بداية نهاية الدولار كعملة احتياط عالمية

في جولة الصحف لهذا اليوم، نطالع مقالاً يحذّر من تآكل هيمنة الدولار الأمريكي نتيجة السياسات التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب، ونتابع تحقيقاً نشرته بوليتيكو يكشف كيف تحوّل الشطرنج إلى أداة جيوسياسية تُوظفها روسيا لخدمة أجنداتها الدولية، إلى جانب تقرير يسلّط الضوء على تنامي القلق العالمي بشأن الخصوصية الرقمية واستغلال بيانات المستخدمين.
ونبدأ من مقال نشرته صحيفة ستريتس تايمز السنغافورية، يسلّط فيه الكاتب فيكرام خانا الضوء على التراجع المتزايد في الثقة بالدولار الأمريكي، معتبراً أن ما يحدث لن يكون اضطراباً مؤقتاً، بل تحوّلٌ هيكليٌ في النظام المالي العالمي.
ويشير خانا إلى ما جرى في أبريل/نيسان، حين أدّت قرارات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إلى تراجع الأسهم، ومعها أظهرت الأسواق ردّ فعل غير تقليدي: لم تتّجه إلى سندات الخزانة كملاذ آمن، بل تخلّت عنها، وتراجعت قيمة الدولار رغم ارتفاع العوائد، ما عدّه الكاتب مؤشراً على ضعف الثقة.
وقد خسر الدولار خلال تلك الفترة أكثر من 9 في المئة من قيمته أمام عدة عملات، ما عزز الاعتقاد بأن الأسواق لم تعد ترى فيه ملاذاً آمناً، وفق خانا، الذي تساءل “إن كنا أمام أزمة مؤقتة أم بداية نهاية الدولار كعملة احتياط عالمية”؟
ويستعرض الكاتب تجارب سابقة صمد فيها الدولار، مثل صدمة نيكسون عام 1971، والأزمة المالية عام 2008، والتي رغم أنها بدأت في الولايات المتحدة، أدّت إلى تدفقات مالية نحو الدولار.
لكنه يلفت إلى أن هذا “التفاؤل التقليدي” لم يعد يلقى القبول نفسه، مشيراً إلى تحوّل في النظرة العالمية تجاه الولايات المتحدة كقوة اقتصادية وسياسية مستقرة.
وينقل خانا عن محللين وقادة آسيويين أن العالم يتّجه نحو نظام دولي جديد، خاصة مع تزايد الحمائية الأمريكية، ويستدعي تجربة انهيار الجنيه الاسترليني بعد الحرب العالمية الثانية، ليرى فيها تشابهاً محتملاً مع ما قد يواجهه الدولار، خصوصاً في ظل تفاقم الدين الأمريكي واقتراب الصين من مزاحمة واشنطن تجارياً.
ورغم أن الدولار لا يزال يتمتع بمزايا مثل عمق السوق وتسعير السلع به، إلا أن هذه الركائز بدأت تتآكل، بحسب خانا، مع تزايد التشكيك باستقلالية المؤسسات الأمريكية، وبدء دول في آسيا، تحديداً، بتقليل اعتمادها على الدولار، واستخدام اليوان في تمويل التجارة.
ويحذّر الكاتب من أن تآكل هيمنة الدولار قد يضعف قدرة الولايات المتحدة على تمويل عجزها، ويقلّص من نفوذها المالي، مؤكداً أن نهاية هذه الهيمنة قد لا تكون وشيكة، “لكننا بالتأكيد وصلنا إلى بداية النهاية”.
بي بي سي عربي