورات التي تتباهى بالحضارة المصرية القديمة، نشرت صفحات وحسابات على موقع فيسبوك ومنصة “إكس”، “معلومات تاريخية” تشير إلى أن الابنة في تلك الحضارة “كانت هي المسؤولة عن توزيع الميراث، حتى بوجود الرجال”.
وتحمل المنشورات صورة لما يبدو أنه نقش مصري قديم، أُرفق بادعاء أنه “في مصر القديمة، إن مات الأب تكون الابنة هي المسؤولة عن توزيع الميراث، حتى بحضور الرجال”.
وأضافت المنشورات أن المرأة في مصر القديمة كانت “رمز الحكمة والحق والقوة”.
ويندرج هذا الادعاء ضمن المنشورات المتداولة في السنوات الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية، لا سيما في مصر، عن اختراعات واكتشافات وأنماط سلوك اجتماعي منسوبة للمصريين القدماء.

حقيقة المنشور
لكن الادعاء بأن الابنة في مصر القديمة كانت هي المسؤولة عن توزيع الميراث لا أساس له، إذوصف الباحث الأثري المصري، أستاذ الآثار بجامعة سوهاج، محمد عيسى، ما جاء في المنشور المتداول بأنه “غير علمي”.
وأضاف أنه “يفتقر إلى الاطلاع الدقيق على النصوص المصرية القديمة، التي تُعتبر المصدر العلمي الوحيد في هذا الشأن”.
واستند عيسى إلى دراسة أعدها بعنوان “المرأة في قوانين الميراث في مصر القديمة”، واعتمد فيها على تحليل 62 نصاً يعالج أمور التوريث في مصر القديمة.
وقال: “إن إحدى مواد مخطوط هيرموبوليس المحفوظة حاليًا بالمتحف المصري في وسط القاهرة، تظهر أن ممتلكات المورّث كانت تقسّم وفقًا لعدد أطفاله، ثم يحصل الذكور منهم على أسهم وفقًا لترتيبهم في الميلاد أولًا، وبعد ذلك تحصل الإناث على نصيبهن وفقًا لترتيبهن في الميلاد أيضًا”.
وذكرت الدراسة التي نشرت عام 2022 بمجلة الاتحاد العام للآثاريين العرب، أن الابنة الكبرى “تولت نفس دور الابن الأكبر، كوصية على إخوتها الأصغر منها سنًا، حتى لو كان في الأسرة طفل ذكر”.
وكانت الابنة الكبرى مؤهلة للعمل كوصيّة على التركة الموروثة وعلى أشقائها القصّر، و”نظير دورها هذا، كان لها الحق في حصة إضافية من الميراث”.

“حكايات خيالية”
واتفق وزير الآثار المصري السابق، ممدوح الدماطي، مع ما أكده عيسى، واصفا المنشورات بأنها “حكايات خيالية دون أية مصادر”.
وأوضح أن الحضارة المصرية القديمة حافظت على حقوق المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية، وكذلك الاجتماعية، ومنها حقها في الميراث، لكن الإشراف على عملية الميراث كانت موكلة للابن الأكبر، من دون أن يعطيه ذلك الحقّ في تجاوز حصص الآخرين.
ونوه الدماطي إلى أن العصور المصرية القديمة المختلفة لم تعط أبدًا للابن الأكبر الحق في التصرف في الميراث لمصلحته الشخصية، بل كان المبدأ الأساسي هو أن يكون إشرافه لمصلحة الأسرة بكل أفرادها سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا.
أما في حالة وفاة الابن الأكبر “فكانت عملية الإشراف تذهب مباشرة إلى من يليه في العمر من إخوته”.

الحرة


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.