فكأنْ ليس في الأرض شيئاً جمادْ!
لماذا تُرى تكرهونَ البلادْ؟
لماذا نحرتم صباحاتِنا؟
ولماذا قتلتم نهاراتِنا
ولماذا صلبتم مساءاتِنا
ولماذا عمدتم إلى حقلِنا فاجتثثتم
سنابلَه وهي نيئةٌ
قبل وقتِ الحصادْ
لماذا تُرى تكرهونَ البلادْ؟
لقد أنجبتَكُم
لقد أرضعتْكُم
لقد هدهدتكُم
وباهتْ بكم
إنها أمُّكم أيُّها الأشقياءْ
أتأتمرونَ على أُمِّكم؟؟
وتبيعونَها في مزادِ السبايا
فتعساً لكم
ثم تعساً لكم
ثم تعساً لكم وله من مزادْ!
لماذا تُرى تكرهونَ البلادْ؟
خذوا ما تريدونَ من ذهب الأرضِ
من مائها
واخضراراتها
وخذوا النيلَ
لكن دعوا أرضنا
كبرياءَ الرجالِ
عفافَ النساءِ
نقاءَ الصغارِ
دعوا وطناً لم يكن قبل أن تغدروا هيناً
أو ذليلاً
وما كان يوماً مهيضاً كسيراً
وما كان والله سهل القيادْ
لماذا ترى تكرهون البلادْ؟
لقد كان أسلافنا سادةً
ورجالاً
مضوا نحو موت يليق بأمثالهم
ثابتين
لكي يكتبوا مجدنا
بالدماءِ الطهورةِ والعطرِ والكبرياءِ المهيبِ
فأكرم به من مداد
لماذا ترى تكرهون البلادٌ؟
أما حملتكم بأحشائِها ألفَ عامْ؟
أما أرضعتكُم حليبَ الشموسِ
وهزَّت مهودَ طفولتِكم في سلامْ؟
و(تاتت) خُطاكم بأفيائِها
ثم مدَّت لكم أرضَها فركضتم
وظلَّت تُلقِّنُ أفواهَكم
من فصيحِ الكلامْ؟
فكيف تبيعونها
وبكم؟
أليس بكم ذرةٌ من رشادْ
لماذا تُرى تكرهونَ البلادْ؟
سيلعنُكُم كلُّ شيءٍ هنا
سيلعنُكُم كلُّ قبرٍ هنا
ستلعنُكُم كلُّ أنهارِنا
وشواطئنا
والطيورُ الأليفةُ في عالياتِ الغصونِ
ستلعنُكم هذه الأرضُ
أحجارُها
وستلعنُكُم كلُّ أشجارِها
وستلعنُكُم كلُّ أثمارِها
والعذارى اللواتي طُعنَّ بنصلِ تآمرِكم مرَّتين
اليتامي
الثكالى
الصغارُ
الكبارُ
سيلعنُكُم كلُّ شيء
ولن تجدوا أبداً مبتغاكم
ولن تستطيعوا
فنحن هنا مثل أشجارِنا واقفون
ونحن هنا مثل أجبالِنا ثابتون
ونحن هنا مثل أنهارِنا سطوةً وعنادْ
لماذا تُرى تكرهونَ البلادْ؟
أُبشِّركُم
سوف نبقى
ليومِ القيامةِ
حتى يُنادي إلى البعثِ فينا وفيكم منادْ
سنسألُكُم وقتَها
حين تُنصبُ تلك الموازينُ بالعدلِ
واللهُ في عرشِه جل سبحانه
لتجيبوا
لماذا تُرى تكرهونَ البلادْ؟
السمراء روضة الحاج
رصد وتحرير – “النيلين”