الوازا.. آلة موسيقية محلية من ولاية النيل الأزرق في السودان
آلة الوازا في إقليم النيل الأزرقآلة الوازا من تراث إقليم النيل الأزرق
تعتبر آلة الوازا جزءًا من تراث إقليم النيل الأزرق في السودان، والتي تعتمد في صناعتها على نبات القرع المستطيل، المتواجد بشكل واسع في مساحات الإقليم الزراعية، الأمر الذي يجعل “الوازا” ابنة لمناطق النيل الأزرق، وصوتًا ولد من طبيعته الخلابة.
ترتبط آلة “الوازا” بشكل خاص بقبائل “البرتا” الذين يقطنون جنوبي النيل الأزرق
جغرافيًا، تقع الولاية ذات السبع محليات جنوب شرق السودان، بحيث تحظى بتنوع إثني وثقافي واسع، وذلك نتيجة للموارد الاقتصادية التي يذخر بها الإقليم، منها التربة الصالحة للزراعة والثروة الحيوانية. شهد الإقليم تاريخيًا هجرات كثيرة، مما وطن عددًا من اللغات المحلية التي يتحدث بها السكان. وبالرغم من ذلك، فإن كافة سكان السودان في الإقليم يستطيعون فهم لغة الوازا.
ترتبط آلة “الوازا” بشكل خاص بقبائل “البرتا” الذين يقطنون جنوبي النيل الأزرق، بحيث ترتبط الموسيقى لديهم بالحياة الاجتماعية والطقوس المختلفة. وتختلف أطوال آلة “الوازا” في الطول والحجم، بحيث يصدر كل بوق صوتًا واحدًا.
وبشكل عام، فإن للقبائل السودانية بمختلف أنواعها عادات وتقاليد مشتركة، خاصة في الزواج، منها “السيرة” التي تعتمد بشكل أساسي على مواكب الفرح، التي تتبع العريس أو أقاربه إلى منزل العروس في يوم الزواج. في ولاية النيل الأزرق، يستخدم الأهالي آلة “الوازا” في طقس السيرة المصاحب للزواج، الأمر الذي يضفي على تجمعاتهم المزيد من الفرح والبهجة.
آلية عمل الوازا
تشير دراسة نشرت في العام 2015 في “المجلة الأردنية للفنون” إلى أن آلة الوازا تتكون من (12) بوقًا، يعتبر (10) من هذه الأبواق أساسية، بينما يستخدم البوقان المتبقيان من أجل تحسين صوت بقية الآلات. وتحمل كل آلة اسمًا خاصًا بها، وتتميز بموقع خاص وسط مجموعة الأبواق المستخدمة، بحيث يجمل النطاق النغمي لمجموعة الآلات عشرة أصوات.
وأطول آلة في مجموعة آلات الوازا يصل طولها إلى مترين، بينما يبلغ طول أقصرها أربع سنتيمترات. ويلعب فرق الأطوال دورًا مهمًا في صناعة فرق الأصوات بين كل آلة والأخرى في المجموعة.
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة الوازا مسؤولة فقط عن الجانب اللحني، بينما يعتمد الجانب الإيقاعي على استخدام قطعة تسمى (بالي)، تصنع من خشب الأبنوس، توضع على كتف العازف الأيمن، ويقوم بضربها بقرن مصنوع من قرن الماعز أو الخنزير، الأمر الذي يعطي الآلة الطابع اللحني والإيقاعي معًا.
أسماء آلات الوازا
تتكون آلات الوازا من مجموعتين، كل مجموعة تتكون من خمس آلات. وتضم المجموعة الأولى:
وازالو: ويحمل هذا الاسم معنى الولد، ويطلق على أصغر آلة من آلات الفرقة، بحيث يعزفها قائد الفرقة.
وازا مشانق: ويشبه صوتها صوت الأنثى الفتاة، وهي الآلة الثانية من آلات المجموعة.
وازا أغير بالي: ومهمة هذه الآلة هي تشكيل الضرب الإيقاعي المصاحب لألحان الوازا.
وازا نيهارو: نيهارو تعني المغنية، ويوصف صوتها بصوت الأنثى المطلقة أو الأرملة.
وازا دوول: ودوول تشير إلى طائر البومة، وهي تصدر صوتًا يشبه صوت طائر البومة.
المجموعة الثانية تصدر أصواتًا أكثر غلظة من المجموعة الأولى، وتحمل أسماءً بما يتناسب مع الطيور والحيوانات، وهي تتألف أيضًا من خمس آلات:
وازا أزيزاغو: يحمل عازف هذه الآلة (كشكوش) بيده اليمنى، وهو عبارة عن قرعة بداخلها بذور أو حصى.
وازا إشينجر: يشبه صوت هذه الآلة من ضمن مجموعة الوازا صوت الحمار.
وازا أقوندو: تعني كلمة أقوندو المنحني الظهر، ويعزف صاحب هذه الآلة وهو يأخذ وضعية انحناء الظهر، ودائمًا ما يكون عازف هذه الآلة قائدًا للفرقة.
وازا أقروش: وتعتبر هذه الآلة من أطول آلات المجموعة، بحيث يصل طولها إلى مترين، وتعني صوت الأسد.
تستخدم آلة الوازا في العديد من المناسبات الاجتماعية الخاصة بأهالي المنطقة
تستخدم آلة الوازا في العديد من المناسبات الاجتماعية الخاصة بأهالي المنطقة، وترتبط بشكل كبير بموسم حصاد الذرة، بحيث يعزف الأهالي عليها الأنغام لإظهار سعادتهم بالخير الذي يأتي عقب مواسم الحصاد.
ويعتبر إقليم النيل الأزرق من المناطق الغنية بالتراث المصنوع من البيئة المحلية، بحيث تتميز بعدد من الآلات الموسيقية ملحية الصنع، والتي تعتبر “آلة الوازا” واحدة من أهم هذه الآلات التي قدمتها الولاية ذات الطابع الثقافي والإثني المتعدد.
الترا سودان