قال إنه لن يترشح في انتخابات 2020 البشير.. حينما يتوافق هوى النفس مع الدستور

مرة أخرى يطلق رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، وعداً بعدم الترشح في الانتخابات، ومرة أخرى يبرز السؤال مجدداً: هل يملك المؤتمر الوطني بديلاً أو خليفة للرئيس حال مضى في طريق التنحي، أم أن قادة الحزب سيقطعون الطريق – كما فعلوا سابقاً – أمام البشير، ويطالبونه بالترشح امتثالاً لرأي الحزب ورغبة جماهيره؟!

الشاهد أن الرئيس البشير قطع هذه المرة بأنه نفسه تواقة إلى حمل لقب الرئيس السابق، على اعتبار أنه جالب لاحترام الشعب، وهو ما يمكن تفسيره بأن حديث البشير ليس موقفاً سياسياً فقط، وإنما رغبة متأصلة في نفسه وذاته، الأمر الذي يوحي بأن الأمور ربما لن تكون عليه في انتخابات (2020م) المقبلة.

النقطة المهمة هي أن البشير أشار في حديثه مع صحيفة “الشرق الأوسط”، إلى أن دستور البلاد الانتقالي للعام 2005م لا يتيح له الترشح لأكثر من دورتين وأكد على أنه سيكون سعيداً بالترجل وسيكون أسعد بلقب “فخامة الرئيس السابق” دون مسؤوليات.

الثابت أن حديث البشير يضع المؤتمر الوطني أمام امتحان البديل، ويدفع بالأسئلة حول مدى جاهزية الحزب الحاكم للوضع الجديد دون وجود الرئيس البشير وهو الذي يُقال إنه صاحب شعبية تفوق شعبية الوطني نفسها.

إعلان عدم ترشح

في العام 2012م قال الرئيس عمر البشير إنه لن يترشح مجدداً لرئاسة السودان وأضاف في تصريحات لصحيفة “الراية” القطرية، حينها: “إن المؤتمر العام لحزب المؤتمر الوطني سيعقد مؤتمره في العام 2013 وسينتخب رئيساً للحزب سيكون بالتالي مرشحاً للرئاسة في انتخابات العام 2015م”. ولكن ما حدث في المؤتمر العام للمؤتمر الوطني غير ذلك إذ ترشح عدد من القيادات في مواجهة الرئيس البشير لرئاسة الحزب وفاز البشير ونال ثقة الحزب وأصبح مرشحه لانتخابات رئاسة الجمهورية في أبريل 2015م.

يومها مضت التبريرات ناحية أن المرحلة تتطلب وجود البشير على رأس الحزب، إضافة إلى أن هناك قادة أظهروا خوفاً من تضعضع تماسك الحزب حال ذهاب البشير الذي يجد إجماعاً كبيراً دون غيره من القيادات داخل الوطني، وبناء على ذلك خضع البشير لرغبة الكثيرين داخل حزبه بأن ترشح لرئاسة الجمهورية عن حزب المؤتمر الوطني قبل أن يأتي رئيساً للجمهورية بناء على نتائج الانتخابات لفترة تنتهي في أبريل من العام 2020م، وهو التاريخ الذي تواثقت عليه أحزاب ليكون موعداً للانتخابات عقب انتهاء أمد حكومة الوفاق الوطني.

حديث دستوري

المهم أن البشير قطع في حواره مع صحيفة “الشرق الأوسط” بأن الدستور الحاكم للسودان الآن هو دستور 2005م، وقال: “بالتالي فإنه بنص الدستور أكون قد أنهيت المدة، ولن أستطيع أن أترشح مجدداً”. وأضاف البشير أنه سيجد متعة في مناداته بلقب الرئيس السابق مضيفاً بأن الكل سيحترمك كرئيس سابق وينادونك في الشارع “يافخامة الرئيس” دون أدنى مسؤوليات”.

وهذا يعني أن رغبة البشير الشخصية تلاقت مع منطوق الدستور، ما يعني أن الأمر ربما لن يكون خاضعاً – هذه المرة – إلى تقديرات قادة المؤتمر الوطني، أو رجاءاتهم التي أجبرت الرئيس على قبول التكليف لمرة أخرى، على نحو ما ذكره عدد كبير من قادة المؤتمر الوطني.

وتنص المادة (57) من دستور السودان الانتقالي لسنة 2005م والخاصة بأجل ولاية الرئيس الجمهورية على أنه “يكون أجل ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه لمنصبه، ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب”. ولعل ذلك ما جعل الرئيس يطلق حديثه حول عدم رغبته الترشح في الانتخابات المقبلة. ومن هنا تتناسل الأسئلة عن مدى جاهزية حزب المؤتمر الوطني على إعداد بديل أو خليفة للرئيس، خاصة أن البشير بحسب – كثيرين – يعد الأكثر قبولاً لدى الشارع السوداني، من قادة حزب المؤتمر الوطني الآخرين. وجرياً على ذلك اطلق البعض مقولة أن البشير يملك قاعدة شعبية تتخطى قواعد حزبه، وهذا ما سيجعل حزب المؤتمر الوطني على المحك في انتخابات العام 2020م، حال غاب عن قوائم المترشحين.

مرحلة جديدة

ويرى مراقبون أن الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عمر البشير مطلع العام 2014م من خلال خطاب الوثبة الشهير، يعتبر مرحلة من مراحل التحول الديمقراطي، وخاصة بعدما وصل الحوار الوطني في العاشر من أكتوبر من العام المنصرم الى مرحلة توقيع القوى المشاركة فيه على الوثيقة الوطنية. ومعلوم أن البلاد ستشهد تشكيل حكومة الوفاق الوطني في الأيام المقبلة، والتي ستُكمل الأجل الإنتخابي باعتبارها حكومة انتقالية تهيئ المناخ لانتخابات العام 2020م، وقريباً من ذلك صرح الرئيس البشير بأنه سيقود البلاد بمعية الأحزاب التي شاركت في الحوار إلى إكمال فترته الانتخابية ليصل الجميع للاستحقاق الانتخابي عبر الوفاق الوطني.

تحصيل حاصل

ورأى القيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور ربيع عبد العاطي في حديثه لـ(الصيحة) أن حديث الرئيس البشير عن عدم ترشحه في انتخابات العام 2020م حديث منطقي وموضوعي بحكم الدستور الذي يحكم السودان وأضاف ربيع بأن حزبه ملتزم بالدستور تماماً، مؤكداً على أن الوطني يملك آلافاً من الكوادر التى لا يمكن إحصائها، وزاد بأن ما أثير عن عدم ترشح البشير مرة أخرى ليس إلا تحصيل حاصل، مؤكدا إنهم في الوطني جاهزون لهذا الأمر الحتمي بمغادرة البشير للرئاسة.

وتطابق حديث عبد العاطي، مع رأي القيادي بالمؤتمر الدكتور الفاضل حاج سليمان الذي قال لـ(الصيحة) إن المادة 57 من الدستور الإنتقالي تنص على أن يترشح الشخص لدورتين لا غير وهي الفترة التي قضاها الرئيس البشير في الحكم، وأضاف الفاضل بأن المؤتمر الوطني يُفترض أن يكون قد تهيأ لهذا الأمر بتجهيز الخليفة القادم، وزاد الفاضل: “إن حديث الرئيس البشير دستوري استناداً على المادة 57 وليس به مفاجأة ولا جديد بواقع النص الدستوري”. وأضاف الفاضل أن الدستور جاء مع رغبة الرئيس الذي لا يرغب في الترشُّح كما طرح ذلك من قبل كثيراً.
الصيحة


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.