“طوبة” يكشّر عن أنيابه.. ماذا تعرف عن أسطورة الشتاء القاسي بالسودان؟

بينما يتهيأ السودانيون لاستقبال شهر “طوبة”، الذي يعرفه الجميع بأنه ضيف ثقيل يعصف بالبلاد ببرودته القارسة وزوابعه الغاضبة، تتسارع موجات البرد الجارف لتغطي المناطق الشمالية وإقليم دارفور، مع توقعات بانخفاض حاد في درجات الحرارة، قد يضرب جميع أنحاء السودان.

“طوبة” ليس مجرد شهر عادي في التقويم بل هو الشهر الذي يثبت فيه الشتاء سيطرته المطلقة، ليترك بصماته القاسية في ذاكرة كل سوداني.

“طوبة”.. الشهر الذي يتحدى قوة الصبر السوداني
يعد “طوبة” بالنسبة للسودانيين أكثر من مجرد شهر في السنة، فهو فترة محورية تحمل بين طياتها إرثًا غنيًا من القصص والتراث الشعبي. وفي مواجهة الرياح الباردة، يتجمع الناس حول موقد النار، يرتدون الملابس الثقيلة، ويختبئون في منازلهم مع تناثر الأحاديث الشعبية عن قسوة الشتاء.

ووسط هذه الأجواء، يتردد شعار قديم: “البرد جاء بأولاده”، في تعبير رمزي عن ضراوة الشتاء في هذا الشهر الذي يتحدى أعتى الظروف.

كيف يتسلح السودانيون ضد قسوة “طوبة”؟
على الرغم من قسوة الشتاء هذا العام، تشير خبيرة الأرصاد الجوية إيمان سلطان إلى أن الطقس سيبقى ضمن المعدلات الطبيعية دون مفاجآت كبيرة، مع انخفاضات متوقعة في درجات الحرارة.

لكنها تحذر في حديثها لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” من تقلبات جوية حادة بين فترات البرودة القارسة والدفء المفاجئ، وهي ظاهرة تثير القلق في ظل العواصف الترابية التي تزداد انتشارًا خلال الشتاء، مما يفاقم من مخاطر الأمراض.

الأطباء الذين تحدثوا لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت” يحذرون أيضًا من تأثير هذه التقلبات على صحة المواطنين، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي.

“طوبة” ومعاناة النازحين.. الشتاء ليس هو العدو الوحيد
ومع أن تأثير التغير المناخي هذا العام قد لا يكون واضحًا بشكل كبير، فإن الأثر غير المباشر يزداد وضوحًا على الفئات الأضعف في المجتمع. ففي معسكرات النازحين، يواجه آلاف السودانيين الشتاء القارس في ظروف قاسية، حيث تنقض عليهم عاصفة من الفقر وقلة الاحتياجات الأساسية.

ويزداد عبء الحياة اليومية من طعام ودواء ووسائل تدفئة، وتصبح معاناة المهجّرين أكثر مرارة، فهم لا يواجهون فقط قسوة الطبيعة، بل أيضًا خطر الانقطاع عن الأمل في العودة إلى حياة طبيعية.

الفئات الأكثر ضعفًا تحت وطأة البرد القارس.. هل من مخرج؟
المعاناة التي يواجهها النازحون تتجسد في العديد من الأشكال في معسكرات الفارين من الحرب، حيث لا تقتصر التحديات على الظروف الجوية القاسية فقط، بل تمتد لتشمل نقص الرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية المحدودة.

ورغم الجهود الإغاثية، تظل تلك الجراح الإنسانية مفتوحة، لتزيد معاناتهم اليومية التي لا تنتهي. ومع تزايد الاحتياجات، يصبح هؤلاء في مواجهة تهديد مضاعف: ليس فقط من البرد بل من قلة الموارد التي تضمن لهم حياة كريمة.

كيف أصبح “طوبة” جزءًا من هوية السودانيين؟

وفي الوقت الذي يشهد فيه الشتاء القاسي، يصبح هو أيضًا فرصة للاستفادة القصوى من الأنشطة الاقتصادية. ففي شمال السودان، حيث يكون الشتاء موسماً مناسباً للزراعة، يتم زراعة المحاصيل التي تحتاج لدرجات حرارة منخفضة مثل القمح والفول المصري.

توفر درجات الحرارة المعتدلة في هذه الفترة بيئة مثالية لإنجاز الأعمال الزراعية شديدة الأهمية لمواطني تلك المناطق.

“طوبة”.. بين الذهب والآثار
أما في مناجم الذهب في شمال السودان، فإن الشتاء يعد موسمًا مثاليًا للعمال في المناجم، حيث تكون درجة الحرارة أقل، مما يسهل عليهم العمل مقارنة بالحرارة الشديدة في الصيف.

لكن الشتاء لا يقتصر على المناجم فقط بل يشمل أيضًا فترة التنقيب عن الآثار.

وفي المناطق الصحراوية والشمالية، مثل النوبة، تكون درجات الحرارة أكثر اعتدالًا، مما يتيح للبعثات الأثرية فرصة للعمل في ظروف مريحة، مما يسهم في اكتشاف مزيد من الآثار والنقوش القديمة التي تمثل جزءًا لا يتجزأ من التراث السوداني.

العربية نت


إنضم للواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.