عثمان ميرغني: خيارات الراهن..

خيارات الراهن..
** ثلاث ولايات فقط تعادل مساحة تركيا
** اذا لم يكن السلام حاليا خيارا فالأوجب صيانة جسد الدولة لتتحمل أطول ما أمكن.
عثمان ميرغني:

تعالوا نحسبها بالقلم والورقة.. اليوم هو الأول من أغسطس2024 و فعليا الحرب بلغت من العمر 472 يوما أي حوال 16 شهرا، قتلت أكثر من 200 ألف مواطن غير العسكريين، و أصابت بالعاهات المستديمة ربما مثلهم، وشردت أكثر من 10 مليون نزحوا لولايات السودان الأقل توترا ، و حوالي 3 مليون لجأوا إلى دول أخرى.
هذا دون حاجة لحساب الخسائر المادية التي قدرتها بعض المنظمات الاقتصادية بما يفوق الـ 60 مليار دولار، بمعنى أكثر من ديون السودان التي كنا نلتمس من كل دول العالم أن تعفينا ولو من بعضها.

الآن السودان في مفترق الطرق، إما ارادة صادقة لعبور المسافة الفاصلة للوصول إلى تسوية سلمية واتفاق سلام يُنهي الحرب، أو التحسب لاستمرار الحرب لمدة أطول (مجهولة الأمد) على رأي الشاعر عثمان خالد في أغنية الفنان حمد الريح “إلى مسافرة”.
المسار التفاوضي مواز للعمل العسكري،
وحتى لا يزايد أحد ويعتبر الدعوة للحوار والسلام ضرب من التخذيل، فالنشاط العسكري لن يتوقف إلا بتعليمات مباشرة بعد التوقيع على اتفاق السلام.

خيار الحرب يتطلب عملا جبارا في تمتين بنيان الدولة حتى لا تتأثر بحرب مجهولة الامد، فالعمل العسكري لا تنحصر خسائره في الدماء والأشلاء وحدها، بل و في اعتلال جسد الدولة وتضعضع اقتصادها وضمور قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية الحيوية مثل التعليم والصحة و فرض القانون بمؤسسات الشرطة والقضاءوالنيابة وغيرها.

إذا كانت التقديرات المبدئية – في حال اغلاق طريق التفاوض والحوار- تشير إلى امكانية امتداد الحرب لسنة قادمة، فهذا يعني عمليا ترتيب ما يفي لقوامة الوطن والمواطن لمثل هذه المدة، بدرجة تحقق الحد الأدنى-إن لم يكن أعلى- للمطلوبات التي تحفظ كرامة الوطن والمواطن.
فهل هناك أية حسابات او ترتيبات لمثل هذا الاحتمال؟
و ربما تكون المدة أطول من سنة، أو اثنتين، أو ثلاثة، أو خمسة.. لا أحد يعرف طالما أن المحك في المعادلة العسكرية التي تفرض وقف الحرب.

اطلاق الهتافات والشعارات التي تدعو لاستمرار الحرب ليست مشكلة في حد ذاتها، ان كانت قدرا مسطرا لا مناص منه، لكن لا يجب أن تظل مجرد حماس في الهواء لا ينظر للمطلوبات المدنية في قوامة الدولة لاستيفاء الحد الذي يسمح ببقائها متماسكة وليس مجرد ابقائها تترنح و بالكاد تقف على ساقيها.

ثلاثة ولايات فقط، البحر الاحمر، ونهر النيل والشمالية، وهي الولايات التي لها حدود مباشرة مع الجارة الشقيقة مصر، مساحتها مجتمعة تقترب من مساحة دولة تركيا. بعبارة أخرى تمثل قطرا كاملا بكل مزاياه المتنوعة من موارد اقتصادية هائلة في الزراعة والتعدين و غيرها.

احسان ادارة موارد هذه الولايات الثلاث وحدها كاف لقوامة الوطن والمواطن والمحافظة على جسم السودان كاملا في أفضل حال، مهما استمرت الحرب بعد ذلك.
لكن ذلك لا يتحقق الا بادراك حقيقي بحتمية ادارة وليس مجرد حكم الدولة، وهناك فرق بين أن تحكم أو تدير الدولة.

إدارة دولة يعني ادارة موارها لمصلحة شعبها، ولا يتحقق ذلك إلا بقوام مؤسسي غير خاضع للأمزجة الفردية.
فيبقى السؤال، هل لدينا ارادة السلام لاختصار الوقت والجهد والدماء والأشلاء، ام نفضل الاستمرار في الحرب؟
الاجابة تفرض شروط الخيار المطلوب.

#حديث_المدينة الخميس 1 اغسطس 2024


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.