حرب السودان… نزيف القادة يهدد بكسر شوكة “الدعـ،،م السـ،،ريع”

تتواصل الحرب بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع منذ أكثر من 20 شهراً في السودان، مخلّفين دماراً هائلاً في معظم ولايات السودان الثماني عشرة، مع تزايد أعداد القتلى من المدنيين والعسكريين بصورة شبه يومية، في وقت ظلّت فيه “الدعم السريع” تفقد عدداً من قادتها الميدانيين خلال معارك حرب السودان مع الجيش، خصوصاً في إقليم دارفور غربي البلاد وولاية الجزيرة في الوسط والعاصمة الخرطوم، إذ يتفوق الجيش بسلاح الطيران الذي يستخدمه بكثافة لاستهداف تحركات وهجمات “الدعم”.

ويخوض الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) صراعاً عسكرياً منذ 15 إبريل/نيسان 2023 خلّف أكثر من 24850 حالة وفاة، حسب ما أعلن مركز بيانات الصراعات المسلحة الأميركي (أكليد) في تقرير في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ومنذ بدء الصراع، خاض الطرفان، الجيش و”الدعم السريع”، معارك عنيفة، وبينما لا يُفصح الجيش عن عدد قتلاه في حرب السودان بصورة رسمية من الجنود والضباط، ظلّ مؤيدو “الدعم السريع” ينشرون صوراً لمن يقتلون من الضباط والقادة الميدانيين البارزين في الجيش ويتوعدون بمواصلة القتال.

نزيف قادة في الدعم السريع بدارفور
وتدور المعارك هذه الأيام في مدينة بحري بالعاصمة الخرطوم، وفي ولاية شمال دارفور في عاصمتها الفاشر وما حولها من مدن وقرى، إلى جانب بعض الاشتباكات في ولاية الجزيرة وسط البلاد. وشكّلت معركة دارت قبل أيام بين “الدعم” والقوة المشتركة لحركات الكفاح (حركات مسلحة موقعة على سلام مع الحكومة) في إقليم دارفور، واحدة من المعارك الضارية التي فقدت فيها “الدعم” أكبر عدد من القادة الميدانيين.

وقال المتحدث باسم القوة المشتركة أحمد حسين، في بيان، في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، إنهم خاضوا يوم 28 ديسمبر سلسلة معارك مع “الدعم” في مناطق دري شقي وجبل عيسى بولاية شمال دارفور أسفرت عن مقتل قادة بارزين (في “الدعم”) مثل العميد فضل الناقي، وطه عثمان مدلل (ابن أخت حميدتي) إلى جانب المقدم حامد دلدول. وقُتل في هذه المعركة أيضاً قادة آخرون، مثل اللواء أحمد النيل، الرائد حميدة خيار، الرائد صدام القوني، والنقيب سليمان عود، حسب ما أعلنت قوات قشن (قوة شعبية مسلحة) المساندة للجيش في دارفور.

معتصم عبد القادر: قوات الدعم ترتكز على العشائرية، وإذا خرج قائد من الميدان، يكون مصير مجموعته التشتت
وفي إقليم دارفور أيضاً، فقدت “الدعم السريع” قائدها الأبرز اللواء علي يعقوب جبريل يوم 14 يونيو/حزيران الماضي والذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات في 15 مايو/أيار من العام الماضي، لدوره في مهاجمة وحصار مدينة الفاشر. وفي الإقليم نفسه أعلن الجيش السوداني في 14 ديسمبر الماضي، مقتل القائد العسكري للدعم السريع، العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته قرب الفاشر.

وقتل في 12 سبتمبر/أيلول الماضي كذلك القائد الميداني عبد الرحمن قرن شطة في معارك دارفور، وهو من الوجوه الإعلامية البارزة لـ”الدعم السريع” منذ بداية الصراع، وقتل في ذات الشهر بمعارك الفاشر قادة آخرون، منهم العقيد عيسى فضل مديو، والعقيد الصادق بليل، ومسؤول الاستخبارات أبو القاسم علي موسى، والمقدم أنور سالم قائد العمليات. وفي معارك مايو الماضي قرب مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، قُتل القائد الشهير بـ”الدعم السريع” في إقليم كردفان، المقدم عبد المنعم شيريا، وفي 20 يوليو/تموز الماضي ونتيجة معارك ولاية سنار جنوب شرق السودان، قتل أيضاً القائد الميداني المقدم عبد الرحمن البيشي.

