صحيفة الغارديان تنشر اعترافات أحد المرتزقة الكولومبيين شارك في حرب السودان

سودافاكس – نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تحقيقًا موسعًا يكشف تفاصيل صادمة حول مشاركة مرتزقة كولومبيين في الحرب الأهلية الدائرة في السودان، حيث أكد أحدهم، يُدعى “كارلوس”، أنه شارك في تدريب مجندين سودانيين، من بينهم أطفال، ضمن صفوف قوات الدعم السريع في مدينة الفاشر غربي البلاد.
وقال كارلوس: “في السودان، ينام الجميع في الليل دون حراسة، لكننا كولومبيون، معتادون على نوع مختلف من الحروب”. وأضاف أن فرقهم توغلت في عمق الأراضي القتالية ليلاً، ما أدى إلى اندلاع معارك دامية وسقوط عدد كبير من القتلى.
من كولومبيا إلى السودان مرورًا بالصومال
بدأت رحلة كارلوس من العاصمة بوغوتا، حيث خضع لفحوصات طبية ووقّع عقدًا براتب شهري يبلغ 2600 دولار أمريكي. بعد ذلك، نُقل جوًا عبر أوروبا إلى إثيوبيا، ومنها إلى قاعدة عسكرية إماراتية في بوساسو بالصومال، قبل أن يتم إرساله إلى نيالا في السودان، والتي أصبحت مركزًا لتجمع المرتزقة الكولومبيين.
تدريب أطفال سودانيين على القتال
كشف كارلوس أن مهمته الأولى كانت تدريب مجندين سودانيين، معظمهم من الأطفال، على استخدام البنادق الهجومية والرشاشات وقاذفات “آر بي جي”، ليتم إرسالهم مباشرة إلى ساحات القتال. ووصف الأمر بأنه “فظيع ومجنون”، مضيفًا أن “هكذا هي الحرب”.
الفاشر… مركز المأساة والمجازر
نُقلت وحدة كارلوس لاحقًا إلى مدينة الفاشر المحاصرة، التي تعدّ إحدى أكثر مناطق السودان دموية. وبحسب التحقيق، أقامت قوات الدعم السريع جدارًا بطول 32 كيلومترًا حول المدينة، وأعدمت من حاولوا الفرار، في حين وصفت الأمم المتحدة ما حدث في مخيم زمزم للنازحين بأنه من “أسوأ المجازر في الحرب”، حيث قُتل ما بين 300 إلى 1500 شخص.
صور ومقاطع توثق وجود المرتزقة
شارك كارلوس صورًا ومقاطع فيديو مع صحيفتي لا سيلا فاسيا والغارديان، تُظهر مرتزقة كولومبيين أثناء القتال في السودان، بينهم مراهقون يشاركون بعلامة النصر، وآخرون يطلقون النار من خلف جدران مدمرة أو يستخدمون قذائف الهاون لاستهداف مواقع في ضواحي الفاشر.
كولومبيا… أكبر مصدر للمرتزقة في العالم
يُشير التحقيق إلى أن كولومبيا أصبحت واحدة من أكبر الدول المصدّرة للمرتزقة في العالم، بفضل تاريخها الطويل في الصراعات الداخلية التي امتدت لأكثر من نصف قرن، ما أفرز مقاتلين ذوي خبرة عالية.
تقول إليزابيث ديكنسون، كبيرة محللي مجموعة الأزمات الدولية: “جنود كولومبيا تلقوا تدريبات ممتازة وخاضوا معارك في ظروف بالغة الصعوبة، ما يجعلهم مؤهلين للقتال في أي مكان”.
من اليمن إلى السودان… المرتزقة الكولومبيون أداة بيد القوى الإقليمية
بحسب الخبير شون ماكفيت، تصاعد استخدام المرتزقة الكولومبيين خلال العقد الماضي، حيث استعانت بهم الإمارات العربية المتحدة في حرب اليمن، ثم توسّع دورهم لاحقًا إلى مناطق أخرى مثل السودان. وأضاف: “استخدام المرتزقة يمنح الدول مسوغًا للإنكار عندما تُتهم بانتهاكات حقوق الإنسان”.
كارلوس: “هذه ليست وظيفة شريفة، لكنها تجارة”
اعترف كارلوس بأنه غادر السودان بسبب مشكلات في دفع الرواتب، مشيرًا إلى أن ثلاثين مرتزقًا تركوا الخدمة معه، في حين كانت دفعات جديدة تصل باستمرار. وقال: “هذه ليست وظيفة قانونية أو شريفة، لكنها تجارة. الحرب تجارة”.
عودة تجارة المرتزقة إلى الواجهة
أشار الخبراء إلى أن تجارة المرتزقة التي تراجعت في القرن العشرين عادت إلى النمو بسرعة، مع ازدياد الطلب على المقاتلين ذوي الخبرة. ويقول ماكفيت: “نعود إلى زمن كانت فيه الجيوش الخاصة تصنع القوى العظمى. الأمر أشبه بعودة إلى العصور الوسطى”.
خلاصة التحقيق
يكشف تحقيق الغارديان عن وجهٍ مظلمٍ للحرب في السودان، حيث يختلط المال بالدم، ويُستغل الأطفال في القتال، وتتحول الجيوش الخاصة إلى أدوات بيد القوى الإقليمية، في صراع لا يبدو أن له نهاية قريبة.
سودافاكس



