ارتفاع أسعار الكبريت في السوق السعودي مع انتعاش طلب الكيميائيات الزراعية

يشهد سوق الكبريت اتجاهًا صعوديًا في كل من الشرق الأوسط والولايات المتحدة، مدفوعًا بانقطاعات كبيرة في سلسلة التوريد. وفي الشرق الأوسط، ساهمت عدة عوامل منها انتعاش الطلب على الكبريت، وخاصة في منطقة البحر الأحمر، حيث تؤدي الهجمات المستمرة إلى تفاقم الوضع.

وفي الوقت نفسه، يتأثر سوق الكبريت في الولايات المتحدة بشكل مماثل بانقطاعات سلسلة التوريد الناجمة عن الإضرابات على السكك الحديدية الكندية، مما يؤثر بشكل أكبر على معنويات السوق ويساهم في الاتجاه الصعودي المستمر.

في السوق السعودية، شهد سوق الكبريت زيادة ملحوظة خلال الأسبوع المنتهي في 23 أغسطس، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 3.63٪ لتستقر عند 114 دولارًا أمريكيًا للطن المتري، تخليص ميناء الجبيل. وقد حدث هذا الارتفاع على الرغم من انخفاض تكاليف الإنتاج بسبب انخفاض أسعار النفط الخام، والذي كان من شأنه عادة أن يخفض أسعار الكبريت.

ومع ذلك، كان ارتفاع السوق مدفوعًا في المقام الأول بالطلب المتزايد من شركات الكيميائيات الزراعية في المصب، إلى جانب التوترات الجيوسياسية المستمرة في منطقة البحر الأحمر. وقد أثرت الأزمات المستمرة في البحر الأحمر بشكل كبير على سلسلة التوريد، مما ساهم في الضغط التصاعدي على أسعار الكبريت.

ومما زاد من تعقيد هذه التحديات، تعرض ناقلة نفط تحمل العلم اليوناني مؤخرًا لهجوم عدة مرات في البحر الأحمر، مما أدى إلى اندلاع حريق وفقدان قوة محرك السفينة وقدرتها على المناورة، كما ذكرت عمليات التجارة البحرية في المملكة المتحدة. وقد أدى هذا الحادث إلى تعطيل سلسلة التوريد المتوترة بالفعل، مما أدى إلى تفاقم اختلال التوازن بين العرض والطلب في سوق الكبريت.

ومع بقاء الطلب من شركات الكيميائيات الزراعية دون تلبية، استمرت أسعار الكبريت في الارتفاع. بالإضافة إلى ذلك، عكس الفارق المتزايد بين أسعار النفط الخام والكبريت المشاعر الصعودية المتنامية في سوق الكبريت، مما يؤكد تأثير هذه الاضطرابات على ديناميكيات تسعير السلع الأساسية.

بينما تشهد سوق الكبريت الأمريكية حاليًا مشاعر صعودية، مدفوعة باضطرابات كبيرة في سلسلة التوريد بسبب الإضرابات العمالية المستمرة في كندا، وهي دولة مصدرة رئيسية. تؤثر هذه الإضرابات على توازن العرض والطلب. وأدى عدم اليقين المحيط بالسكك الحديدية الكندية، مع وجود علامات على إضراب أو إغلاق وشيك، إلى زيادة المخاوف بشأن توفر الصادرات من فانكوفر.

في حين تعتقد العديد من مصادر الصناعة أن هذه النزاعات العمالية سيتم حلها بسرعة، فإن إمكانية حدوث اضطرابات مطولة قد تؤثر بشكل كبير على إمدادات تصدير الكبريت. ويتفاقم هذا الوضع بسبب التأخيرات السابقة في الصادرات الناجمة عن حرائق الغابات الواسعة النطاق في كندا.

وعلى الرغم من انخفاض تكاليف إنتاج الكبريت، نتيجة لانخفاض أسعار النفط الخام، فإن السوق تواصل الحفاظ على مسارها الصعودي بسبب التأخيرات المستمرة في الواردات من كندا. وقد أدى الاضطراب في سلسلة التوريد إلى عدم تلبية الطلب من قطاع الكيميائيات الزراعية، مما ساهم في الضغط التصاعدي على أسعار الكبريت. ونتيجة لذلك، تظل سوق الكبريت في الولايات المتحدة ضيقة، حيث تطغى مخاوف العرض على انخفاض تكاليف المواد الخام، وتبقي الأسعار مرتفعة.

