لينا يعقوب وأحمد طه وتجاوز الخطوط الحمراء

لينا يعقوب وأحمد طه وتجاوز الخطوط الحمراء

بقلم: فايز السليك

خلال احد المواكب السلمية بعد انقلاب البرهان/ حمدان في أكتوبر ٢٠٢١ قال لي أحد المشاركين في الموكب ان مجموعة من المتظاهرين السلميين طالبت الأستاذة لينا يعقوب، مديرة مكتب قناتي ( الحدث/ العربية ) في الخرطوم بمغادرة مكان المظاهرات غضباً منها واتهامها بالانحياز للانقلابيين.
لم افرح للتصرف، وقلت لهم انه تصرف غير حكيم لأن لينا تؤدي واجبها المهني، وليس بالضرورة أن تكون كل تقاريرها معنا.

للمفارقة؛ اقتحمت قوة من الأمن والشرطة مكتب القناة بمجمع النيلين واطلقت البنيان داخل المكاتب وضربت بالعصي كل الموجودين بما فيهم لينا نفسها؛ حيث تعرضوا للضرب والاهانات اللفظية، وكان سبب الاقتحام هو تغطية القناة لعنف مفرط مارسته الشرطة ضد المتظاهرين السلميين.
يعكس الحدثان خلال أسبوع واحد ضيق كل الأطراف بحرية العمل الاعلامي، وأن كل الأطراف لا ترضى عن الصحافي/ة حال بث رسالة اعلامية يعتبرها ضده.

كما يؤكد الحدثان أن لينا يعقوب، لا تسعى لارضاء اي طرف على حساب عملها.
تذكرت كل ذلك وانا اتابع حملة الشيطنة التي يقودها الفلول وأتباعهم من اسلاميين ودعاة الحرب ضد الإعلامية لينا.
معروف أن الاسلاميين مشهورون بأساليبهم الوقحة للعمل على مصادرة الفضاء العام، واسكات اي صوتِ يعتبرونه صوتاً لا ينتمي لهم.
شخصياً اضحك؛ من أحاديث الجهلة والغوغاء عن ( المهنية) ولا ادري ما هي علاقتهم اصلاً بالإعلام؟

لكن الأسوأ تورط صحافيين وصحافيات في الحملة ضد لينا، والمطالبة بإغلاق مكاتب القناة، هي ذات القناة التي يحتفون بتقاريرها التي كان يعدها الأستاذ نزار بقداوي، من ام درمان، ومن الخرطوم، وهي تقارير لم يستطع حتى الاعلام الحربي، والتوجيه المعنوي للجيش من انتاج مواد مشابهة لتقارير بقداوي!.

وهي ذات القناة التي منحت دعاة الحرب مساحات كبيرة للتعبير، بل من وجهة نظري، فإن قناة الحدث، تمنح الاسلاميين والخبراء الاستراتيجيين مساحات أكبر من تلك التي تمنحها لاعلاميين يقفون ضد الحرب؛ بل توقفت القناة فترات طويلة من استضافة إعلاميين لا ينتمون لا للجيش ولا للدعم السريع.
والغريب ان احد مسؤولي السياسات التحريرية في قناة الحدث، هو الأستاذ أحمد القرشي، الذي رشحوه لوزارة الإعلام، بل هو محسوب على معسكر الذين ينادون بإغلاق القناة، وبطرد لينا يعقوب.

سبب كل هذه الضجة ان لينا اعدت تقريراً عن وجود الرئيس المخلوع عمر البشير في مجمع مروي، وأنه يعيش حياة هادئة وتتوفر له كل وسائل الراحة، واعتبروا ان لينا قصدت ارسال احداثيات مكان تواجد البشير، وكأن استخبارات الدعم السريع لم تكن جزءً من السلطة الحالية ولا تعرف معلومات عن مروي او غيرها!..
جانب آخر في شيطنة لينا وتهديدها هو محاولة ربط قناة الحدث بدولة الامارات العربية المتحدة؛ مع العلم أن القناة سعودية الملكية ونقلت مكاتبها إلى الرياض بدلاً عن أبوظبي.
إن الحملة المستعرة ضد الأستاذة لينا يعقوب، تشكل تهديداً مباشراً لحياتها، ومحاولة لالحاق الأذى الجسدي والمعنوي لإعلامية ناجحة وذكية.
هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، وسبق ان تعرضت لينا لحملات عديدة، مثلما تعرضت الأستاذة مها التلب ، العاملة بقناة الشرق بورتسودان لحملة بسبب انها نسبت تصريحات لمصادر من قوات الدعم السريع؛ لأنهم يريدون الأخبار طريق لاتجاه واحد.

هو ذات الاتجاه الذي يريدون فرضه على مذيع قناة ( الجزيرة ) احمد طه؛ مع ان هوية القناة معروفة، وتوجهها معلوم، لكنهم يريدون كل شي تحت السيطرة الكاملة، فهم يشكون حملات ضد طه، لأنه يحاصرهم، مثلما يحاصر جميع مضيفيه، احمد طه مذيع يتمتع بذكاء،واضح، ومتابعة دقيقة للأحداث، وقدرة فائقة على طرح الأسئلة المباغتة، ولأن الضيوف القادمين من معسكر الاسلاميين يفتقرون للقدرات، ولا يمتلكون حجة قوية فدوما يسقطون امام الضيوف القادمين من القوى المدنية والسياسية الرافضة للحرب.

ماهو الذنب الذي يقترفه مذيع عندما يسألك عن ( من المسؤول عن نمو وتمدد الدعم السريع؟. أو عندما يقول ضيف ما أن حمدوك، كان يحكم الانتقال وهو سبب كل الكوارث، إلا أن المذيع يباغتك سائلا هل كان حمدوك يحكم وحده؟ هنا يتلجلج الضيف، وقبل أن يبلع ريقه يحاصره المذيع( او لم يكن البرهان حاكما؟ ثم ماذا بعد ان ذهب حمدوك؟ من المسؤول؟.ولأن الضيف جبان وكاذب يشعر بالضعف، ويدلاً من مواجهة ذلك، يهرب نحو ( الوسائل الدفاعية) في علم النفس، التبرير، والبحث عن مشجب يعلق فوقه خوفه، هنا احمد طه منحاز، وغير مهني، هذا هو التفسير المريح، التفسير الذي يمتص صدمة الشعور بالهزيمة النفسية.

إن مشكلة لينا وطه، تكمن في تجاوزهما الخطوط الحمراء التي رسمها منتدقدوهم، خطوط للتدليس والتضليل والتزييف.

Exit mobile version