عثمان ميرغني: شماتة..
رغم أني متفائل بأن مفاوضات سويسرا ستكون بداية الخروج من نفق الحرب المظلم، إلا أن سؤالا مهما يطرح نفسه.. ماذا إذا فشلت؟
السطر الأول من الاجابة هو أن الفشل يفتح باب “الشماتة” من الجانب الرسمي الذي رفض المفاوضات، بل تتحول الشماتة إلى فرح بالانتصار على المفاوضات..
ثم ماذا؟ لا شيء..
ليس هناك أدنى فكرة مطروحة في المسار التفاوضي غير مفاوضات سويسرا ..
لا بديل.. فقط الرفض ثم الاستماتة في الرفض.. ثم الفرح من كون الرفض حقق فشل المفاوضات – إذا حدث ذلك- لكن لا فكرة أخرى ولا مبادرة سودانية تثبت أن الجانب الذي رفض المفاوضات فعل ذلك لأنه يدرك أن من مصلحة شعب السوداني السير في طريق تفاوضي آخر ..
مع التذكير بأن المسار العسكري للحل عبر البندقية لا يتأثر بالمفاوضات لأنه مسار مبني على تقديرات عسكرية محضة ولا يتوقف الا بتعليمات مباشرة عبر الهرم والتسلسل العسكري وحده.
تمنيت لو أن الحكومة ابتدرت مسارها التفاوضي الذي يجمع كلمة الأمة السودانية على رؤية واحدة، وهدف أعلى، حينها كان مقبولا أن ترفض أية مبادرة خارجية، لكن أن يكون الرفض بلا فكرة أخرى بديلة هنا تصبح الحرب كأنها في دولة أخرى يفصلها عن السودان آلاف الكيلومترات ولا يتأثر بها شعب السودان الا بالزاوية العاطفية التي ترتبط بالمشاعر الانسانية لا أكثر.
لكن الواقع غير ذلك تماما, قرار الحرب والسلام ينتظره 40 مليون سوداني تأثروا كلهم بحرب 15 أبريل 2023، خاصة الذين يعيشون في معسكرات اللجوء أو مراكز الايواء الفقيرة التي لا تحقق أدنى مطلوبات الكرامة، بل حتى الذين هم أحسن حالا ويقيمون في المدن الآمنة لكنهم لايجدون العمل ووسائل كسب الرزق ويعانون من اقامة أود أسرهم..
عندما “يشمت” من ينتظرون فشل مفاوضات سويسرا، فإن شماتتهم في أوضاع كل هؤلاء المعتصرين بمحنة الحرب.
على كل حال.. بفرض أننا – الصحافة – مطالبون بأن نتقدم أكثر إلى الأمام ولا نكتفي بالنقد ، والأجدر الحاق النقد بتوضيح المسارات الأخرى الممكنة والحلول المتاحة، فإنني هنا أدعو لخطوات شجاعة في التعامل مع الواقع و الأزمة حال ثبت أن مفاوضات سويسرا أخذت معها خفي حنين و ذهبت أدراج التاريخ..
من الحكمة التعويل أكثر على الشعب في بناء قوة ضغط عالي لكتم الأكسجين عن نيران الحرب واجبارها على الانطفاء الذاتي..
رغم أن الشعب هو الذي يدفع من دمه و حر مال فقره المدقع فاتورة هذه الحرب إلا أنه آخر من تُسمع له كلمة ولو همسا..
الشعب مهما بلغت آلامه ليس جزء من حيثيات القرار.. بل وأحيانا كثيرة يستغل اسمه في تبرير ما يجري ضد صالحه..
الشعب يملك مفتاح الحل الناجع الحاسم العاجل، لأنه يتحرك بوقود أنينه وآلامه.. النووي..
سأوضح وأفضل الحل الذي يراه الشعب لهذه الحرب المخجلة.
عثمان ميرغني
صحيفة التيار