شيء في غاية الجدية .. مشكلة نتيجة الشهادة السودانية: أزمة تقنية أم فوضى سيادية؟

شيء في غاية الجدية .. مشكلة نتيجة الشهادة السودانية: أزمة تقنية أم فوضى سيادية؟
مقدمة:

تُعد نتيجة الشهادة السودانية واحدة من أهم المحطات المصيرية في حياة الطلاب السودانيين، وهي الخطوة الفاصلة بين التعليم العام والتعليم العالي. إلا أن الإعلان الأخير للنتيجة كشف عن مشاكل عميقة تعكس هشاشة البنية الرقمية، وتداخل المصالح، وغياب الحوكمة الإلكترونية الرشيدة. ومن واقع خبرتي السابقة كمدير للإدارة العامة لتقنية المعلومات والاتصالات بوزارة التعليم العالي، والتي ترتبط مباشرة بإعلان النتيجة من حيث إجراءات القبول، يمكن تحليل المشكلة من ثلاث زوايا رئيسية:

الزاوية الأولى: اضطراب في البيانات وهيكلة أرقام الجلوس

الزاوية الثانية: اختفاء الموقع الرسمي لإعلان النتيجة

الزاوية الثالثة: تكلفة الحصول على النتيجة

توصيات ومقترحات:

  1. التحقيق الرسمي في حادثة سقوط الموقع الرسمي لإعلان النتيجة، وتحديد ما إذا كان الأمر إهمالًا أو تخطيطًا متعمدًا.
  2. مراجعة شاملة لهيكلة أرقام الجلوس ونظام قاعدة البيانات، مع اعتماد رقم موحد لا يتكرر مهما اختلف المسار.
  3. إنشاء المركز السوداني للرقمنة السيادية لإدارة منصات الدولة الحيوية إلكترونيًا بعيدًا عن التبعية لشركات أو جهات غير خاضعة لرقابة مباشرة.
  4. تنظيم مؤتمر صحفي شفاف من وزارة التربية والتعليم لشرح ملابسات المشاكل التي ظهرت في النتائج، وتفنيد الشائعات، وبناء الثقة.
  5. إعادة تسعير خدمات الرسائل النصية بما يعكس التكلفة الحقيقية، ويضمن عدالة الوصول للمعلومة، لا سيما في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر.

خاتمة

رغم كل هذه الإشكالات، لا بد من الإشادة بالمجهود الجبار الذي بذلته إدارة الامتحانات ووزارة التربية والتعليم في ظل حرب شرسة وظروف استثنائية. هذا المقال ليس هجومًا، بل نداء للتقويم والتطوير، فالحق في المعلومة والعدالة التقنية من حقوق الطالب، ولا يجوز أن يُعامل كـ”سلعة رقمية” في سوق الربح الفوضوي.
وليد محمد المبارك
مدير إدارة البحث والتطوير وضبط الجودة
إدارة تقانة المعلومات
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

Exit mobile version