ووفقًا لموقع كيم اناليست المتخصص في الصناعة الكيميائية، من المتوقع أن يستمر سوق الكبريت في مواجهة اتجاهات صعودية بسبب الاضطرابات المستمرة في سلسلة التوريد والتي تخلق اختلالات كبيرة بين العرض والطلب. ومن المرجح أن يتفاقم الوضع مع مواسم الزراعة القادمة في كل من منطقتي الشرق الأوسط وأمريكا الشمالية، حيث من المتوقع أن يرتفع الطلب على الكبريت.

ومن المتوقع أن يدفع هذا الطلب المتزايد، إلى جانب التحديات اللوجستية الحالية، سيناريو السوق إلى الارتفاع، مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع مع كفاح العرض لتلبية الاحتياجات المتزايدة للقطاعات المصب.

وتعتبر المملكة العربية السعودية منتج ومصدر رئيس للكبريت، وتنفذ شركة أرامكو السعودية، إحدى الشركات المتكاملة والرائدة عالميًا في مجال الطاقة والكيميائيات، عدة مشاريع لإنتاج الكبريت، وستضيف توسعة معمل الغاز في الفاضلي التابع لها بالمنطقة الشرقية، 2300 طن متري إضافي يوميًا لإنتاج الكبريت، ويُتوقع اكتمالها بحلول نوفمبر 2027.

في وقت، تنفذ أرامكو توسعة ضخمة في معمل الفاضلي بقيمة 28.9 مليار ريال (7.7 مليار دولار)، ومن المتوقع أن يرفع المشروع طاقة معالجة الغاز في المعمل من 2.5 إلى ما يصل لنحو 4 مليارات قدم مكعبة قياسية يوميًا.

ويُتوقع أن تُسهم طاقة المعالجة الإضافية التي تبلغ 1.5 مليار قدم مكعبة قياسية يوميًا في إستراتيجية الشركة لرفع إنتاج الغاز بأكثر من 60% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات 2021. ويعكس هذا المشروع هدف أرامكو السعودية بزيادة إمدادات الغاز الطبيعي، ودعم جهود خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتوفير المزيد من النفط الخام لتحقيق قيمة مضافة لأعمال التكرير والتصدير.

وتمضي أرامكو قُدمًا في تحقيق هدف الشركة الإستراتيجي المتعلق بزيادة إنتاج الغاز. كما تدعم هذه التوسعة طموحها لتطوير أعمال الهيدروجين منخفض الكربون، في حين تُعد السوائل المصاحبة لإنتاج الغاز كمادةٍ خام ذات أهمية في صناعة البتروكيميائيات.

ولدى أرامكو مشروع تحميل الكبريت المصهور على صهاريج السكك الحديدية في معمل الغاز في واسط، المشروع الأكبر في العالم لتحميل الكبريت المصهور على صهاريج سكك حديدية، والذي يدعم خطط المملكة الاستراتيجية بمد الكبريت المصهور إلى مشروع مدينة وعد الشمال الصناعية للفوسفات في منطقة الحدود الشمالية.

ووفرت الشركة إمدادات الكبريت المنصهر اللازمة للصناعات المعتمدة على حمض الفوسفوريك في المنطقة، بعد أن أكملت بنجاح مشروع مرافق السكك الحديدية لتحميل الكبريت الذي يحمل الكبريت المُنتج في معامل الشركة للغاز في واسط والبري والخرسانية إلى مدينتي وعد الشمال ورأس الخير، وذلك في 2019. وقد تضمّن المشروع إنشاء أكبر مرفقين من مرافق السكك الحديدية في المنطقة في معملي الغاز في واسط والبري، شبكة من خطوط السكك الحديدية الفرعية، ومحطات تحميل الكبريت المنصهر، بالإضافة إلى تركيب شبكة من خطوط الأنابيب الحرارية بطول 21 كيلومترًا لنقل الكبريت المنصهر.

ويُسهم المشروع في نقل 5400 طن متري يوميًا من الكبريت إلى مرافق شركة معادن في وعد الشمال، عبر خط السكة الحديدية شمال-جنوب، الذي يمتد لأكثر من 1400 كم، ويُدار بصورة كاملة من المؤسسة العامة للخطوط الحديدية (سار). وإلى جانب الفائدة الاقتصادية المرجوة من هذا المشروع، فإن له أثرًا كبيرًا في حماية البيئة ورفع مستوى السلامة على الطرق، من خلال النقل الآمن للكبريت المنصهر عبر عربات القطار المصممة خصيصًا لعزل الكبريت.

صحيفة الرياض


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.