الفاشر في قلب معركة السيطرة على حدود السودان – خبراء يعلقون

أكد خبراء عسكريون أن انتصار قوات الدعم السريع في معركة الفاشر بشمال دارفور سيمكنها من تعزيز نفوذها على الحدود مع دولتي ليبيا وتشاد، الواقعتين في شمال غرب السودان. هذا النجاح العسكري يعكس قدرة هذه القوات على توسيع نطاق سيطرتها في المنطقة.

وفقًا لمصادر في موقع “إرم نيوز”، فإن قوات الدعم السريع تسيطر حاليًا على الجزء الأكبر من الحدود الغربية مع تشاد، باستثناء معبر الطينة الذي لا يزال تحت سيطرة الجيش السوداني والفصائل المسلحة المتحالفة معه. هذا الوضع يعكس التوترات المستمرة في المنطقة وتأثيرها على الأمن الإقليمي.

كما أشار الخبراء إلى وجود قوات الدعم السريع في الصحراء الكبرى على الحدود مع ليبيا، بينما يظل معبر “المثلث” قرب مدينة دنقلا تحت سيطرة الجيش السوداني والحركات المسلحة. هذه الديناميكيات تعكس التحديات الأمنية المعقدة التي تواجهها المنطقة، وتسلط الضوء على أهمية السيطرة على المعابر الحدودية.

يمثل مثلث الحدود بين “السودان وليبيا ومصر” المدخل الأقرب للدول الثلاث؛ حيث كانت قوات الدعم السريع تحتفظ بأكبر قاعدة عسكرية في منطقة “كرب التوم”، لكنها انسحبت منها مع بدء اندلاع الحرب الحالية.

أفاد الخبراء أن قوات الدعم السريع إذا استطاعت السيطرة على هذا المعبر الحدودي، فإن ولايتي الشمالية ونهر النيل في شمال السودان ستكونان عرضة للخطر، وسيكون من السهل السيطرة عليهما.

تشهد مدينة الفاشر في شمال دارفور معارك عنيفة منذ يوم الجمعة الماضي، بين الجيش السوداني ومعاونه من الحركات المسلحة من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى.

يصف المحللون هذه المواجهات بأنها “كسر عظم”، حيث يسعى كل طرف للهيمنة على المدينة الاستراتيجية. ويشير الخبراء إلى أن السيطرة على الفاشر ستتيح للطرف المسيطر فرصة التقدم نحو عمق معسكر الطرف الآخر، مما يزيد من حدة المعارك.

ميزة إستراتيجية

يرى المحلل السياسي صلاح حسن جمعة أن “إذا نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على الفاشر، فإن بإمكانها تأمين الحدود بالكامل مع دولتي ليبيا وتشاد لمصلحتها، مما يمنحها بعد ذلك ميزة استراتيجية تساعدها في الحصول على الإمدادات والدعم اللوجستي”.

قال جمعة لـ”إرم نيوز” إن الحدود مع دولتي ليبيا وتشاد تعتبر منطقة تداخل تجاري بين هذه الدول. وأشار إلى أن قوات الدعم السريع قامت بتشكيل حكومات في دارفور وكردفان، مما يجعلها تؤمن الحركة التجارية لسكان هاتين المنطقتين بعد السيطرة على الحدود. كما يمكنها تسهيل حركة المنظمات الراغبة في إدخال المساعدات إلى هذه المناطق.

على الجانب الآخر، يعتقد “جمعة” أنه حتى إذا تمكن الجيش السوداني من تأمين السيطرة لصالحه في مدينة الفاشر، فلن يكون قادرًا على تأمين كافة الحدود مع تشاد وليبيا، نظرًا لأن قوات الدعم السريع تنتشر حاليًا في مساحة واسعة من تلك الحدود.

وأوضح في حديثه لـ”إرم نيوز” أنه إذا نجح الجيش في السيطرة على مدينة الفاشر، فسوف يكتفي بذلك دون السعي لفتح الحدود مع ليبيا أو تشاد، وذلك بسبب طبيعته الدفاعية التي اعتمد عليها منذ بداية هذه الحرب. وأشار إلى أن الجيش سيجد نفسه مرة أخرى محاصرًا في الفاشر من قبل قوات الدعم السريع المنتشرة في مناطق واسعة من الإقليم.

تنسيق مَهام

ومنذ حوالي أسبوع، جمعت قوات الدعم السريع أعدادًا كبيرة من الجنود قرب الفاشر، ويبدو أنها تسعى لتأمين السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية في شمال دارفور، حيث قامت بتنظيم المهام بين المقاتلين المنخرطين في صفوفها وقواتها النظامية، بحسب ما أفادت به مصادر “إرم نيوز”.

أكدت المصادر أن الاستعداد للسيطرة على الفاشر قد تقدم بشكل كبير، بعدما تم تأمين جميع المساعدات اللوجستية اللازمة من أسلحة ووقود وغيرها.

قال الصحفي الذي يتتبع الأحداث في إقليم دارفور، محيي الدين زكريا، لـ”إرم نيوز” في وقت سابق، إن “هناك دلائل على احتمال سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع، ومن هذه الدلائل الحشود الكبيرة التي تتوجه نحو المدينة”.

أوضح أن “قوات الدعم السريع تخطط لإنهاء وضع السيطرة على الفاشر، لتمكينها من السيطرة الكاملة على إقليم دارفور. كما لديها معلومات تفيد بأن الجيش حصل على أسلحة متطورة، مما يجعلها تسعى لتأمين السيطرة على الإقليم بالكامل قبل ذلك.”

وأكد أن “الدعم السريع تعتقد أن تحكمها في المدينة يمكن أن يضعف الجيش السوداني والحركات المسلحة المتواجدة فيها، مما يؤثر سلبًا على موقف الجيش في أي مفاوضات مستقبلية”.

يعتقد الكاتب الصحفي أبوعبيدة برغوث أن “استيلاء مدينة الفاشر من قبل الدعم السريع هو مجرد مسألة وقت”، مشيرًا إلى أن سيطرة القوات على المدينة تمكنها من التوسع نحو عمق أراضي الجيش.

قال برغوث لموقع “إرم نيوز” إن استيلاء قوات الدعم السريع على الفاشر سيتبعه مباشرة الاستيلاء على مدينة الطينة الواقعة على الحدود الغربية، حيث تمر عبرها أهم المعابر الحدودية بين السودان وتشاد.

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع ليس لديها خيار سوى السيطرة على مدينة الفاشر، في الوقت الذي تعمل فيه على تشكيل حكومات في المناطق التي تسيطر عليها لإدارة شؤون السكان. وأوضح أن “وجود الجيش في الفاشر يعوق أي خطوات مستقبلية لقوات الدعم السريع فيما يتعلق بتشكيل حكومة موحدة في إقليم دارفور، بينما سقوط المدينة سيؤثر بشكل كبير على المعادلة السياسية والعسكرية على الأرض”.

مدينة الفاشر هي المكان الوحيد في إقليم دارفور حيث يتواجد الجيش السوداني، بعد أن سقطت جميع مقراته الأخرى في أيدي قوات الدعم السريع.

تستضيف مدينة الفاشر مقر قيادة الفرقة السادسة للجيش السوداني، وهي الفرقة الوحيدة المتبقية من أصل خمس فرق عسكرية في إقليم دارفور، بعد أن سقطت الفرق الأربع الأخرى في أيدي الدعم السريع، إثر معارك عنيفة في: “نيالا، وزالنجي، والجنينة، والضعين”.

أرم نيوز

Exit mobile version