الزغاوة.. قبيلة تنتشر بين السودان وتشاد والنيجر وليبيا
قبيلة الزغاوة إحدى القبائل الكبيرة التي تنتشر في مناطق واسعة من أفريقيا، ويعود تاريخها إلى القرن السابع، حيث كانت لها مملكة قوية امتدت حتى نهاية القرن العاشر الميلادي. ويشتهر الزغاوة بتنوعهم الثقافي والاجتماعي. كما برزوا في الحياة السياسية والعسكرية في المناطق التي ينتشرون فيها.
التسمية
وفقا لما أورده الكاتب هارون سليمان يوسف في كتابه “الزغاوة تاريخ وتراث”، فإن كلمة “زغاوة” لها أصول في اللغة العربية، إذ استخدمها العرب للدلالة على الشعوب التي تعيش في شمال أفريقيا.
ويطلق “الزغاوة” على أنفسهم اسم “بيري”، ويطلق على الشخص منهم لقب “زغاوي” أو “بري”.
وتتحدث القبيلة لغة الزغاوة، وهي لغة صحراوية شرقية.
مناطق الانتشار
ينتشر الزغاوة في منطقة جغرافية واسعة من أفريقيا في دول السودان وتشاد والنيجر وليبيا. ويوجدون بشكل أساسي على طول الحدود بين السودان وتشاد، وخاصة في إقليم دارفور غربي السودان وإقليم فزان في ليبيا وفي المناطق الشمالية الشرقية من تشاد.
ويعيش حوالي 171 ألف نسمة منهم على طول الحدود السودانية التشادية، ويتوزعون إلى مجموعات من رعاة الإبل والماشية، إضافة إلى عمل عدد منهم في الزراعة.
عرقيات الزغاوة
يشكل الزغاوة مجموعة إثنية كبيرة تنقسم إلى حوالي 3 مجموعات كبيرة، كل منها بمثابة فرع، وتُعرف هذه المجموعات بـ”الوقِي” و”تُوبا” (تسمى أيضا البديات) و”كُوبَرا”.
كما ينقسم المجتمع الزغاوي إلى طبقتين اجتماعيتين، الأولى طبقة “ماي”، وتضم النبلاء أو القادة التقليديين، والثانية طبقة “غير ماي”، وتشمل بقية أفراد المجتمع.
وقد أثار موضوع الطبقية جدالا بين أبناء القبيلة حول جدواها ودواعيها داخل مكون إثني واحد لا يختلف كثيرا في العادات والتقاليد والثقافة والتاريخ.
تاريخ القبيلة
يعود تاريخ الزغاوة إلى القرن السابع، حيث كانوا يعيشون في منطقة جغرافية واسعة. وكانت لهم مملكة قوية امتدت حتى نهاية القرن العاشر الميلادي.
وفي القرن الـ17 اعتنق غالبية الزغاوة الإسلام، وهذا أدى إلى تقليص سلطة الزعماء الحاكمين بشكل كبير.
وكانت للزغاوة مملكتهم الخاصة التي يحكمها زعماء القبيلة، وكانت تنقسم إلى طبقات اجتماعية صارمة وعشائر عائلية. ومع تطور دول السودان وتشاد والنيجر، أدى ذلك إلى إضعاف الزعماء والنظام الاجتماعي العام للزغاوة.
كما أشار الجغرافيون مثل الشريف الإدريسي وأحمد اليعقوبي إلى أن الزغاوة كانوا من مؤسسي دولة كنام التي كانت تقع بالشرق مباشرة من بحيرة تشاد.
عاداتها وتقاليدها
عاش الزغاوة في بداياتهم حياة بدائية واعتمدوا في حياتهم على المنتجات الحيوانية، فكانوا يصنعون ألبستهم وكثيرا من أثاثهم من جلود المواشي والأنعام، وما يزال كثير منهم يحافظون على ارتداء الحذاء التقليدي المصنوع من جلد الأصلة (نوع من الثعابين) والذي يسمونه “المركوب”، ثم طوروا فيما بعد زراعة القطن، وبدأت منتجاته تحل محل الجلود.
