إضافة واندماج لا عبء.. حضور لافت ومبادرات رائدة للاجئين بمصر

رغم بعض فصول المعاناة، تبرز قصص نجاح من اللاجئين بمصر، شكلت إضافة للقاهرة واقتصادها، وعملت على توفير أبواب رزق واندماج للاجئين، عبر العديد من المبادرات الرائدة والمشروعات الاقتصادية، وفق حديث فاعلين بارزين في المجال .

وحسب إحصائية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر لهذا العام، فإن عدد اللاجئين بها يبلغ 675 ألف لاجئ من 62 دولة، يمثل السودانيون القطاع الأكبر منهم، في حين تقدر الإحصاءات الرسمية عدد اللاجئين والوافدين بأكثر من 10 أضعاف هذا الرقم.

وصرح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في أبريل/نيسان الماضي بأن أكثر من 9 ملايين لاجئ يعيشون في مصر من نحو 133 دولة، يمثلون 8.7% من حجم سكان مصر.

مبادرة لكل اللاجئين
مبادرة “تنمية اللاجئين بمصر” هي إحدى المبادرات الشبابية السودانية الناجحة، “من أجل تنمية مجتمع اللاجئين من مختلف الجنسيات تنمية صحية واجتماعية” وفق حديث رئيس المبادرة عبد الجليل محمد نورين .

حضر نورين إلى القاهرة في عام 2017، وعانى -كما يقول- أشد المعاناة في البداية في البحث عن فرصة عمل أو فهم السوق المصري أو الحصول على وعي ومعلومة أو سكن، مما جعله يفكر هو وأصدقاء سودانيون في إطلاق مبادرة تنمية اللاجئين في عام 2021، التي لا تقتصر على السودانيين فقط، بل امتدت إلى السوريين واليمنيين والإريتريين بل المصريين في نطاق وجودهم.

ونظمت المبادرة في مايو/أيار الماضي، مع شركاء آخرين، ورشة توعوية للقادمين الجدد، في إطار جهودها لنقل المعلومات اللازمة للوافدين الجدد، من جنسيات مختلفة بما فيها السودان، تضمنت توضيح قوانين الدولة المضيفة والتعريف بالمجتمع المحلي، وسبل تسهيل عملية الاندماج في المجتمع وتقديم الدعم اللازم لهم لبناء حياة مستقرة ومثمرة.

ويضيف رئيس مبادرة تنمية اللاجئين أن مبادرته ساهمت في استيعاب الأعداد الكبيرة من السودانيين التي جاءت إلى القاهرة، بعد الحرب في السودان، بجانب ما قدمته في الفترات السابقة منذ تدشينها لمختلف اللاجئين من مختلف الجنسيات، موضحا أن مبادرته تعمل على البعد التوعوي والمسار التنموي.

ويشير نورين إلى أنه مع توسع الأزمات بالمنطقة، استأجر شقة في إحدى مناطق محافظة الجيزة بالقرب من العاصمة القاهرة، ودخل في شراكات مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وهيئات مصرية حكومية وشعبية، من أجل الحصول على المزيد من الدورات وورش التدريب والتأهيل والدعم النفسي للاجئين، مضيفا أنه بعد توافد أعداد كبيرة من السودانيين بعد الحرب شكلوا فرق طوارئ لاستقبالهم وتقديم الدعم والمساندة لهم.

ويوضح رئيس مبادرة تنمية اللاجئين أن المئات من قصص النجاح للاجئين يتابعها يوما بعد يوم، خاصة في الفترة الأخيرة، التي يرى أنها مع تصاعد بعض الخطابات حول أعدادهم بمصر، جعلت اللاجئين في تحد مستمر لإثبات حضورهم وإضافاتهم في المجتمع.

ويشير إلى أن هناك أكثر من 70 مشروعا ترعاه مبادرته منها مشروعات صنع الحناء والكروشيه والرسم للسيدات، ومشروعات تركيب العطور وتعلم فنون الحلاقة والخياطة للرجال، مؤكدا أن أكثر من 1500 لاجئ استفاد في الفترة الأخيرة من المبادرة من مختلف الجنسيات.

نموذج فلسطيني ناجح
يعد اتحاد المرأة الفلسطينية بالقاهرة، أحد نماذج النجاح في مجتمع اللاجئين بمصر، وهو ما حاول التأكيد عليه وتوسيع مجالاته مع تزايد أعداد الوافدين الفلسطينيين القادمين من غزة والأراضي الفلسطينية بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة، بحسب حديث رئيس الاتحاد آمال الآغا، .

وشارك اتحاد المرأة الفلسطينية المركز القومي المصري لثقافة الطفل في 24 يونيو/حزيران الماضي، الاحتفاء باليوم العربي الأفريقي، والذي شارك فيه أطفال قطاع غزة الموجودون بمصر حاليا نتيجة العدوان الإسرائيلي على القطاع بهدف تقديم الدعم النفسي والمعنوي للأطفال.

