ما هو اكثر شيء يؤرق اي اقتصادي سوداني؟
ما هو اكثر شيء يؤرق اي اقتصادي سوداني؟
ببساطة اننا لا نعلم …
لا نعلم ما هو حجم الاقتصاد السوداني، كم يبلغ الناتج الاجمالي المحلي Gross Domestic Product والGDP هو اهم مؤشر اقتصادي علي الاطلاق وتحقيق اكبر قدر من النمو في الGDP هو الهدف الاسمي لاي سياسة اقتصادية.
من لا يعلم لا يستطيع ان يخطط ويرسم سياسة اقتصادية ناجحة وينفذها ، الاقتصادي عبارة عن “ملاحظ” او مراقب لحركة الناس والحياة وانماط سلوكهم في شقها الاقتصادي ومن ثم هو ناصح ومصمم للسياسات التي تسهم في حل المشكلة الاقتصادية ( مواردمحدودة مقابل احتياجات غير محدودة ومتعددة) .
كيف نراقب ؟؟….لكي نراقب حركة الناس والحياة في بعدها الاقتصادي توصل علم الاقتصاد الي اننا اولا وقبل كل شيء يجب ان نعرف كم ننتج وكم نستهلك وكم ننفق. وهذا هو ال GDP , ثم يجب ان نعرف بكم نبيع وبكم نشتري وهذا هو التضخم Inflation ثم اننا يجب ان نعلم كم تنفق الحكومة وكم يبلغ عجزها وكم تستدين وهذه هي بيانات المالية العامة. بمستوياتها الاتحادي والولائي والمحلي ، كما يجب ان نعلم كم نستورد وكم نصدر وكم حجم الاموال التي تتدفق من والي البلاد وهذا هو ميزان المدفوعات Balance of payment.ثم يجب ان نعلم كم معدل البطالة وكم قيمة عملتنا الوطنية مقابل عملات باقي دول العالم .
هل نحن لدينا ما يكفي من البيانات التي تمكننا من مراقبة حركة الناس والحياة ومن ثم رسم سياسة اقتصادية فعالة؟ الاجابة لا!!!!! وهنا يجب ان تتوقف اي جهود لتصويب السياسات الاقتصادية وجعلها اكثر فاعلية لانها حرث في بحر حتي نحل مشكلة اننا لا نعلم .
كم يبلغ الناتج الاجمالي للسودان لسنة 2024 ؟ لا احد يعلم سنة 2023؟ لا احد يعلم ، 2022 مجرد تقديرات من جهات خارجية حولها تفاوت كبير. فبينما صندوق النقد الدولي يقدر 35 مليار البنك الدولي تقديراته تقول 51 مليار ، الخلاصة اننا لا نعلم اي شي عن حجم الاقتصاد السوداني فبينما في البلدان الاخري يتم احتسابه ونشر بياناته كل ثلاثة اشهر نحن لا نعرف كم يبلغ لاخر ثلاثة سنوات ، وليست الحرب هي السبب فقبل الحرب عادة يتاخر نشر بيانات الGDP لقرابة العامين وفي النهاية ما ينشر حسب تقديري لا يعدو كونه تقدير تقريبي مفارق غالبا للواقع
في سودان ما بعد الحرب حلمي كاقتصادي ان نعلم اكثر قبل ان نضع اي سياسة اقتصادية .
ما الحل؟
وضع خطة شاملة وبعيدة الاجل لتقليص القطاع غير الرسمي!
الشمول المالي! …
عملة رقمية ! …
جهاز مركزي للاحصاء قادر ومستقل ويمتلك ارادة!!..
رجل الاقتصاد ليس كاتبا كتشارلز ديكنز، ولا سياسيا كروزفلت .. انه أداة ،آلة، لا قيمة له بدون الحقائق والأرقام والاحصائيات .. أقصى ما يستطيع أن يفعله هو أن يحدد العلاقة بين حقيقة وأخرى، بين رقم و آخر، أمّا أن تجعل الأرقام تقول شيئا دون آخر، فذلك شأن الحكّام ورجال السياسة. – الطيب صالح (موسم الهجرة للشمال)
مصعب عوض محمد خير