وقال المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية، اللواء معتصم عبد القادر، لـ”العربي الجديد”، إن فقدان القيادات العسكرية يؤثر على أي قوة مسلحة خصوصاً القادة الميدانيين، لارتباط ذلك بالروح المعنوية للجنود، إذ إن هناك روابط نفسية إيجابية متينة تنشأ بين المقاتلين أثناء العمليات العسكرية لما يجابهونه من تضحيات مختلفة. وأضاف عبد القادر أن طبيعة تكوين قوات “الدعم السريع” ترتكز على القبلية والعشائرية والأسرية في التجنيد، وتسمى الوحدة العسكرية الأصغر “المجموعة” ويطلق عليها اسم قائدها، وإذا تعرّض القائد للخروج من الميدان القتالي بسبب الموت أو الهروب أو الاستسلام أو الإصابة، فإن مصير مجموعته يكون التشتت والتمزق لأنه من الصعب عليهم تعويض قياداتهم. وأشار عبد القادر إلى أن هذا الأمر ظهر بعد مقتل القائد عبد الرحمن البيشي، إذ سرعان ما سيطرت القوات المسلحة على مناطق سيطرته في وسط البلاد، وكذلك الأمر بالنسبة للقائد علي يعقوب، فقد عجزت قواته بعد مقتله عن اجتياح مدينة الفاشر وصارت تكتفي باستخدام الطائرات المسيّرة والمدفعية من على بعد.

هروب ضباط
لكن مستشار القائد العام لـ”الدعم السريع” إبراهيم مخير، نفى في تصريح لـ”العربي الجديد”، تأثر قواتهم بفقدان بعض القادة الميدانيين، وقال إنه في اليوم الأول للقتال سقط 4 آلاف مجند لقواتهم بعدما تمّ قصفهم بالطيران في معسكراتهم على حين غرة، وذكر أن الجيش السوداني وبحكم القوانين واللوائح وكذلك قرار البرلمان السوداني في 2017، يتكون من ذراعين، هما القوات المسلحة التي يتزعمها عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع.

إبراهيم مخير: قوات الدعم تمكنت أخيراً من إسقاط المدن الحدودية مع جنوب السودان وتشاد والكونغو وهرب ضباط الجيش وجنودهم إلى دول الجوار
وأوضح مخير أنه منذ 15 إبريل 2023 تدور حرب ضروس في أنحاء عديدة من السودان جاءت إثر انهيار الحوار السياسي حول تكوين دولة للجميع في السودان نتيجة لقرار طائش حسب وصفه، اتخذته الحركة الإسلامية السودانية (نظام الرئيس المعزول عمر البشير) بالعودة إلى السلطة بالقوة بعدما حكمت البلاد 30 عاماً ولفظها الشعب في ثورته السلمية في ديسمبر 2019، وفق تعبيره.
وأشار مخير إلى أن قواتهم تمكنت أخيرا من إسقاط المدن الحدودية مع جنوب السودان وتشاد والكونغو وهروب ضباط الجيش وجنودهم إلى دول الجوار، وذكر أن تشاد وجنوب السودان استقبلتا المئات من العسكريين طلبوا اللجوء بكامل عتادهم ومركباتهم، أما مصر، فبحسب الإحصائيات، هناك 7 آلف ضابط هربوا من الجبهة إلى هناك.

واتهم مخير الجيش السوداني بالاستعانة بـ”كتائب البراء من الدواعش والمتطوعين المستنفرين وكتائب المقاومة الشعبية للحركة الإسلامية والحركات المسلحة السابقة في ما يعرف بالقوات المشتركة لقتال الدعم السريع”، متسائلاً أخيراً: “هل ترى هناك أي دليل على تضعضع قواتنا أو تفتت وحدتها أو صمودها وصلابة إرادتها وأدائها نتيجة لسقوط قادة عدة في ميادين الشرف والعزة؟ الناس تموت لكن القضايا لا تموت”.

العربي الجديد


إنضم للواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.