الاتحاد جمعية مسجلة بوزارة التضامن الاجتماعي المصرية المختصة بشؤون الجمعيات التنموية والخيرية، ويعمل على العديد من المشروعات التي تستهدف الدعم والدمج واستمرار الصمود وتخفيف العبء على الدولة والشعب المصري، مثل مشروع التطريز الفلسطيني، وعن طريقه يتم إنتاج مطرزات ذات طابع فلسطيني يتم تسويقها مع شركاء النجاح المحليين بمصر، بما يمكن المرأة الفلسطينية اقتصاديا لمواجهة ظروف ما بعد العدوان من مشاكل الحياة.

وتضيف الآغا أن الاتحاد لديه مشروع “الإنفاق”، والذي يقوم على تبني أسرة فلسطينية مقتدرة لأسرة فلسطينية محدودة الدخل براتب شهري، لمواجهة أعباء الحياة خاصة ممن قدموا مؤخرا إلى القاهرة، ومساعدات لأبناء قطاع غزة الذين انقطعت السبل مع ذويهم في القطاع، سواء في الجانب التعليمي أو الجانب المعيشي، بجانب فريق كورال “عباد الشمس”، وهو فريق فني يضم الفلسطينيين والمصريين على السواء بغرض احتواء المواهب ودعم القضية.

الوافدون الفلسطينيون بالقاهرة شكلوا تجارب عديدة للتحدي وإثبات الوجود والنجاح البسيط في عدد من المشروعات الصغيرة، بعد انطلاق معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق متابعة “الآغا”، ولكنها ترى أن هذه التجارب لا تزال تحتاج إلى دعم ومساندة وتقنين أوضاع الإقامة وفتح مزيد من أبواب الاندماج في المجتمع لحين انتهاء العدوان.

وتضيف رئيس اتحاد المرأة الفلسطينية، بمرارة، أنه “لا يليق بمعلم وأسرته أن يعملوا بمشروع لبيع المعجنات، بينما يمكنهم تقديم تجربة نجاح في مجال تخصصهم، ولكن يحول دون إتمامها بعض الإجراءات الإدارية في مصر”.

عزيمة وإنجاز
ويشهد المجتمع المصري نجاحا رائجا للاجئين السوريين في مجال الأطعمة والحلوى والأثاث، خاصة في عاصمة وجودهم بمصر في مدينة 6 أكتوبر بمحافظة الجيزة بالقرب من العاصمة القاهرة.

الشاب السوري “سامر” مدير محل بيع مواد غذائية في مدينة 6 أكتوبر، كافح منذ قدومه للقاهرة في العام 2013، للحصول على عمل، ساعده على الاستقرار المادي، حتى استطاع النجاح في الزواج مؤخرا، بحسب حديثه.

ورغم شعوره بالقلق، مما يصفه بخطابات الكراهية من البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، في الفترة الأخيرة، فإنه يؤكد أنه واثق من أن إصرار السوريين على النجاح في مختلف المجالات، أوجد لهم دعما كبيرا بين أشقائهم المصريين بخلاف رابطة الأخوة العربية.

وبحسب بيانات حديثة، لمنظمة الهجرة الدولية، فإن السوريين يشكلون 17% من أعداد اللاجئين في مصر، ويساهمون بشكل فعال في سوق العمل المصري، باستثمارات بلغت نحو مليار دولار، على مدى الفترة الماضية، عبر 30 ألف مستثمر سوري مسجل في البلاد.

تكريم من المفوضية
وفي تقرير صدر بنهاية الشهر الماضي، أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر أن القاهرة تعج “بقصص نجاح وأمل بين اللاجئين مليئة بالعزيمة والإنجاز”.

وكرمت المفوضية اللاجئ اليمني وليد علي الزريقي، صاحب قصة نجاح في خدمة اللاجئين من مختلف الجنسيات، وفق المفوضية، وعددا من أقرانه، في حفل بالجامعة الأميركية بالقاهرة الشهر الماضي.

الزريقي أسس مبادرة “وجود” منذ عام 2019، مع مجموعة من أبناء الجالية اليمنية بمصر، وتعنى بشؤون وحقوق اللاجئين وخدماتهم الصحية والقانونية والتعليمية والنفسية، خاصة للمقيمين الذين فروا من اليمن بسبب الحرب الدائرة هناك منذ العام 2015، ويمتد نشاطها ليشمل كذلك عددا من الأسر السودانية والسورية والإريترية.

ويشكل حجم الاستثمارات اليمنية في السنوات الأخيرة بمصر، أكثر من 50 مليار جنيه، وفق بيانات حديثة للسفارة اليمنية بالقاهرة، في حين يتركز نشاطهم في مجال الاستثمار العقاري ومحلات العطارة والمطاعم.

الجزيرة نت


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.