كيف يقودنا بيان الرباعية نحو مزيد من (البل بس).
- بيان ما يسمى بالرباعية المكونة من وزراء خارجية أربعة دول هي (الولايات المتحدة الأمريكية _ السعودية _مصر _الإمارات) بيان يكشف طبيعة مستويات الصراع على السودان، وهذه حالة معقدة ومركبة تحتاج لتريث ومتابعة ومعلومات لكشفها، وتحتاج قبل ذلك لإطار نظري متماسك قادر على تقييم الموقف وفهم وتفسير المعلومات.
-
أولا: نحن نتحدث من منطلق التوجه الوطني الداعم للسيادة الوطنية والمدافع عن بقاء الدولة السودانية والذي يمتلك سردية حرب الكرامة. عليه بقية النقاط ستكون من هذا المنطلق.
-
ثانيا: البيان خطير في مضمونه الحرفي لأنه مطابق في عناصره الرئيسية لدعاية وسردية جماعة صمود والدعامة والإمارات عن الحرب، وهو أول بيان ترد فيه مصطلحات من قاموس المليشيا والقحاتة التضليلي، مفاهيم مثل (الأخوان المسلمين) (جماعات التطرف) وغيرها من الجمل والمفاهيم التي تحمل نفس المعنى.
-
ثالثا: خارطة الطريق المطروحة في البيان تتضمن عودة المليشيا والنظر لها كطرف مقابل للجيش، والدعوة لهدنة ووقف إطلاق نار بما يتضمن اعتراف سياسي بمفهوم مناطق السيطرة، ومن ثم تدعو الخارطة لتشكيل حكونة بما يفهم منه عدم اعتراف بالحكومة الحالية وتجاهل لها.
-
رابعا: نجد ربطا للجانب العسكري بالحوار الثنائي بين الطرفين وفق تعريفهم وبعملية (مدينة جدة) وربطا للحوار السياسي (بالقاهرة) ومؤتمر القوى السياسية الذي عقد في منتصف عام ٢٠٢٤.
*كيف نقيم هذا البيان إذن وفق النقاط السابقة:
سنبدأ من الخارج للداخل، من العالمي للمحلي.
أولا: موقف الأمريكان نحو السودان موقف لا يحمل أي تفاصيل ولا خطة محددة، بل الأمريكان ينظرون للسودان في إطار الشرق الأوسط الكبير، لذا حين نرى عبارة مثل (أمن البحر الأحمر الواسع) فهذا ما يرونه حاليا ويفهمونه عن السودان. وبقية الدول الإقليمية في الرباعية هي جزء من هذا الحلف الأمريكي في المنطقة.
ثانيا: هناك عدم انسجام جوهري بين القوى الإقليمية، والمسافة بين الإمارات وبين السعودية ومصر من جهة مسافة كبيرة حتى مع توقيع البيان، عليه فإن مستقبل الرباعية وانسجام عملها ضعيف جدا، لاسيما وأن المسار العسكري ذو صلة بالسعودية والمسار السياسي يظهر ذو صلة بمصر.
ثالثا: توجد قطعة مهمة ناقصة وهي غياب آلية مثل البعثة الأممية (يونيتامس) السابقة والتي كانت تعمل تحت بند أممي بمهام سياسية واضحة، فولكر بيرتس كان حجر الزاوية في أي مشروع تآمري على السودان، وغياب هذه الآلية يجعل البيان مهما كان خطيرا في لغته لكنه يظل في حدود بيان من أربع دول نحو دولة ذات سيادة غير ملزمة بهم مع بغياب أي آلية سياسية أممية لفرض أي شيء على السودان. هذه نقطة مهمة جدا بالذات لمن يتذكرون الوضع في العام ٢٠٢٢م ولغاية أبريل ٢٠٢٣ ومهام فولكر بيرتس السياسية. هذه القطعة غائبة ولا بديل لها.
رابعا: استخدام عبارة مثل (جماعة الأخوان المسلمين) معطى سلبي لأنه تضليلي، لكن لا أهمية كبيرة له حاليا، فالبيئة الداخلية ليست النقطة الأهم في البيان حاليا، وعمليا فنحن نعرف أن الحرب هي حرب ضد السودان ودولته وطريقة التعبير الدينية والوطنية والقومية هي جزء أصيل من التركيب السوداني المحلي ولا صلة لها بأي تنظيم دولي أو إرهابي وعليه ستستمر العوامل الداخلية التي تعزز دفاع السودانيين عن وطنهم دون تراجع ودون اكتراث ببيان الرباعية بل ربما يغذيها أكثر.
أخيرا:
لا يوجد أي أفق منتظر للبيان في المدى القريب، وفرح القحاتة العملاء بالبيان عبارة عن هستيريا رغائبية فقط، والعكس تماما هو ما سيحدث. فالبيان يتضمن اعترافا بمنطق القوة، والميدان هو الفيصل لذلك فإن النتيجة المنطقية هي:
مزيدا من (البل بس)
هشام الشواني
