ابدي بعض الأصدقاء دهشتهم عندما علموا أنني لم تصلن دعوة للمشاركة في مؤتمر القاهرة المزمع انعقاده في العاصمة المصرية القاهرة يومي السبت والأحد المقبلين. ذلك انهم يعلمون اني كنت واحدا من الفاعلين في المبادرة التي اقضت إلى هذا المؤتمر، فضلا عن أشياء أخري يعلمها كثيرون، وازدادوا دهشة عندما أخبرتهم باني ادعم هذا المؤتمر واتمني له النجاح، وتركت لهم تفسير الأولي، واعني عدم دعوتي للمؤتمر، اما بالنسبة لدعمي له، فمنهجي في الحياة اذا اختلفت مع احد او مجموعة في ٩٠% واتفقت معهم في ١٠% اتعاون معهم في ال ١٠% واسعي لأن تبلغ ال٩٠ او تزيد، وفي أسوأ الأحوال لا تقل عن ال١٠.
اما بالنسبة لمؤتمر القاهرة اعتقد انه بهذه الطريقة فقد علي الأقل ٩٠% من عناصر النجاح التي اعدت له بواسطة المجلس المصري للشؤون الخارجية بقيادة نائب رئيس المجلس السفير المعتق صلاح حليمة، وبمشاركة عدد كبير من القوي المدنية السودانية السياسية والمجتمعية والاقتصادية والفنية والاعلامية والدينية وغيرها، وتكون الخسارة مضاعفة اذا تم تبديل او تغيير الورقة المحترمة التي اعدت بواسطة هؤلاء الذين يمثلون الغالب الاعم من اهل السودان، ولكن مجرد ان يقوم المؤتمر في مصر وبرعاية الحكومة المصرية، فذلك وحده يرجح كفة الميزان. فمصر اخت بلادنا الشقيقة لن يأتينا منها الا الخير، ومصر حكومة وشعبا تقف مع السودان، ومع ثوابت السودان، وإذا افلح الذين بدلوا اشياء كثيرة خاصة بهذا المؤتمر في تبديل حتى ثوابته، فهذا الثوابت التي اقرتها الورقة المفاهيمية للمبادرة المجتمعية فلن يفلحوا في تغيير هذه الثوابت عند الحكومة المصرية، ولا عند أهل مصر، وفي مقدمتها المحافظة علي وحدة السودان واستقلاله وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والالتزام بخيارات الشعب السوداني ومبادئ ثورته المجيدة، وأن المؤسسة العسكرية الوطنية هي الجهة الوحيدة المنوط بها حماية الدولة والشعب، والحفاظ علي وحدته وتحقيق أمنه واستقراره، فهذه الثوابت لو سقطت او أسقطت من ورقة المؤتمر في شكله الجديد فلن تسقط من ذاكرة مصر اخت بلادي الشقيقة، ولن ترضي مصر سقوط ثوابت السودان علي أرضها، لهذا انا مطمئن ولا اخشي ان يأتى مؤتمر اليومين بشر علي بلادنا.
اما بالنسبة لخسائر هذا المؤتمر في شكله الجديد والتي قد تبلغ ال ٩٠% او تزيد انه فقد اهم عنصر كان يميزه عن كل المؤتمرات السابقة، وهو الشمول وعدم الاقصاء، وكان قد جاء في ورقته المفاهيمية “شمولية مشاركة القوي والاحزاب السودانية وحركات الكفاح المسلح الموقعة علي اتفاق جوبا للسلام وغير الموقعة أيضا وكافة أطياف المجتمع السوداني “وخاصة المرأة والشباب” بجانب القيادات المجتمعية والقبلية والاهلية في العملية السياسية فضلا عن مشاركة قوي شرق السودان لمعالجة قضية الشرق في الإطار العام للازمة السودانية”
وبمقارنة ذاك بما حدث نجد انه من بين نحو خمسة عشر حزبا وحركة كفاح مسلح تمت دعوة ثلاث فقط من المناصرين للقوات المسلحة بينما البقية كلهم موالون للدعم السريع، ومناصرو القوات المسلحة هم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وحركة العدل والمساواة الأصل بقيادة الدكتور جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان بقيادة كومرد منى اركو مناوي، اما الموالون للدعم السريع فهم، المؤتمر السوداني، التجمع الاتحادي، حزب البعث، الحزب الوطني الاتحادي، الحركة الشعبية التيار الثوري مجموعة السيد ياسر عرمان، حركة تحرير السودان المجلس الإنتقالي، التجمع الوطني لتحرير السودان، حركة العدل والمساوة سليمان صندل، حركة تحرير السودان بقيادة السيد عبد الواحد محمد نور، والحركة الشعبية شمال بقيادة كومرد عبد العزيز الحلو.
اما الشخصيات الوطنية التي تمت دعوتهم اغلبهم موالون للدعم السريع، وتم استبعاد مجموعة بادعاء انهم داعمون لانقلاب ٢١ أكتوبر وهي عبارة خشنة يقصد منها انهم داعمون للقوات المسلحة،
ويلاحظ خلو القائمة من اي إسلامي بمن في ذلك الموالين للدعم السريع مثل مجموعة الدكتور علي الحاج في المؤتمر الشعبي. ويتوقع ان ينسحب من المؤتمر مجموعة مهمة من الداعمين للحكومة، هي حركة العدل المساواة الأصل بقيادة الدكتور جبريل إبراهيم التي هددت بالانسحاب من المؤتمر حال مشاركة المجموعة المنشقة بقيادة الفريق سليمان صندل.
وأعتقد أن هذا المؤتمر وبهذه المشاركة المختلة لن يكون قادرا علي تحقيق هدفه الأساسي وهو إعلان موقف موحد لوقف الحرب، فكيف يعلن هذا الموقف الموحد، فمن يمثل القوات المسلحة في هذا المؤتمر، ومن يمثل المقاومة الشعبية التي تقود النفرة الشعبية ضد قوات الدعم السريع الذين استباحوا دماء وأعراض واموال أهل السودان كلهم بلا استثناء، ومن يمثل الاسلاميين الذين يقدمون كل ساعة شهيدا تلو شهيد وهم يقاتلون جنبا إلى جنب القوات المسلحة والقوات النظامية الأخري والمستنفرين طوعا من جماهير الشعب السوداني.
ان مؤتمر اليومين الإثنين بتركيبته هذه لن يصل إلى الغاية التي كنا نرجوها من مؤتمر المبادرة المجتمعية لتجاوز الأزمة السودانية، ولكن البركة في مصر اخت بلادنا الشقيقة التي نثق انه لن يأتينا شر من أرضها أرض الأمن والأمان والاطمئنان.
جمال عنقرة