كما أن أوانيهم في غالبها تصنع من الخشب وبعضها من الجلود، قبل أن تصلهم في الآونة الأخيرة بعض الأواني البلاستيكية والحديدية نتيجة التطور الصناعي في محيطهم.
يشتهر الزغاوة أيضا بعمامة طويلة يرتدونها ويستخدمونها لثاما يتقون به العواصف الرملية في الصحراء.
ومما يميزهم أيضا جلسات الشاي وطقوسهم الخاصة في إعداده، والتجمعات من أجل شربه والمسامرة حوله.
دورها في الحياة السياسية
على الرغم من أن قبيلة الزغاوة ليست قوية جدا في السودان، إلا أنها تتمتع بنفوذ سياسي كبير في تشاد، حيث ينتمي إليها بعض رؤساء وزراء تشاد السابقين وكذا بعض أعضاء الحكومات.
ولعبت الزغاوة دورا مؤثرا في السياسة الإقليمية من خلال التحالفات الإستراتيجية مع الجماعات العرقية الأخرى مثل الفور.
وشاركت القبيلة أيضا في الحروب المعاصرة في تشاد وليبيا والسودان. فقد شاركت حركة العدل والمساواة السودانية المنتمي بعض قياداتها لقبيلة الزغاوة في حرب ضد الحكومة السودانية عام 2003م في إقليم دارفور.
من أعلامها
إدريس ديبي
ولد إدريس ديبي إتنو (الرئيس التشادي الراحل) عام 1951م في فادا بتشاد، لعائلة من قبيلة الزغاوة، وانضم للجيش في السبعينيات وشارك في حركة تمرد ضد الرئيس الأسبق “كوكوني وادي” عام 1982م، ودعم خصمه “حسن حبري”.
وقد شغل ديبي منصب القائد العام للقوات المسلحة التشادية عام 1989، وفر إلى السودان بعد توتر العلاقات بينه وبين الرئيس حبري.
في العام 1990م قاد ديبي جيشا من المتمردين واستولى على السلطة وأطاح بحبري بعد هجوم استمر 3 أسابيع.
واستمر إدريس ديبي في السلطة منذ ذلك التاريخ، وفي أبريل/نيسان 2021م أعلنت السلطات التشادية أنه قتل في الخطوط الأمامية أثناء زيارته للقوات التي كانت تقاتل متمردين على الحدود مع ليبيا.
جبريل إبراهيم
ينحدر من إقليم دارفور السوداني، وهو أستاذ جامعي وحاصل على دكتوراه في الاقتصاد من إحدى الجامعات اليابانية، وينتمي لقبيلة الزغاوة.
أسس مع أخيه “خليل إبراهيم” حركة العدل والمساواة السودانية، وهي حركة قادت تمردا ضد حكومة الرئيس السابق عمر البشير، وكان يشغل منصب مسؤول العلاقات الخارجية بالحركة إلى أن تولى رئاستها في يناير/كانون الثاني 2012م عقب مقتل أخيه خليل.
وفي أعقاب توقيع اتفاقية سلام جوبا في أكتوبر/تشرين الأول 2020م عينه رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك وزيرا للمالية.
مني أركو مناوي
ولد في مدينة كُتم بولاية شمال دارفور السودانية عام 1968م، وينتمي إلى قبيلة الزغاوة.
عمل معلما في منطقة “بوبا” وانتقل للعمل في التجارة بين ليبيا والكاميرون ونيجيريا قبل أن ينضم للعمل السياسي أول مرة عام 2001م تحت راية حركة تحرير السودان مع عبد الواحد محمد نور.
في عام 2003م تولى رئاسة حركة تحرير السودان -جناح مني أركو مناوي- عقب انشقاقه عن عبد الواحد محمد نور.
تولى منصب كبير مساعدي الرئيس السابق عمر البشير بعد اتفاق أبوجا لسلام دارفور في الفترة (2006 – 2010)، وتولى في تلك الفترة منصب رئيس السلطة الانتقالية لإقليم دارفور.
وفي عام 2021م عينه حمدوك حاكما لإقليم دارفور بموجب اتفاق جوبا للسلام.
الجزيرة نت