أمريكا تتصالح مع الصين.. مفاجأة اقتصادية كبرى في 2025
من المتوقع أن يشهد 2025 أحداثا اقتصادية عديدة، أبرزها فرض تعريفات جديدة، والتحكم في الصادرات، وبيع الأصول مثل TikTok، كما ستكون هناك قيود على نقل التكنولوجيا.
يأتي هذا قبيل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث إن هناك الكثير من التوقعات بأن رئاسته الثانية ستشهد صراعا مريرا بين أكبر اقتصادين في العالم، الصين والولايات المتحدة، كما سوف يغرق الاقتصاد العالمي في حرب تجارية واسعة النطاق بفعل هذا الصراع.
لكن احتمال آخر يغفل عنه الجميع بحسب تقرير شامل لصحيفة التليغراف البريطانية، فقد قدمت الصين تنازلات كبيرة، وربما تكون المفاجأة الكبرى في عام 2025 هي أن يعقد ترامب صفقة كبرى مع أكبر منافس للولايات المتحدة في العالم.
على السطح يبدو أن ولاية ترامب الثانية ستؤدي إلى تصعيد الصراع التجاري مع الصين، وخلال حملته الانتخابية، وصف الرئيس المنتخب الصين بأنها أكبر تهديد للازدهار الأمريكي ووعد مرارا وتكرارا بالتعامل معها بقوة، وتعهد بفرض ضريبة إضافية بنسبة 10% على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، وهدد في بعض خطاباته برفع هذه النسبة إلى 60% إذا لزم الأمر.
وردا على ذلك، قامت الصين بتقييد مبيعات العشرات من المعادن إلى الولايات المتحدة، فضلا عن فتح “التحقيقات” على الشركات الأمريكية العملاقة مثل شركة تصنيع الرقائق إنفيديا. ويقف البلدان على شفا حرب تجارية كبرى.
وأياً كانت صحة أو خطأ ذلك، فإنه لا شك أن الصين تتنافس بشكل غير عادل في العديد من الأسواق، هذا من شأنه أن يلحق ضررا بالغا بالاقتصاد العالمي.
وتعد الولايات المتحدة والصين أول وثاني أكبر اقتصادين في العالم، ويمثلان فيما بينهما ما يقدر بنحو 43% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
إن حربا تجارية واسعة النطاق، مصحوبة بتعريفات جمركية ضخمة وحواجز تجارية، من شأنها أن تؤدي إلى كساد عالمي على نطاق مماثل لما حدث في ثلاثينيات القرن العشرين.
إن صناع السياسات في مختلف أنحاء العالم على حق في الشعور بالتوتر إزاء الكيفية التي قد يتصاعد بها الصراع بين الجانبين إلى خارج نطاق السيطرة.
ومع ذلك هناك احتمال آخر. ففي مواجهة رئيس أمريكي قوي ربما تقرر الصين تقديم تنازلات كبيرة.
من المؤكد أنها كانت تتحدث بصرامة عن الانتقام، لكن كل دولة تفعل ذلك دائما.
حرب تجارية
في الواقع، ليس من المناسب خوض حرب تجارية مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي، وتواجه الصين تباطؤ النمو، والشيخوخة السكانية، والديون الداخلية الضخمة، والانتقال الصعب إلى اقتصاد يقوده المستهلك.
يمكننا أن نرى ذلك في ارتفاع عائدات السندات، وفي علامات الانكماش، وانخفاض اليوان، وتراجع سوق الأسهم، وفي المحاولات المستمرة لتحفيز الاقتصاد بجولات جديدة من التحفيز النقدي، فضلا عن المحاولات اليائسة المتزايدة من قبل الرئيس شي جين بينغ، للحديث عن احتمالات جولة جديدة من التوسع.
ولنقارن ذلك بالولايات المتحدة التي تتمتع بالاكتفاء الذاتي من الطاقة، حيث تسجل سوق الأوراق المالية ارتفاعات غير مسبوقة، وحيث يزداد الدولار قوة طوال الوقت، وحيث تؤدي جولة جديدة من إلغاء القيود التنظيمية إلى إطلاق موجة من الاستثمارات الجديدة، ليس من الصعب معرفة أي من هذين الاثنين سيبدأ من موقع أقوى.
علاوة على ذلك استثمرت الصين على مدى العقد الماضي مبالغ ضخمة في صناعات جديدة ستعتمد على الوصول إلى الأسواق العالمية، إنها تبرز كشركة مصنعة كبرى للسيارات، خاصة في السيارات الكهربائية، مع تحول الشركات العملاقة مثل BYD إلى لاعبين رئيسيين.
كسر الهيمنة
إن الصين تتحدى هيمنة بوينغ وإيرباص في مجال الطيران مع دخول طائراتها كوماك إلى الخدمة، وهي تتحدى أمثال أمازون في مجال البيع بالتجزئة عبر الإنترنت.
وكان كل ذلك باهظ الثمن، وإذا تم استبعاده من الأسواق العالمية في حرب تجارية فسيكون معظمه قد تم إهداره، وبجمع كل ذلك يتبين لنا نقطة واحدة واضحة: من المنطقي أن نبرم صفقة مع الولايات المتحدة بدلا من المخاطرة بكل التقدم الذي أحرزته البلاد على مدى السنوات الأربعين الماضية.
ليس من الصعب معرفة الشكل الذي ستبدو عليه الصفقة، وسيتعين على الصين أن تفتح اقتصادها، خاصة أمام عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين.
ويجب السماح لكل من Google وMeta وApple بالوصول الكامل إلى السوق الصينية، دون القيود المفروضة حاليا على الخدمات التي يمكنهم تقديمها في البلاد.
ويتعين عليها أن تعمل على تعزيز الاستهلاك المحلي من أجل تقليص الفائض التجاري، الذي يتجاوز حالياً 900 مليار دولار سنوياً مع الولايات المتحدة وحدها، حتى تصبح العلاقة أكثر مساواة، وتتمكن الشركات الأمريكية من بيع المزيد من السلع الاستهلاكية في الصين.
وسوف يدمج اليوان في النظام المالي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، مع قبول حقيقة أن الدولار، في الوقت الحالي على الأقل هو العملة الاحتياطية والتداولية في العالم، ولا جدوى من محاولة استبداله.
وفي المقابل سيتم رفع التهديد بالتعريفات الجمركية، ويمكن للشركات الصينية مواصلة التوسع في جميع أنحاء العالم.
من المؤكد أنه سيكون من الصعب على الرئيس شي وزملائه أن يتحملوا ذلك، لكنها قد تكون أفضل من الحرب التجارية.
العين الاخبارية